جلال سلمي ـ خاص ترك برس
صرح رئيس الوزراء التركي أنذاك رجب طيب أردوغان، خلال أحداث غيزي بارك التي حدثت عام 2012، بأن "هناك 50% من مواطني تركيا تابعين لحزب العدالة والتنمية مازالوا في بيوتهم ولم يخرجوا إلى الشارع" ليؤكد بذلك أردوغان بأن حزبه حزب مُنتخب بطريقة شرعية وله شعبية تتجاوز ال50 % لو أمرهم أردوغان بالخروج فسيكونون كالسيول العارمة.
وحسب الكثير من الخبراء والمحللين؛ يبدو بأن أردوغان أراد الإشارة إلى حجم القاعدة الشعبية الضخمة التي يمثلها في تركيا على النقيض من حجم القاعدة الشعبية الصغيرة التي كان يُمثلها المنتفضون، في ذلك الوقت، على تطور تركيا وتقدمها.
وهذا ماأفاده الكاتب السياسي عُمُر تالو في مقال سياسي تقييمي له بعنوان "الـ50% ما زالت في حوزة العدالة والتنمية" نُشرت بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، حيث أوضح تالو أن "اليوم وبعد مرور ثلاث أعوام على هذه الأحداث عاد حزب العدالة والتنمية ليسطر قصة عشقه الشغوفة مع نسبة الـ50% التي عاد وحصل عليها بعد خسرته لها لفترة وجيزة، ويبدو بأن هذه النسبة العاشقة لم تستغني عن حزب العدالة والتنمية كثيرًا فعادت إلى أحضانه الجامعة لجميع طوائف الشعب بدون أي تفرقة أو تمييز بسرعة فائقة وبلهفة ملموسة".
وكما أشار تالو إلى أنه "في جميع الدول الديمقراطية حول العالم تخسر أحزاب الأغلبية أصواتها المؤهلة لها في تأسيس حكومة بمفردها ولكن لا يُذكر إلى الأن بأن هناك أي حزب أغلبية في أي دولة ديمقراطية حول العالم استطاع استرجاع 9 أو 10 بالمائة من نسبة أصواته خلال أقل من 5 شهور".
هذا نجاح باهر يُحسب لحزب العدالة والتنمية وكادره النشط الذي عاد للعمل الجاد بعد خموله بعض الشيء في انتخابات 7 حزيران/ يونيو ولكن عاد ليعمل بجد ونشاط عاليين أعاد من خلالهما عشق الطبقة الشعبية إلى صفه تلك الطبقة التي تركته ببعض الحزن لشعورها بالتخلي البسيط عن مبدأها ومصالحها ولكن اعتراف حزب العدالة والتنمية على لسان زعيمه أحمد داود أوغلو بأنه أخذ الرسالة من الشعب وعَلم بخطأه وم ثم عادة بوعود تُخاطب الحس الوطني والاقتصادي لهذه الطبقة فاسترضاه وعاد ليحصل على نسبته في ظاهرة هي الأولى من نوعها.
وفيما يخص حزب الشعب الجمهوري بقي على نسبته دون تراجع وتقدم ولكن حزبا الحركة القومية والشعب الجمهوري حققا خسارة وفشل ذريعين، إذ تراجع نسبة أصوات حزب الحركة القومية من 16,3% إلى 11,9% وتراجعت نسبة أصوات حزب الشعوب الديمقراطي من 13,1% إلى 10,07% واستطاع الأخير بالكاد تخطي الحاجز الانتخابي المُعرف قانونيا ً بنسبة 10%".
وبينت الكاتبة السياسية مروى أوروج، في مقال سياسي لها بعنوان "اختيار بشعور مُخلص" نُشر بتاريخ 2 نوفمبر 2015 في جريدة يني شفق التركية، أن "السبب الرئيس وراء تراجع أصوات حزب الحركة القومية يعود إلى موقف زعيمه دولت باهجلي الذي رفض جميع العروض التي قُدمت له من قبل حزب العدالة والتنمية ووصلت حدة رفضه إلى عدم قبول الانضمام إلى حكومة الانتخابات الدستورية التي يتم تأسيسها وفقًا للدستور من أجل قيادة وإدارة البلاد إلى حين إجراء الانتخابات المُبكرة، رفضه وتعنته للانضمام لأي عرض يعرضه عليه حزب العدالة والتنمية في ظل حاجة البلاد الماسة للتوافق والائتلاف جعل ثلة كبيرة من أنصار حزبه يحيدون إلى حزب العدالة والتنمية ويصوتون لصالحه لكي يتمكن من تأسيس حكومة بمفرده تكون قادرة على إدارة البلاد وحمايتها في ظل المخاطر التي تُحيط بها".
وأضافت أروج "السبب الرئيس وراء تراجع أصوات حزب الشعوب الديمقراطي هو اقتناع الناخب الكردي بأن الشعوب الديمقراطي لم يحقق له ما يريده، إذا كان الناخب الكردي يأمل من حزب الشعوب الديمقراطي اتخاذ موقف متوافق مع حزب العدالة والتنمية من أجل الاستمرار في نيل المزيد من الحقوق السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولكن حزب الشعوب الديمقراطي بشروطه غير المنطقية مثل تعجيل إجراء ثلة من التعديلات الدستورية لصالح المواطنين الأكراد وعدم تريثه في نوعية وكم المطالب الخاص بهذه التعديلات واشتراطه بقاء أردوغان بعيدا ً عن الساحة السياسية، جعل إمكانية التوافق بينه وبين حزب العدالة والتنمية مستحيلة وعادت عمليات الاقتتال والاشتباك الداخلي إلى المناطق الكردية الأمر الذي جعل المواطن الكردي يقتنع بأن حزب العدالة والتنمية هو الحزب الوحيد القادر على إعطاء الأكراد حقوقهم، وهذا ما جعل حزب الشعوب الديمقراطي يخسر ثقة المواطن الكردي حيال إماكنية إعطاءه حقوقه بطريقة سلمية سياسية توافقية".
مع رجوع أصوات الناخب القومي والناخب الكردي إلى حزب العدالة والتنمية تبدأ قصة العشق المتبادلة بين حزب العدالة والتنمية ونسبته الواصلة إلى 50% من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس