جلال سلمي - خاص ترك برس
منذ انطلاق ثورات الربيع العربي المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، وتركيا تحاول الحفاظ على موقفها المساند لهذه الثورات والحاضن لثوارها وعناصرها، وبطبيعة الحال كما أن هناك داعمًا للثورة فإن هناك المعارض والمقاوم لها بكافة السبل والوسائل، واجتماع الداعم مع المعارض يعني التباين والتنافس والتنازع لصد بعضهما البعض عن المواقف التي يتبنوها حيال هذه الثورات.
واليوم وبعد استهداف تركيا في قلبها الاقتصادي الحيوي أصبح يُطرح على الساحة حيثيات جبهات الاستهداف المشتركة لتركيا ونوعها وشكلها وهيكليتها، إذ تبين أن الجهات المضادة لتركيا شرعت في استخدام عدة جبهات مستهدفة لتركية من عدة زواية مختلفة.
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب في صحيفة يني شفق "يوسف قبلان"، في مقاله "يحاربون تركيا من عدة جهات" المنشور في 15 كانون الثاني/ يناير 2016، أن التخطيط لاستهداف موقع سياحي حيوي مثل "السلطان أحمد" ليس بالأمر اليسير بل يحتاج إلى معلومات استخباراتية قوية وخطط دقيقة، وهذا ما يعني بأن هذه الدول المضادة لتركيا وخططها الداعمة للثورات العربية، بدأت فعليًا في محاولتها لنقل شرارة هذه الثورات إلى الداخل التركي، ولكن هذا لن يُجدي نفعًا لهذه الدول التي تعلم جيدا ً بأن مثل هذه التحركات يمكن أن تطالها هي أيضًا، في ظل عدم ثبات الهدف للجماعات الإرهابية التي تقوم بتلك الهجمات.
ويضيف قبلان بالقول إن هذه الدول التي تحاول فتح هذه الجبهة ضد تركيا معروفة بعينها والقاصي والداني يعرفها، ولكن الغريب في الأمر هو الموقف الغربي "المتخازي" ضد تركيا، هذا الموقف مليء بالتناقضات التي يعجز الإنسان في بعض الأحيان عن استيعابها وفهم ما يهدف إليه هذا الموقف بالضبط، إذ عمل الغرب كل ما بوسعه لفتح الباب لإيران لتتوغل في سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولتستمر في إنتاجها للنووي، وهذا ما يسبب فوضى عارمة في المنطقة، ولا يساور الغرب الشك إطلاقًا في تفهم ذلك، ولكنه يسير بعكس التيار الذي يخدم المصلحة الاستراتيجية للمنطقة!.
ويؤكد قبلان أن الموقف الغربي وما يشكله من موقف مُخزي ضد تركيا التي تحاول لإيصال الثورات العربية وشعوبها إلى بر الأمان، يُشكل أشرس جبهة حربية تواجهها تركيا في الفترة الحالية، ووصلت حدة التقاعس والازدواجية في الموقف الغربي إلى ترك التضامن مع تركيا عقب الانفجار الانتحاري الذي أصابها قبل عدة أيام، في حين أنهم هرعوا مسرعين نحو التضامن مع فرنسا التي تعرضت لمثل ذلك الانفجار العام الماضي.
وفي مقاله "كردستان!" المتعلق بذات الشأن والمنشور بتاريخ 13 يناير 2016، في صحيفة "يني شفق"، يشير الباحث السياسي "فارق أق سوي" إلى أن حزب العمال الكردستاني أيضًا يُعد أحد الجبهات الحربية ضد تركيا، إذ أن هذا الحزب مدعوم بشكل كبير وواضح وعلني من قبل روسيا وإيران اللاتان تختلفان مع تركيا في الأهداف والخطط الخاصة بسوريا.
ويتابع أق سوري مبنيًا أنه على الرغم من تقديم كم كبير من الحقوق النوعية التي ترحمها إيران للأقلية الكردية داخل أراضيها السيادية، إلا أنه انجر نحو المغريات الإيرانية الروسية خاسرًا بذلك ثقة الحكومة والعديد من الحقوق التي تم تقديمها، وأصبح يشكل جبهة حربية إرهابية خطيرة ضد تركيا ومصالحها القومية.
ووفقًا لتقييم الباحث السياسي "إبراهيم كاراغول"، فإن الدعاية السوداء الممنهجة ضد تركيا أيضًا تُشكل أحد الجبهات الحربية الخطيرة التي يحاول من خلالها خصماء تركيا زجها في سجال الدفاع عن نفسها والانشغال في ذلك وبالتالي تقييد تحركها ميدانيًا. على الرغم من توقف التحرك الجوي التركي ضد داعش وضد حزب الشعوب الديمقراطي "بي يي دي" في شمال سوريا بشكل جزئي، إلا أن تركيا ما زالت تتحرك برًا لإيصال الدعم الإنساني واللوجستي للأهالي والثوار في سوريا، ولقطع درب هذا التحرك بشكل كامل تعمل وسائل الإعلام التابعة للقطب الأخر بصياغة الأقاويل الدعائية السوداء ضد تركيا، وعلى رأس هذه الأقاويل اتهام تركيا بشراء النفط السوري من داعش!.
ويوضح كاراغول في مقاله المنشورة في 15 كانون الثاني "الحرب الإعلامية والأكاديمية"، أن تركيا اليوم أصبحت أمام تحدي كبير وتغيرت معادلة المواجهة بين تركيا والدول الأخرى، فلم يعد هناك تركيا الراضخة بل أصبح هناك تركيا المُعدة للخطط والمعارضة لخطط الآخرين، وهذا ما لم يتعود عليه الآخرين، وهذا ما يجعل تركيا بحاجة إلى بذل جهد عظيم لصد جبهات الحروب الخشنة والناعمة المستهدفة لها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!