
ترك برس - إسلام الغمري
“كنتَ كافرًا يا زهير بن أبي أميّة، حين أقبلتَ على الناس صارخًا: يا أهل مكة! أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى؟”
فما بالُنا اليوم؟
لو بُعث زهير في زماننا، لرأى أكثر من ملياري مسلمٍ يأكلون الطعام، ويلبسون الثياب، بينما أهل غزة يُذبحون ويُبادون على الهواء مباشرة.
تُقصف غزة في كل لحظة، تُدمَّر منازلها فوق رؤوس ساكنيها، وتُنتزع أرواح أطفالها من أحضان أمهاتهم، والعالم كله يشاهد، صامتًا، عاجزًا، أو متواطئًا.
أين الإنسانية؟
أين العروبة؟
أين المسلمون؟
أين نخوة المعتصم، وغضبة صلاح الدين، وغيرة عمر، وعدل محمد ﷺ؟
هل تحجَّرت القلوب؟ هل انطفأت شعلة الكرامة؟
هل صارت الدماء التي تسيل في غزة مشهدًا مألوفًا لا يثير فينا سوى لحظة حزنٍ عابرة أو تعليقٍ غاضبٍ في زوايا التواصل؟
ما يجري في غزة ليس معركةً بين جيشين، بل مجزرة علنية، يُمارسها الاحتلال الصهيوني بأسلحةٍ محرّمة، وبدعمٍ دوليٍّ صريح، وتواطؤٍ إقليميٍّ مخزٍ، وسكوتٍ شعبيٍّ قاتل.
غزة لا تحتاج إلى خطابات، ولا إلى كلمات تعاطفٍ عابرة، بل تحتاج إلى موقف، إلى صرخة، إلى فعل.
تحتاج إلى أمةٍ تصحو، وإلى ضميرٍ عالميٍّ يتحرّك، قبل أن تُمحى من الخارطة، لا قدّر الله.
غزة اليوم ليست مجرّد جرحٍ فلسطيني، بل جرحٌ في كرامة كل حرّ، وكل مسلم، وكل إنسانٍ لم يمت فيه الضمير بعد.
أيها العرب…
يا من تطوفون في المؤتمرات وتتنافسون في إصدار البيانات، هل من خطوةٍ عملية؟
هل من موقفٍ شجاعٍ يردع العدوان؟
هل من قرارٍ يُوقف شلال الدم قبل أن يتحوّل إلى لعنةٍ تطارد الصامتين والمتخاذلين؟
غزة تُباد على مرأى ومسمعٍ من العالم، تُمحى أحياؤها شارعًا شارعًا، وتُحرق مراكزها الصحية والمدارس والمستشفيات، بينما يُبرَّر ذلك تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”!
أي دفاعٍ عن النفس في قتل الرُّضَّع، وهدم البيوت فوق ساكنيها، وحصار أكثر من مليونَي إنسانٍ في رقعةٍ ضيقة، تُمنع عنهم الكهرباء والماء والدواء؟!
أي تبريرٍ هذا الذي يقبله العقل أو الضمير؟
غزة لم تطلب يومًا من العالم شيئًا سوى أن يتركها تحيا بكرامة.
لكنهم أبوا إلا أن يحاصروها، أن يجوعوها، أن يدمروها، ثم يسألون بكل برود: لماذا تُقاوم غزة؟!
فيا أحرار العالم…
إن صمتَّم اليوم، فلن ينجو أحدٌ غدًا.
ويا أبناء الأمة…
إن لم تُحرككم صرخات الأطفال، ودموع الأمهات، وأشلاء العائلات، فمتى تتحركون؟
غزة ليست قصةً تُروى، بل جرحٌ ينزف.
غزة ليست نشرة أخبار، بل عارٌ على جبين الإنسانية.
غزة ليست حربًا… بل إبادة.
⸻
خاتمة:
في غزة تُختَبر إنسانيتُنا، وفي صمتنا تُعلَن شهادتُنا على أنفسنا.
لا نريد خطاباتٍ ولا شجبًا ولا استنكارًا.
نريد تحرّكًا… نريد كسرًا لهذا الحصار القاتل… نريد دعمًا سياسيًّا وميدانيًّا وقانونيًّا وإعلاميًّا عاجلًا.
نريد من هذه الأمة أن تنهض… أن تغضب… أن تقول كلمتها، قبل أن تلعنها الأجيال، ويكتب التاريخ:
“هُدمت غزة، بينما العالم يتفرج”.
اللهم كن لأهلنا في غزة، اللهم عجّل بنصرك، اللهم احقن دماءهم، وداوِ جراحهم، وكن لهم وليًّا ونصيرًا.
غزة تُباد… فهل ماتت النخوة في قلوب البشر؟
فغزة اليوم لا تسأل عن الدعم بقدر ما تسأل: هل بقي في هذه الأمة قلب ينبض؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس