ترك برس
تأسست الدولة العثمانية عام 1299 وانهارت عام 1923، عقب تأسيس الجمهورية التركية على أطلالها. امتد حكم الدولة العثمانية إلى ما ينوف الستمائة عام، ووقعت إدارة الدولة العثمانية خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة من الحكم تحت إدارة 36 سلطان.
وتباين سلاطين الدولة العثمانية من حيث أهدافهم وأسلوب حكمهم ومواهبهم وهواياتهم، وقد تميز السلطان العثماني "أحمد الأول" عن السلاطين العثمانيين الآخرين بعشقه لتشييد الهياكل المعمارية الأنيقة.
ميلاده
وُلد السلطان أحمد الأول في الثامن عشر من نيسان/ أبريل 1590 في مدينة مانيسا الواقعة غربي تركيا، في عائلة ملكية رباها السلطان "محمد الثالث" وربتها السلطانة "هاندان".
يُعد السلطان أحمد الابن الثاني لأبيه، وكان السلطان محمود هو أخوه الأكبر، إلا أن أخاه محمود قُتل من قبل أبيه محمد الثالث، لادعاء بعض القادة العسكريين والمسؤولين الإداريين محاولته قتل أبيه لاعتلاء العرش، وبقتل محمد الثالث لابنه محمود، أضحى أحمد الأول الوريث الوحيد لأبيه.
تقلّده الحكم
تُوفي السلطان محمد الثالث عام 1603، وكان السلطان أحمد الأول ابن ثلاثة عشر عامًا، وعقب وفاة والده تم تقليده الحكم من قبل شيخ الإسلام والمسؤولين الإداريين رفيعي المستوى في الدولة العثمانية.
ويختلف السلطان أحمد الأول عن السلاطين العثمانيين الآخرين في تلقيه علومه الدينية والسياسية والإدارية وهو على عرش الحكم وليس قبل توليه للحكم.
فترة حكمه
تولى السلطان أحمد الأول مقاليد الحكم والدولة العثمانية في حالة حرب مع عدة دول، على رأسها النمسا، وعلى الرغم من صغر سن السلطان أحمد الأول، إلا أنه تمكن، من خلال قيادته للجيش العثماني، من استعادة العاصمة الصربية "بلغراد"، وعقب ذلك، اضطرت النمسا إلى توقيع معاهدة "زيتفاتورك" عام 1606.
وتُؤكد الوثائق التاريخية أن الدولة العثمانية أيضًا كانت بحاجة مُلّحة إلى هذه الاتفاقية، لما كانت تعانيه من حالة اضطراب اقتصادي وسياسي شديد، فلم ترَ بدًا من عقد الخناصر والجنوح للسلم مع النمسا لإخماد لهيب الحرب وإطلاق حمامة السلام، لتساهم في إعادة تفعيل النشاط الاقتصادي والتجاري الذي أُصيب بحالة ركود شديدة في كلا الطرفين نتيجة للحروب.
وتقلد السلطان أحمد الأول حكم الدولة العثمانية، والأخيرة في حالة حرب مع الدولة الصفوية في إيران، ولم يوقف السلطان أحمد الأول الحرب مع الدول الصفوية، بل عمل على إدامتها، بغية في إنهاك الدولة الصفوية، لإجبارها على إبرام معاهدة سلام تصب في صالح الدولة العثمانية، على غرار المعاهدة العثمانية النمساوية.
استمرت الحرب بين الدولتين العثمانية والصفوية إلى عام 1612، ولكن لم تسِر نتائجها كما كان يرغب السلطان أحمد الأول، إذ أن سوقه للجيش العثماني الذي كان يقاتل في النمسا إلى تبريز، لمساندة الوحدات المقاتلة ضد الجيش الصفوي بقيادة الشاه "عباس"، لم يكن موفقًا ولم يُقدم له النتائج التي يرنو إليها، حيث أن أفراد الجيش العثماني كانوا يعانون من حالة إرهاق شديدة نتيجة خوضها للعديد من الحروب منذ فترة زمنية طويلة.
على الرغم من تحقيق الجيش العثماني لنتائج إيجابية في بداية حربه مع الدولة الصفوية، إلا أن أسلوب الكر والفر الذي اتبعه الشاه "عباس" أرهق الجيش العثماني، وقلب النتائج لصالحه، وفي ضوء السير السلبي للمعارك العثمانية الصفوية، اقترح الصدر الأعظم "نصوح باشا" على السلطان أحمد الأول، قبول دعوة الشاه عباس لتوقيع معاهدة سلام، ووقعت الاتفاقية بين الطرفين عام 1912، تحت اسم "اتفاقية نصوح باشا"، وفُتحت أبواب التجارة المتبادلة والعلاقات الدبلوماسية الجيدة، ولكن لم تستمر الاتفاقية سوى عامين.
العصيان الجلالي
اًضرمت الشعلة الأولى للعصيان الجلالي داخل الدولة العثمانية، في عهد السلطان العثماني "ياووز سليم" 1470 ـ 1520، على يد "جلال بوزوكلو"، وظل لهيب العصيان الجلالي داء يعاني منه السلاطين العثمانيون الذين توالوا على العرش العثماني، وكان للسلطان أحمد الأول نصيبه من ذلك العصيان، إلا أنه تمكن من إخماد لهيب هذا العصيان، وقضى عليه إلى الأبد.
آثار السلطان أحمد الأول
ـ على الصعيد الإداري: وضع السلطان أحمد الأول معيار "الأكبر والأرشد"، كمعيار لنظام الوراثة الملكية في الدولة العثمانية، كبديل لنظام "قتل الأخ" الذي وُضع كأساس لاعتلاء العرش في عهد السلطان العثماني "محمد الفاتح"1432 ـ 1481، حيث صار السلاطين العثمانيون يقتلون أبناءهم أو إخوانهم من أجل التفرد بالعرش، وبالتالي منع أي حالة عدم استقرار ممكنة داخل حدود الدولة العثمانية، بسبب اقتتال الأخوة أو الآباء والأبناء على العرش.
ـ على الصعيد المعماري: اشتهر السلطان أحمد بعشقه للآثار المعمارية، فعمل على إنشاء عدد من تلك الآثار التي ما زالت راسخة إلى يومنا هذا، تُذهل الناظر إليها من الإبداع المعماري الذي تتمتع به، ومن هذه الآثار:
ـ مسجد السلطان أحمد أو المسجد الأزرق "1610" الذي يتمتع برونق معماري فريد ومُرصع بنقوش زخرفية ساحرة.
ـ كلية مراد باشا التعليمية.
ـ مسجد المسيح باشا في إسطنبول.
ـ مسجد عمر باشا في إسطنبول.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!