رابح بوكريش - خاص ترك برس 

عبرت الصحف الجزائرية الصادرة صباح يوم الانقلاب عن ارتياحها دون تحفظ عن فشل الانقلاب، ورأت فيه فرصة لتركيا لدخول عالم الكبار في مجال الديمقراطية، وفرصة أيضا للقيام بدور هام في حياة العالم الإسلامي.

ونوهت أغلب الصحف بالرئيس أردوغان وبالشعب التركي. وفي هذا الصدد قال عميد الصحافة الجزائرية سعد بوعقبة  في عموده اليومي والذي حمل عنوان "تركيا ليست العرب": "صحيح أن وضع الجزائر مختلف عن وضع تركيا كليا بخصوص علاقة الشعب بالحكم وعلاقة الحكم بالجيش! لكن أجواء الحل المصري لمعضلة الجزائر كانت مسألة غير مستبعدة!".

مصريو الجيش المصري والسيسي كادوا يطيرون من الفرح بما حدث في تركيا تماما مثلما فرح بعض العلمانيين الجزائريين لما حدث في تركيا.. ولكنها فرحة لم تدم وانكشفت الأمور عن كابوس قد يزيد من متاعب النظام وفي مصر بدرجة كبيرة.. وكذلك في الجزائر ولكن بدرجة أقل.. وكم أعجبني تعبير الأتراك الذين ناهضوا الانقلاب في بلدهم عندما قالوا:

“تركيا ليست أفريقيا".

أما الصحفي القدير سليم قلالة فقد قال: "ومنه نستخلص الدرس الأكبر من تركيا أن النظام السياسي المتماسك حقيقة هو ذلك الذي يقوم على ركائز ثلاث: لا يبني وجوده على الدعم الخارجي، ولا يؤمن بالإعلام المزيف القائم على الموالاة العمياء، ولا  يُطيل عمره بشَيْطَنة المعارضة أو التشكيك في وطنتيها".

ومعروف في تاريخ الجيوش في العالم أن الجيش التركي منذ العهد الانكشاري أكثر جيوش العالم توريطا لدولته والسبب الرئيس في مآسيها، وورطها في عدة حروب حتى الحرب العالمية الأولى، ثم قام الضابط كمال أتاتورك بإنهاء الخلافة العثمانية مدفوعا بعلاقاته القوية مع فرنسا وأعلن قيام الجمهورية التركية وقطع كل علاقة بالعرب وبالإسلام، وأقام جمهورية علمانية على النمط الفرانكوفوني.

وصار الضباط الأتراك المتخرجون من المدارس العسكرية الفرنسية خصوصا والغربية عموما هم الحكام الفعليين لتركيا، بل صار الجيش هو حامي العلمانية، ولكن بدءا من الحرب العالمية الثانية اخترقت أمريكا الجيش التركي وأقحمته في محاربة الشيوعيين الجمهوريين بإسبانيا ثم في الحرب الكورية وصولا إلى حرب أفغانستان.

نكتفي بهذا القدر ونختم بما قله الصحفي حبيب راشدين: "يقينا أن الانقلاب الفاشل لم يفصح بعد عن أسراره من جهة التدبير كما من جهة الأطراف الخارجية التي تكون على الأقل قد وعدت بغضِّ الطرف، لكن فشل الإنقلاب يعِد حتما بمراجعة دراماتيكية لسياسة تركيا في الإقليم ومع الحلفاء في النيتو، وقد وضع حلفاء آخرين للولايات المتحدة في المنطقة، مثل السعودية، في حالة تأهب واستعداد، لأن الولايات المتحدة التي خسرت أصدقاءها العرب دون أن تكسب ودّ الإيرانيين المطلق، وتخسر اليوم أهم حليف لها في الشرق الأوسط بعد الكيان الصهيوني، لن تتردد في ضرب بقية الحلفاء وهي تودِّع موقع الريادة في الشرق الأوسط بلا رجعة".

عن الكاتب

رابح بوكريش

كاتب جزائري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس