ترك برس
أشاد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركي فخر الدين ألطون، بتوقيع اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين تركيا والعراق، على هامش الزيارة الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان، إلى بغداد الشهر المنصرم، مؤكدا أنها "تشكل خريطة الطريق للمسار المستقبلي لعلاقاتنا".
وقال ألطون في تصريحات لشبكة الجزيرة القطرية: "زار رئيس جمهوريتنا العراق للمرة الأولى منذ 13 عاما، وفي نطاق الزيارة تم التوقيع بين البلدين على 26 نصًا قانونيًا ثنائيًا يغطي جميع جوانب علاقاتنا، خاصة الأمن ومكافحة الإرهاب، والتجارة والاقتصاد، والنقل، والطاقة، والبيئة والزراعة. بالإضافة إلى التوقيع على مذكرة تفاهم رباعية بشأن التعاون في مشروع الطريق التنموي بمشاركة دولة قطر والإمارات العربية المتحدة".
أضاف: "وفي هذا السياق، ينبغي أن نسلط الضوء بشكل خاص على اتفاقية الإطار الإستراتيجي، التي تشكل خريطة الطريق للمسار المستقبلي لعلاقاتنا، ومن خلال هذا الاتفاق تقرر إنشاء لجان دائمة مشتركة مع مجموعة التخطيط المشترك حول مختلف موضوعات العلاقات الثنائية".
وتابع: "هكذا تم اتخاذ خطوة إستراتيجية لضمان أن تتمتع علاقاتنا مع العراق ببنية مؤسسية ومستدامة لن تتأثر بالتقلبات المفاجئة، وتكتسب هوية تصدر نتائج ملموسة، ونتفق مع العراق على ضرورة التنفيذ الفعال لهذه النصوص والمضي قدما في علاقاتنا الثنائية.
وكانت قضية المياه أيضا من بين البنود المهمة في جدول أعمال الزيارة، ومن أجل تطوير التعاون الدائم مع العراق على أسس منطقية وعلمية في مجال المياه، تم بالفعل تشكيل اللجنة الدائمة المشتركة وعقدت اجتماعها الأول في نوفمبر/تشرين الثاني 2023".
وذكر أن "الجفاف الخطير الذي شهدته السنوات الأخيرة بسبب تغير المناخ أثر سلبا على دول المنطقة، بما في ذلك تركيا؛ ولذلك فإن الاستخدام الفعال والمستدام لموارد المياه المتناقصة أمر مهم. وفي هذا السياق، نحن على استعداد لتقديم كافة أنواع الدعم للعراق من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة من أجل تطوير البنية التحتية للمياه وتحسين إدارة المياه في العراق".
وتابع ألطون:
"كان مشروع "طريق التنمية" بندا مهما آخر خلال زيارة الرئيس أردوغان، وتم خلال الزيارة التوقيع على مذكرتي تفاهم: "ثنائية" بين بلدنا والعراق بشأن التعاون في مشروع الطريق التنموي. و"رباعية" بمشاركة قطر والإمارات. وهكذا أكدنا مرة أخرى الدعم القوي الذي نقدمه للعراق في نطاق هذه المبادرة الإستراتيجية.
وبمذكرة التفاهم الرباعية، سجلنا عزمنا على المضي قدما في المشروع على أساس "الملكية الإقليمية". وفي هذا السياق، نشجع دول المنطقة الأخرى على المشاركة في المشروع.
ويعد مشروع "طريق التنمية" مبادرة مهمة للغاية على المستويين الإقليمي والعالمي لأنه جسر بين الخليج العربي وأوروبا، وتلعب تركيا في هذا المشروع دورا موحِّدا بين الشرق والغرب.
وصرح رئيس الوزراء العراقي بأن مذكرات التفاهم الموقعة "ستعمل على تحسين الشراكات وسيكون لها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي". وبصرف النظر عن الفوائد الاقتصادية للمشروع، فإنه سيقدم أيضا مساهمة كبيرة في التواصل العالمي متعدد الأوجه بين الدول.
كما تم خلال زيارة العراق مناقشة قضية الإرهاب بالتفصيل، ويشكل وجود بي كي كي والتنظيمات الإرهابية المماثلة أكبر عائق أمام تطور المنطقة. ومن دواعي السرور أن بغداد أعلنت أخيرا بي كي كي تنظيما محظورا.
وأعرب رئيس الجمهورية بوضوح عن تقديره لهذا التطور، وأكد أننا ننتظر إعلان بي كي كي رسميا تنظيما إرهابيا وإنهاء وجوده في الأراضي العراقية، حيث إنه في الأساس إذا لم ينته الإرهاب فلن يكون من الممكن المضي قدما في خطوات التنمية ومشاريع البنية التحتية الإستراتيجية، ونعتقد أننا سنحقق ذلك بالتعاون مع أصدقائنا العراقيين.
باختصار، إن الجهود التي بذلتها تركيا قبل هذه الزيارة والنصوص القانونية الموقعة خلال الزيارة توفر بيانات ملموسة حول رؤية تركيا لإنشاء حزام سلام حولها، وعلاقة المكاسب المتبادلة مع دول الجوار ودورها في تحقيق الاستقرار.
وفي هذا السياق، ينبغي تقييم زيارة الرئيس أردوغان إلى أربيل بعد قمة بغداد في إطار الغرض والسياسة نفسهما، إذ تم إبلاغ الإدارة هناك بعزم تركيا على مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى أن الرئيس أردوغان ذكّر حكومة الإقليم بضرورة المكافحة المشتركة للإرهاب، وذلك من أجل ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق وفي منطقتنا.
تركيا مستعدة لاتخاذ جميع الخطوات مع جميع الأطراف التي تدعم ضرورة عدم إنشاء دولة إرهابية على حدودها.
(الجزيرة: يبدو أن الدعم الأميركي لهذه التنظيمات مستمر، فهل هناك نقاش مع واشنطن بشأن هذه القضية؟)
لا يخفى على أحد أن لدينا وجهات نظر مختلفة مع الولايات المتحدة الأميركية، خاصة في ما يتعلق بوجود "بي كي كي" في سوريا وعلاقاتها مع هذا التنظيم الذي تحاول الولايات المتحدة تغطيته بتغيير اسمه.
لقد أدلى رئيس الجمهورية ومؤسساتنا ذات الصلة بتصريحات مستندة إلى بيانات ولعدة مرات في ما يتعلق بطبيعة هذا الانتقال، ولقد ذكرنا علنا وفي اللقاءات الخاصة أيضا أن هذا الوضع غير مناسب للعلاقات بين الحليفين في الناتو، ويمكن أن يعرض هذه العلاقات للخطر.
ورغم أن الولايات المتحدة ذكرت أنها قدمت هذه المساعدات من أجل محاربة "داعش"، فإننا أصررنا على أن محاربة الإرهاب لا يمكن خوضها بسياسة دعم تنظيم إرهابي ضد آخر، وأن هذا الوضع يمكن أن يزعزع الاستقرار الإقليمي، وباعتبارنا حلفاء في الناتو، فإننا ننتظر من الولايات المتحدة أن تتبع سياسة تعكس روح التحالف على أرض الواقع.
(الجزيرة: تحارب تركيا التنظيمات الإرهابية، خاصة بي كي كي منذ سنوات عديدة، فهل ستحل تركيا هذه المشكلة قريبا؟)
تجاوزت حرب تركيا ضد "بي كي كي" (حزب العمال الكردستاني) 40 عاما، ويمكنني القول إننا حققنا نتائج فعالة على صعيد تحييد الإرهاب والتنظيمات الإرهابية بإستراتيجية تجفيف الإرهاب من منابعه، التي أعلنها رئيس الجمهورية عام 2016، والتي نقوم بتحديثها وتنفيذها من وقت لآخر، وكانت مكونات هذه الإستراتيجية أن هدفنا واضح، وأسلوبنا وأدواتنا كانت فعالة.
وأصبح التنظيم غير فعال إلى حد كبير داخل حدود البلاد، ووصلنا إلى هذه النقطة مع تطور صناعاتنا الدفاعية، وخبرتنا في الحرب ضد الإرهاب، والجمع بين قدرة قواتنا الأمنية وتضحياتها.
(الجزيرة: هل حققت تركيا أهدافها العسكرية في شمالي العراق وسوريا؟ وإلى أي مدى سيستمر الوجود العسكري التركي هناك؟)
إن التطورات الإقليمية -للأسف- هيأت للتنظيمات الإرهابية أرضية جعلتها تكتسب فعالية، ومقابل هذا اضطرت تركيا إلى القيام بمكافحة الإرهاب بطريقة متكاملة خارج حدودها.
ولم تُستهدف تركيا بشكل مباشر من قبل "بي كي كي" فحسب، بل استهدفت أيضا من قبل عشرات التنظيمات المتعاونة مع هذا التنظيم وتنظيمات أخرى مثل "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية)، ولا زالت هذه التنظيمات تستهدفها، غير أن تركيا تمكنت من تأمين حدودها بفضل إستراتيجية المكافحة المتكاملة التي لخصتها قبل قليل.
وتحارب بلادنا العديد من التنظيمات، خاصة تنظيمي بي كي كي و"داعش" داخل الأراضي العراقية والسورية في إطار حق الدفاع عن النفس الناشئ عن القانون الدولي؛ ولذلك فإن التواجد والنشاط العسكري التركي داخل حدود هذه الدول لا يعد انتهاكا للحدود أو تدخلا ضد وحدة ومصالح هذه الدول، بل على العكس من ذلك، فإن وجودنا في إطار القانون الدولي من شأنه مساعدة هذه الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها وسلامتها.
إن سياستنا الأساسية -التي لم تتغير- هي تصريحات رئيس الجمهورية بشأن العديد من التطورات في العراق وسوريا، والتي يبين فيها أن الأولوية الأهم لتركيا هي الحفاظ على وحدة الأراضي وسلامة المؤسسات في هذه الدول. ولولا محاربة تركيا النشطة ضد بي كي كي وعناصره و"داعش" لكانت هذه التنظيمات أكثر فعالية في الدول التي ذكرتها.
وبالمناسبة، تركيا هي الدولة التي تحارب وحدها (من دون تحالفات) التنظيمات الإرهابية، وما دام تهديد هذه التنظيمات لتركيا وجيرانها مستمرا فسنواصل موقفنا الحالي بكل عزم.
وفي أعقاب "مذكرة التفاهم بشأن التعاون في مشروع مسار التنمية"، التي تم التوقيع عليها خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق استخدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عبارة "اتفقنا على التعاون الأمني الذي سيضمن استقرار تركيا والعراق". وهذه العبارة تمثل مؤشرا على الدعم المتزايد لتركيا في المنطقة في موضوع مكافحتها للإرهاب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!