جلال سلمي - خاص ترك برس
بعد جهود مضنية اجتهد بها الرئيس الأمريكي نفسه بارك أوباما تم تأسيس تحالف دولي للقضاء على داعش مُكون من 20 دولة، وبعد تقييم بوتن للوضع على أنه خطير في سوريا من ناحية النظام طلب من البرلمان الروسي "دوما" إعطاءه الإذن لتنفيذ بعض العمليات العسكرية في سوريا وبالفعل أصدر الدوما بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2015 موافقته على تنفيذ روسيا لضربات عسكرية جوية في سوريا.
بتأسيس التحالف الدولي وبإصدار الدوما حق التدخل لروسيا أصبحت هناك معادلة دولية ضخمة تؤثر على الوضع المستقبلي لسوريا وتحدد مدى التأثيرات الوخيمة على وضع تركيا وخططها الاستراتيجية فيما يخص القضية السورية، وفي الوقت الذي تركز فيه تركيا ورأيها العام على موضوع مكافحة الإرهاب الداخلي، وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" وموضوع الانتخابات المُرتقبة بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 هناك العديد من التطورات التي تحدث في سوريا ويمكن أن تؤثر بشكل جسيم على تركيا واستراتيجياتها السياسية والاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة.
يُفيد الباحث السياسي في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" برهان الدين دوران، في مقال سياسي له بعنوان "التطورات الغائبة عن تركيا في سوريا" نُشرت في جريدة صباح التركية بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2015، بأن "من أهم التطورات الجارية في سوريا الآن والتي تؤثر على تركيا بشكل مباشر هو قيام الولايات الأمريكية المُتحدة بقطع آمالها من برنامج تعليم وتدريب قوى المعارضة السورية وترجيحها لقضية دعم حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" كأكثر الأحزاب العملية والقوية الجديرة بمحاربة داعش والقضاء عليها؛ وتًعد هذه التطورات من أخطر التطورات الجارية في سوريا والتي تؤثر على تركيا بشكل مباشر واستراتيجي وتعمل على عزلها عن الساحة السورية".
ويُشير دوران إلى أن "المخيمات التدريبية التي حاز عليها جزب العمال الكردستاني "بي كي كي" في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" والدعم الضخم الذي حصل عليه حزب العمال الكردستاني من شريكه الكردي حزب الاتحاد الديمقراطي تشكل أضرار وخيمة على تركيا ووضعها التكتيكي والاستراتيجي وتعجز تركيا عن صد هذا التطور في ظل وجود فراغ سياسي قوي على ساحتها الداخلية وفي ظل حاجتها إلى تحركات أقوى للتدخل في الأزمة الداخلية السورية بشكل مباشر".
ويبين دوران "بأن ما يزيد الطين بلة هو عدم قبول الولايات الأمريكية المُتحدة رحيل الأسد بشكل كامل وتصريحها بأنه يمكن أن يكون أحد أطراف الحل في المرحلة المُقبلة الأمر الذي أوجس تركيا من تذبذب القرار الأمريكي وعدم ثباته على نقطة مُحددة".
إلى جانب تذبذب القرار الأمريكي وعدم اتفاقه تكتيكيًا واستراتيجيًا مع القرار التركي؛ طفى على السطح، في الفترة الأخيرة، مزاعم تدخل روسيا الاتحادية في سوريا بشكل عسكري مباشر بهدف المحافظة على نظام الأسد قائم في سوريا الأمر الذي زاد من خسارة تركيا وخططها بما يخص القضية السورية.
وحسب موقع الجزيرة ترك الإخباري، الذي نشر تقريرًا خاصًا بالتدخل الروسي المباشر في سوريا تحت عنوان "ماذا تريد روسيا من التدخل العسكري في سوريا؟" نُشر على صفحتها الرسمية بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2015، تهدف روسيا بشكل أساسي إلى إرساء نظام الحل السياسي في سوريا وجعله الحل الأمثل والأوحد لهذه القضية المُزدادة تعقيدًا مع مرور الزمن، ولكن تسعى روسيا قبل الذهاب إلى الحل السياسي إلى تقوية نظام الأسد وجعل يده مليئة بالقوة والسيطرة والمقدرة السياسية والعسكرية.
ويفيد التقرير ذاته بأن "لبوتين بعض الأهداف الثانوية من ذلك التدخل وهي؛ إثبات قوة روسيا التي ما زالت تتمتع بكافة قوتها المتنوعة ولم تضعف على الرغم من الهزات الاقتصادية التي أصابتها بعض التدخل المباشر في أوكرانيا، القضاء على الداعش وخاصة المقاتلين الشيشان والقوقاز الموجودين بداخلها والذين يشكلون أكبر خطر عسكري على روسيا وأهدافها في القوقاز والمناطق المُحيطة بها، كهدف مُحتمل؛ تسعى روسيا لإعطاء رسالة قوية لإيران بأن روسيا ستبقى القوة الأكبر في المنطقة والعالم وتحركاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية هي الأجرأ في العالم خاصة بعد قيام إيران بالتقرب للغرب وإبرام بعض الاتفاقيات معه".
وحسب مايشير إليه التقرير في نهايته؛ بطبيعة الحال المتأثر الأول سلبًا من هذه الإجراءات والتطورات هي تركيا التي أصبحت بين مطرقة الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" وسندان الدعم الروسي لنظام الأسد وكلا المدعُومين يُشكلان خطرًا استراتيجيًا كبيرًا على تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!