إبراهيم كالن - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
العام الجديد لم يأتِ بأي أنباء طيبة للعالم، ويبدو أن الفوضى والاضطرابات العالمية في المنطقة عام 2015 قد استمرت حتى عام 2016.
مالم يتم التوصل لدرجة معينة من توازن القوى على الصعيدين العالمي والإقليمي، سنجد تعميقًا في الصرعات الحالية وربما نشوء صراعات جديدة.
القوى العالمية والإقليمية تحمل مسؤولية كبرى في تشكيل مسار الأحداث في الأشهر القادمة. ويبدأ ذلك بالأزمة السورية.
استمرت الحرب في سوريا بلا هوادة بعواقب وخيمة على السلام والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط وخارجه.
أزمة اللاجئين التي وصلت إلى شواطئ أوروبا لا تزال مهمة شاقة بالنسبة لتركيا وأوروبا.
منذ انتشار "غرق الطفل أيلان الكردي" في 2 أيلول/ سبتمبر 2015 على عناوين الصحف في أنحاء العالم، فقد مئات الآلاف من اللاجئين السوريين حياتهم وهم يحاولون عبور بحر إيجه إلى أوروبا.
خفت الضجيج الإعلامي، ولكن اللاجئين ما زالوا يغرقون في المياه الباردة في بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط.
لا تظهر التوترات الطائفية أية بوادر للتراجع، المحور الروسي - الإيراني - السوري بدعم من الميليشيات الإيرانية في العراق ولبنان يهدد كل شيء للحفاظ على نظام بشار الأسد الإجرامي على قيد الحياة.
هذا يعني وجود عواقب كارثية على سوريا وبلاد الشام. قرار الأمم المتحدة - 2254 - يجلب فرصة لبدء عملية انتقال سياسي في سوريا في إطارعمل جنيف الأول والثاني ومحادثات فيينا.
ومع ذلك، فإن من المرجح أن يُعرقل العمل العسكري الروسي - الإيراني في سوريا هذه العملية التي نحن بحاجة ماسة إليها.
يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم لمنع روسيا وإيران من تدمير "الأمل الأخير" للسلام في سوريا.
كما لا ينبغي أن ينخدع بالخطابات الفارغة من قتال داعش، بينما في الواقع لا العمليات العسكرية الروسية ولا الإيرانية داخل سوريا تستهدف داعش، لكنها بدلا من ذلك تركزعلى المعارضة السورية والمدنيين.
الصراع السوري، من بين الصراعات الأخرى، هو رمز لكسر طبيعة النظام العالمي الحالي.
إنه النظام أو بالأحرى الفوضى التي تعاني من غياب مفاهيم محددة بشكل واضح من السلطة والعدالة والشرعية.
كم الطاقة، ومدى العدل والشرعية هي الأسئلة الرئيسية التي تحدد استخدام وإساءة استخدام السلطة بكل المعاني السياسية والاقتصادية والعسكرية لهذا المصطلح.
فقد الصراع السياسي على السلطة الحالية فقد كل معاني الشرعية، المبدئية أو حتى الواقعية المحسوبة.
وكما ناقشت سابقًا، فقد استند نظام ويستفاليا النظام الدولي الذي أنشئ في عام 1648 بعد الحروب الدامية التي استمرت 30 سنة بين الدول الأوروبية، إلى مبدأين بسيطين بالكاد مهمين: امتناع الدول ذات السيادة في أوروبا عن التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها، وتوازن القوى المقبول بشكل عام من شأنه الحفاظ على الطموحات المتطرفة للدول.
من الناحية النظرية، ينبغي أن يشكل هذان المبدآن العمود الفقري لأي نظام عالمي عادل ومستقر. ولكن الواقع مختلف. منذ القرن السابع عشر خاضت الدول الأوروبية وروسيا العديد من الحروب الدموية بما في ذلك الحربين العالميتين. انجرت الإمبراطورية العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى كجزء من تصميم الاستعمار الأوروبي، حيث لم يكن كل من مبدأ عدم التدخل وتقييد طموحات القوى الكبرى موجودًا.
قلب المسألة هي مسألة اختلال توازن القوى، والمغزى أن بعض الدول لديها الكثير من السلطة وتسيء استخدامها، والبعض الآخر لديه القليل جدا ويعوض عن ذلك بحروب الوكالة. هنا ترى بعض الدول نفسها قوية بما يكفي لتجاوز حدودها الطبيعية للسلطة، ويشعر البعض بتهديد بسبب وجود الآخرين، فيتحركون لإجهاض أي تحرك يتعدى على مناطقهم النائية الآمنة.
ولكن هناك أيضا عوامل أخرى في المسرحية. الموقف الروسي تجاه أوكرانيا وسوريا مؤخرًا عنوانه "ما يمكن عمله دون الإفلات من العقاب" من جهة، والشعور بانعدام الأمن من جهة أخرى. مدفوعةً بنجاح المحادثات النووية وصعود الجهات المنقادة في سوريا والعراق ولبنان، تكشف إيران عدوانية مماثلة حيث تسعى لجعل نفسها على أنها راعية للمجتمعات الشيعية في أنحاء العالم الإسلامي.
ومن نافلة القول، إنه يؤدي إلى ردود فعل من اللاعبين الرئيسيين الآخرين مثل المملكة العربية السعودية التي ترى في التدخل الإيراني تخريبًا وزعزعة للاستقرار. المحور الروسي - الإيراني - السوري هو تلاعب في فراغ السلطة الذي أنشأته سياسة أوباما "تشابك دون مواجهة". ظهرت من الحرب السورية في العام الماضي أو نحو ذلك ولكن الآن أصبح هناك عواقب وخيمة جدا في منطقة الشرق الأوسط.
احتواء هذه الأزمة سيستغرق وقتًا طويلا في تحقيق درجة من تعادل القوى والتوازن في المنطقة.
النظام العالمي بحاجة إلى التوزيع العادل والمشروع للقوى، حيث أن الدول القومية بدرجات متفاوتة من القوة لا تشعر بجرأة بما يكفي لتكون متهورة أو غير مستقرة كوضع منزل على النار، ولن يخدم ذلك مصلحة أحد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس