عبد القادر سلفي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
تحاول روسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي استكشاف الموقف التركي في تحركاتهم نحو غربي الفرات على الخط بين جرابلس وعزاز، فمن يومين وقوات حماية الشعب الكردي تفتح نيرنها لتختبر تركيا. فمن أجل تقوية المواقف الدبلوماسية في العلاقات الدولية يجب تعزيزها بالقوة العسكرية، وتزيد هذه الحاجة إذا كان الخصم هو وروسيا، فهي تتوسع بأحلامها الاستعمارية بقوة السلاح ثم تطلب خصومها بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات لتكون النتيجة في النهاية هزيمة ساحقة للخصم.
منذ أيام وانقرة تبحث إمكانيات التدخل العسكري في اعزاز، لكن إسقاط الطائرة الروسية والتدخل المباشر لهذا الدب في الحرب السورية أعطى انطباعات سلبية لمباحثات أنقرة، فروسيا تحاول إغراء تركيا بالقدوم عبر تحرشاتها المستمرة، فقد قامت بإنشاء قنصلية لحزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو لتزيد التوتر بينها وبين أنقرة.
في هذه الأثناء تقود روسيا معركتها في الحسكة عبر إنشاء غرفة عمليات مشتركة مع الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي، كما وسعت من سيطرتها الجوية ومطاراتها العسكرية غير آبهة بأمريكا، فهل ما تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعمى عن حزب الاتحاد الديمقراطي وتحالفاته وأفعاله؟
بعد حرب الخليج الأولى انتقل حزب العمال الكردستاني بقواعده من سوريا إلى قنديل في العراق، والآن يتم التحضير "لقنديل ثاني" في شينغال حتى يكتمل المثلث الكردي في سوريا والعراق وتركيا، وكل هذا يحصل تحت الغطاء الأمريكي وتوافق المصالح الأمريكية الروسية.
تعتقد أمريكا أن الأتراك يتكلمون ولا يفعلون عندما أصرت على تجاهل تحذيرات الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عندما أخبروا الرئيس أوباما ومساعده بأن أسلحتهم التي يقدمونها لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا تصل إلى ذراعه التركي ليقاتل بها الجيش التركي في النهاية.
نعم، فكما يبدو إن هؤلاء لا يفهمون إلا لغة القوة! وأظهر مثال على ذلك ما يفعله الدب الروسي عندما دخل واحتل القرم على ظهر الخلافات بين أوكرانيا وجورجيا والغرب كما دخل الساحة السورية من بعد، ويحاول في نفس الوقت عرض عضلاتها باستعراضات صواريخها التي أطلقتها من بحر قزوين.
فرضت تركيا خطا أحمر جديد على حزب الاتحاد الديمقراطي بعد الذي فرضته غربي الفرات، ففي تصريحات رئيس الوزراء داود أوغلو أشار إلى ذلك بما يلي: 1- يجب على وحدات حماية الشعب عدم التهور من جديد ودخول المناطق المحظورة 2- كما وعليهم الخروج من مدينة اعزاز 3- وعليهم كذلك تفريغ مطار منّغ العسكري. وفي إطار هذه التهديدات قصفت القوات التركية تجمعات واليات لوحدات حماية الشعب الكردي في اعزاز وأرمناز ومنّغ، كما تم ضرب أهداف عبر قذائف أرضية في قرى سيجاراز والمالكية وكشتيار.
في الساعات القليلة الماضية تقدمت وحدات حماية الشعب الكردية نحو تل رفعت ذات الأغلبية السنية وصوبت أهدافها نحو مارع، وفي أثناء ذلك استمرت الضربات التركية لتستهدف ما تراه مناسبا، لكن الجديد في الضربات الحالية للقوات العسكرية عمن سبقها عندما حاولت وحدات حماية الشعب الكردي تجاوز نهر الفرات بثلاث قوارب وتم ضربهم، تحصل الضربات الحالية في ضوء التحالف والتقارب الكبير الذي يقع بين هذه الوحدات وروسيا وأمريكا وهو ما لم يكن في السابق، وتظهر هذه الضربات الإصرار التركي على الضرب رغم الموقف الروسي والأمريكي.
ظهر التنسيق المباشر بين النظام السوري ووحدات حماية الشعب بشكل واضح عندما ضرب النظام بصواريخه على الحدود في هاتاي وتم الرد عليه، وكان ذلك ردا على القصف التركي الذي استهدف حلفائهم في وحدات الشعب.
تأتي هذه العمليات كخطوة كبيرة في الاتجاه الاستراتيجي، فبينما تتحالف الدول وتأتي بطائراتها إلى مطار إنجيرليك للمشاركة في حرب داعش، نرى أن الرؤية المستقبلية للواقع السوري يرى في داعش واقعا لا بد منه، فالتوافق الروسي والأمريكي يسعى من أجل القضاء على المعارضة المعتدلة، بينما يريد في المقابل الإبقاء على الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي وداعش، وكما قال رئيس الجمهورية السابق عبد الله غُل "لقد جاءنا نموذج أفغانستان ليتمثل من جديد على شواطئ البحر الأبيض المتوسط"، ويريدون كذلك دفع تركيا لتلعب دور باكستان في لعبتهم هذه. لكننا نصّر ونرد عليهم بأننا لن ندخل لعبتهم هذه، وسنعمل على تحطيمها، فهنا "تركيا" التي تصرخ وتقول لهم إن لم تفهمونا بهدوء سنفهمكم ذلك غصبا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس