ترك برس
رأى الخبير والمحلل التركي حقي أوجال، أن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وقواته العسكرية يتجه نحو نشر حربه إلى جيرانه، وأن "الصورة في المنطقة ليست قاتمة كما كانت عام 1967".
وقال أوجال في مقال نشرته صحيفة ديلي صباح إن نظام الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو محرض إسرائيل وشريكها في الجريمة، بدأ بالفعل في تحريك الدّفة وتمهيد الطريق لذلك الهدف، بعدة ضربات في سوريا والعراق.
وأوضح أن الولايات المتحدة شنت عدة مجموعات من الضربات هذا الشهر على منشآت مرتبطة بإيران رداً على الهجمات المستمرة على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وشنت طائرات حربية إسرائيلية غارات جوية على طول الحدود مع لبنان، مدعيةً أن حزب الله المدعوم من إيران هاجم عدة مواقع للجيش الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي.
وقالت إسرائيل يوم الأحد إن مدنياً إسرائيلياً قُتل عندما أصاب صاروخ مضاد للدبابات أُطلق من لبنان، مركبةً بالقرب من مستوطنة يفتاح في الجليل الأعلى. وقصفت إسرائيل أيضاً "أصولاً في سوريا تابعة للجماعة المسؤولة عن إطلاق طائرة مسيرة على مدرسة في إيلات ليل الأربعاء". ولم تحدد إسرائيل كالعادة، المنظمة أو الجماعة التي كانت وراء هجوم الطائرات المسيرة على إسرائيل أو الأهداف، إن وجدت.
وتابع الكاتب: "أنا أتساءل هنا حول هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ لم يتم تسجيل أو التحقق من الوفيات المعلن عنها في المستوطنات الإسرائيلية من قبل أي مصادر مستقلة، بما في ذلك أولئك الـ 1400 إسرائيلياً ملحداً الذين قُتلوا في بعرس ونير أوز ورعيم، حيث تستغرق جنازاتهم أسابيع إن لم يكن أشهرا، ناهيك عن الطقوس المطلوبة للصلاة والتشييع لليهود المتدينين.
كذلك يشمل التساؤل عدد عناصر كتائب القسام التي تسللت إلى المنطقة المحتلة؟ إذ كانوا بحسب إعلان إسرائيل المبكر "نحو 200" وفي الأسبوع الماضي ارتفع العدد إلى 2000! وكم عدد طلقات الذخيرة التي كانت بحوزتهم؟
أما النقطة الأخيرة في هذه القضية فهي أن حتى الأرقام الواردة في الحسابات والخرائط الأكثر تفصيلاً لتلك الغارة المشؤومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لا يمكن أن تصل إلى 1400. ولكن هذا كله مجرد تساؤلات جانبية في الوقت الحالي".
وسائل الإعلام الغربية منحازة
وأكد أوجال أن وسائل الإعلام الغربية تصر على الإشارة إلى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن -ولا بد أن يؤدي- إلى إثارة الاضطرابات في جميع أنحاء العالم العربي. فعلى سبيل المثال، تساءلت مجلة الإيكونوميست الأسبوع الماضي عما إذا كان (أو متى) سيؤدي الصراع إلى إثارة الاضطرابات في جميع أنحاء العالم العربي.
وتعتقد المجلة أن مثل هذه الحرب ستتسبب بعدم الاستقرار لثلاثة أكثر مرشحين، وهم سوريا والعراق ولبنان. ويستند هذا التوقع إلى نتائج تحليل "نمذجة المخاطر" العلمية التي توصلت إليها المجلة والتي تفيد بأن تلك الدول "معرضة للخطر نظراً لقربها السياسي أو الجغرافي من الصراع".
