محمد بارلاص - صحيفة صباح
تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي عن أنّ "النظام التركي يسعى إلى أسلمة الدولة التركية، ويبدو أنّ أتاتورك يتقلب في قبره الآن"، وربما أصبح السياسيون الروس اليوم يتبنون الفكر "الكمالي"، أو أنّ بوتين قام باستشارة حليفته إيران "العلمانية" قبل إطلاق هذه الاتهامات تجاه تركيا، وعلى ما يبدو قام "آية الله" علي حسين الخامنئي بشرح معنى "أسلمة الدولة" للرئيس الروسي، بحُكم تجربته الواسعة في هذا المجال.
وعند الحديث عن "التقلب في القبر"، فإنّ أول ما يجب أنْ نذكره، هو أنّ من أسس "الدولة" الروسية، وأرادوا إدخالها في معمعة المنافسة على حُكم العالم، يتقلبون الآن في قبورهم، ولعل الزائر إلى قبور ايفان الرابع وميخائيل فيودورفيتش يستمع الآن إلى تحركاتهم وتقلباتهم في قبورهم، وربما لينين انقلب وغير وجهته في قبره.
لا أعتقد أنّ مؤسسي الدولة الروسية سعيدون اليوم بحالة الإفلاس التي تتجه نحوها روسيا، بعد انخفاض أسعار النفط، والأزمة التي عاشتها الدولة الروسية في كثير من الملفات، برغم أنّ روسيا ما تزال دولة مستقلة من حيث احتياجات الغاز والنفط، إلا أنّ بوتين قادها اليوم إلى شفى الهاوية، وهو ما يجعل مؤسسيها يتقلبون في قبورهم.
يوجد في وقتنا العاصر مصطلح جديد، وهو الصورولوجيا "imagology"، وهو يتحدث عن مفهومي "نحن" و"الآخرين"، فحينما يتحدث سكان دولة ما عن سكان دولة أخرى، نستطيع من خلال أحاديثهم تلك معرفة تشكيلهم الذهني، وليس فقط معرفة وجهة آرائهم حول سكان الدولة الأخرى، وانطلاقا من هذا المصطلح، نجد أنّ الحراك العسكري الذي يقوده بوتين، يسعى من خلاله إلى الستر على ضعفه، وعلى عجزه الاقتصادي.
نعيش صعوبة بالغة في فهم الشروط والظروف التي تحكم المرحلة العالمية الجديدة التي نعيشها الآن، ومن ذلك صعوبة فهم ما يقوم به بوتين، ولذلك سيبقى كل طرف يشاهد "الحرب الباردة" يتمسك بأنه الطرف "المحق"، والآخرين على باطل، وسيستمر ذلك طويلا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس