ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي برهان الدين دوران، أن تركيا تقوم بدبلوماسية استثنائية لوقف التوتر الإسرائيلي-الفلسطيني، باعتبارها "الدولة التي تبذل أكبر قدر من الجهود من أجل ضمان النظام والاستقرار والأمن والتطبيع في المنطقة".
وقال دوران، وهو مدير مركز سيتا التركي للدراسات والأبحاث، إن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية برية، بقتل مئات المدنيين الفلسطينيين كل يوم، وأن "الحصار الشديد، الذي لا يسمح بالمساعدات الإنسانية، أدى إلى تعطيل المستشفيات في غزة. لقد تراكمت المساعدات في مصر والمأساة في غزة تتعمق".
وأوضح في مقال بصحيفة صباح التركية أن الجملة التي تلخص الوضع الحالي على أفضل وجه هي: "غزة تغرق، ويبدو أن العالم فقد إنسانيته". هذه الصرخة "هي جملة من بيان المفوض العام للأمم المتحدة لإعادة الإعمار لازاريني في اليوم السابق. وبطبيعة الحال، فإن القصف والحصار الإسرائيلي العنيف هو الذي يخنق غزة".
وأكد أن موقف إسرائيل، الذي صم آذانه عن الدعوات إلى "عدم قتل المدنيين والسماح بالمساعدات الإنسانية"، يثير ردود فعل متزايدة، ونهج المجتمع الدولي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني آخذ في التغير".
وتابع الكاتب التركي: "إن نهج إسرائيل المحتلة، الذي فعل في الماضي ويحمل الآن جميع سكان غزة المسؤولية عن هجوم حماس، يقترن بالانتقاد. انتقدت روسيا والصين حقيقة أن ما تفعله إسرائيل هو الآن "عقاب جماعي" للفلسطينيين.
كما قام الزعيم الروسي بوتين بتشبيه الحصار على غزة. بـ"حصار لينينغراد" خلال الحرب العالمية الثانية. كما أثرت الانتقادات المتزايدة على خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعطى إسرائيل تفويضا مطلقا..
في مقابلة يوم الأحد الماضي، قال بايدن: "سيكون من الخطأ أن تحتل إسرائيل غزة". ودعا إلى حماية المدنيين وعين مبعوثا خاصا للمساعدة الإنسانية. ويدعم بايدن سياسة نتنياهو المتمثلة في "تدمير حماس بالكامل"، قائلا: "يجب أن يكون هناك طريق لإقامة دولة فلسطينية". هناك عدة أسباب لهذا التغيير في موقف الولايات المتحدة.
رد الفعل الضميري المتزايد للمجتمع الدولي، واحتمال فشل العملية البرية الإسرائيلية، وإشعال حرب إقليمية مع تورط حزب الله في الصراع، وقتل الفلسطينيين إلى درجة تضع القادة العرب في موقف صعب أمام شعوبهم. ومع ذلك، إذا تذكرنا أن الرئيس الذي اعتاد أن يقول "أنا صهيوني" في الماضي ووزير الخارجية الحالي (بلينكن) قال "أنا هنا كيهودي" خلال زيارته لإسرائيل، فإن الخطاب الأمريكي عن "الدولة الفلسطينية" لا يزال ضعيفا جدا وشكليا. العالم كله يعرف أن هناك دولة واحدة فقط يمكنها وقف مذبحة إسرائيل للمدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية، وهي الولايات المتحدة. وقلق الولايات المتحدة الآن هو منع توسع الصراع وفشل إسرائيل. ولم يتجاوز البعد الإنساني لخطابه.
وبينما تستمر الهجمات الإسرائيلية على غزة، فإن جميع دول المنطقة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، في حركة دبلوماسية مكثفة. يقوم وزير الخارجية بلينكن بجولة في الشرق الأوسط للاستماع من العواصم العربية حول العواقب الخطيرة المحتملة للكارثة الإنسانية في غزة على المنطقة. يعزز الدبلوماسيون الإيرانيون محور المقاومة في محادثاتهم. ترسل طهران رسالة مفادها أنه إذا غزت إسرائيل غزة، فإنها ستشارك في الصراع بطريقة ما. ويجتمع الرئيس أردوغان ووزير الخارجية فيدان مع الجهات الفاعلة الإقليمية ومن خارج المنطقة في محاولة لوقف الصراع وتقديم المساعدات الإنسانية وإنقاذ الرهائن. يعد بيان بايدن الأخير وجولة بلينكن علامة على أن انتقادات الرئيس أردوغان وتحذيراته للولايات المتحدة كان لها تأثير معين.
وباعتبارها الدولة التي تبذل أكبر قدر من الجهود من أجل النظام والاستقرار والأمن والتطبيع في المنطقة، تقوم تركيا بدبلوماسية استثنائية. إنها تتحدث إلى كل جانب وكل بلد مؤثر. كما أنها يعمل بشكل متواصل لإنقاذ الرهائن والتوسط. إن مجرد مقارنة سياسات الولايات المتحدة وإيران في هذا الصراع الأخير مع تركيا يقول الكثير. إن دبلوماسية السلام التي تنتهجها أنقرة هي انعكاس لسياسة جديدة بدأت مع الوباء وتستمر مع حرب أوكرانيا والآن مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!