وتابع المقال: نحن لا نحتاج إلى "نمذجة المخاطر" الخاصة بالمجلة باعتبارها تحليلًا مربكاً أو لا معنى له، بل يمكننا أن نرى ما الذي يفعله مجلس الحرب الإسرائيلي والأميركي المشترك الآن، وهو محاولة صرف الانتباه الدولي عن جهود التطهير العرقي المستمرة في غزة. وكيف أنهم تحت ستار "الوقف الإنساني للحرب مع حماس" يدفعون الناس من الشمال إلى الجنوب، وسرعان ما يتجه هذا النزوح من جنوب غزة إلى صحراء سيناء.
وفي الوقت نفسه، انقلب الرأي العام العالمي بالفعل ضد الشراكة الوطيدة الأمريكية الإسرائيلية، وخصوصاً بعد أن صار المشرعون الأمريكيون يتحدثون علناً عن عدد الأطفال الفلسطينيين القتلى الذي سيكون كافياً لكي يصدر الكونغرس الأمريكي قراراً يدعو إلى وقف إطلاق النار.
وبما أن بايدن نفسه بدأ يطلب بفتور من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "فترات توقف"، إن لم يكن وقف إطلاق النار، فسوف يحتاج الشريكان قريباً إلى تحويل الاهتمام العالمي بشكل حاسم من فلسطين إلى أماكن أخرى، حيث ستكون إيران مرشحاً مناسباً لجذب الانتباه، لكن بايدن بدأ مؤخراً في ملء جيوب الملالي بأموال إضافية تصل إلى 50 مليار دولار، وسيكون هذا المستوى من التناقض أكثر من اللازم بالنسبة لبايدن.
وإذا كان من الممكن اعتبار التحركات العسكرية الأخيرة لبايدن ونتنياهو مؤشرات، فإنهم كما يقول المثل الشائع، لن يتجرأوا على ضرب الحمار، لذا سيكتفون بضرب سرجه. وهذا يعني أن "أصول حزب الله المدعومة من إيران" سوف تستقبل الطلقات الافتتاحية، وعندما تجعل الضغوط الدولية المتزايدة ذلك ضرورة مطلقة، فإن الجيش الإسرائيلي سوف يبدأ توغلاته في سوريا ولبنان. ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي تغزو فيها إسرائيل أياً من البلدين، إذ أن محافظة الجولان السورية، التي تبلغ مساحتها 30 مرة مساحة مانهاتن، تخضع للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وفي عام 1981، قامت الحكومة الإسرائيلية بضم المنطقة فعلياً في خطوة لم تحظى باعتراف دولي. وكما نعلم جميعاً فإن إسرائيل لا تهتم كثيراً بالاعتراف الدولي أو عدمه.
الصورة لا تبدو قاتمة مثل عام 1967
نعم، هذه المرة الصورة في المنطقة ليست قاتمة كما كانت عام 1967. فحتى الولايات المتحدة تتظاهر بالعمل مع واي بي جي/بي كي كي الإرهابي، والذين يسمونهم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، كذريعةٍ لاحتلالهم لتلك المناطق في سوريا. ومع ذلك، فإن أي تهديد جدي للاحتلال الإسرائيلي في سوريا سيواجه بمقاومة من القوى العربية المعتدلة، وجماعات المعارضة ضد حكومة بشار الأسد، والأكراد المحليين والتركمان. وقد يبدو لبنان بمثابة عمل سهل بالنسبة لإسرائيل، لكنه لن يقاتل هناك فقط ما يسمونهم "الأصول المدعومة من إيران"، ولكن سيقاتل أهل السنة أيضاً الذين يدافعون عن بلادهم.
ولن تقبل تركيا بالبعثات الجانبية الإسرائيلية والأمريكية في كلا البلدين، التي تحاول صرف الانتباه بعيداً عن غزة وسط الاستعدادات لإقامة إسرائيل أكبر. وحتى لو لم يدافع عن تلك البلاد أحد، فإن تركيا سوف تتأكد من عدم تعرض سلامة أراضي لبنان والعراق وسوريا للخطر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!