شمس محمود - خاص ترك برس
صيحة أطلقها أحد أشهر المذيعين - غير المهنيين – فى مصر صاحب البرنامج كثير التدليس والتلفيق الذي نشر إحدى ألعاب الفديو على أنها مواجهة بين الجيش الروسي وداعش.
وربما ما زال بعضنا يحضره ما قاله بخصوص وجود كرة أرضية فى ميدان رابعة يخبئ فيها الإخوان الجثث التي يقتلونها وغير ذلك من الفبركات.
أما الجديد فكان التعامل مع محاولة الانقلاب الفاشلة فى تركيا، ففي بداية الأمر خرج عبر شاشته التى تؤويه متحدثا بنشوة عظيمة عن "الثورة" كما سماها التي تجري فى تركيا.
ذلك لأنه كما قال: الشعب التركي يئن والقضاء التركي يئن والجيش التركي يئن من ديكتاتورية أردوغان كما وصفها.
ثم ما لبث هذا المدلس أن شاهد الشعب التركي الذي كان قبل قليل يئن يخرج ليلاقي دبابات وطائرات ورصاص الانقلابيين فضاعت عليه سهرت - الفوشار - وتحولت الثورة إلى تمثيلية ما لبثت أن انتقلت إلى "ولولة".
كربلائية حول حقوق الإنسان رغم أن الرجل مذيع في بلد بها ما يقارب الـ50 ألف معتقل سياسي بينهم أطفال وقائمة كبيرة من المطلوبين بينهم رضع بدون تهمة أو بتهم مضحة كتلك التي وجهت لشاب يحمل رواية جورج أورويل 1984، ولمن لم يدرك حتى الآن أين التهمة فالتهمة كانت حمل رواية، ولم نسمع له أنينًا بهذا الخصوص؟!!
أما بخصوص أنين الشعب التركي تحت حكم أردوغان بحسب قول المذيع:
فالحد الأدنى للأجور فى تركيا بلغ هذا العام 1300 ليرة تركية أي نحو 450 دولارا أمريكيا. أي ما يعادل 4950 جنيه مصري. فى الوقت الذي نجد فيه عمال التشجير في مصر رواتبهم من 40 إلى 60 جنيه؟!
بعضهم لم يأخذ راتبه إن صح تسمية راتب اصلا منذ 2006 مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا يوجد حد أدنى للأجور في مصر التي لا تئن.
وقيمة راتب التقاعد – المعاش - فى تركيا وصل إلى حوالي 457 دولار أي حوالي – 1383 – ليرة تركية وحوالي 4000 جنيه مصري.
والليرة التركية تساوي اليوم حوالي 2.94 مقابل الدولار ووقت الانقلاب انخفضت ليصبح الدولار الأمريكي يساوي 3 ليرات تركية تقريبا.
فى الوقت الذي ما يزال الدولار يواصل ارتفاعه المجنون أمام الجنيه المصري – إن صحت تسميته ارتفاعا وليس اغتصابا - فكانت قيمة صرف دولار أمريكي تساوي تسعة جنيهات مصرية وحوالي 11 جنيه ونصف فى السوق السوداء، كان هذا قبل إرسال المقال للنشر فاليوم ارتفعت قيمة الدولار إلى نحو 12.15 جنيه ولا أدري كم ستكون عندما ينشر المقال.
وفى مصر يوجد حوالي 26% من المصريين تحت خط الفقر أي يحصلون على أقل من 2 دولار أي ما يعادل 16 جنيه في اليوم أي حوالي 480 جنيه شهريا و5760 جنيه فى العام هذا لو افترضنا أنهم يحصلون على 480 جنيه بشكل ثابت.
أما الأتراك الذين هم تحت خط الفقر ممّن يئنون تحت حكم الديكتاتور أردوغان وينتظرون الثورة بفارغ الصبر فهم أقل من 5% وفقا للمدير القطري المعني بتركيا لدى البنك الدولي "مارتن ريزر".
وفي 2015 أصبح متوسط دخل الفرد التركي 19 ألف دولار أي حوالي 228 ألف جنيه مصري؟؟
وميزانية تركيا للعام 2016 ستكون 570 مليار دولار أي حوالي 5.130 مليار جنيه مصري؟!
وينفق على التعليم في تركيا وفق الميزانية الجديدة 109.3 مليار دولار، ما يعادل 983.7 مليار جنيه مصري، بينما أنفقت مصر التي لا تئن عام 2014 على سبيل المثال نحو 94.4 مليار جنيه مصري على التعليم.
أما عن أنين الاقتصاد التركي فإن إجمالي الناتج المحلي: هو حوالي 718.22 مليار فى الوقت الذي بلغ فيه إجمالي الناتج المحلي في مصر 330.8 مليار وفق معطيات البنك الدولي.
وفى مصر وصل الدين العام الخارجي إلى نحو 48.1 مليار دولار في نهاية حزيران/ يونيو 2015. وبلغت أعباء خدمة الدين الخارجي متوسطة وطويلة الأجل نحو 5.6 مليار دولار، في نهاية السنة المالية المنتهية في نهاية يونيو 2015. وتخطى الدين العام المحلي مستوى 2 تريليون جنيه في نهاية آذار/ مارس 2015، لأول مرة في تاريخه، مسجلا 2016.5 مليار جنيه.
فى المقابل: فإن إحتياطي النقد الأجنبي في تركيا فى العام 2015 بلغ 102 مليار دولار دون احتياطي الذهب. أما في مصر فبلغ الإحتياطي من النقد الأجنبي 16.3 مليار دولار.
وتركيا في المرتبة 131 من أصل 144 دولة من حيث كفاءة سوق العمل بينما مصر فى المرتبة 140، كذلك انخفض معدل التضخم التركي ليصل إلى حوالي 6.5 في المائة بينما وصل التضخم المصري إلى 7.73 وفق مؤشرات البنك الدولي.
وتركيا لديها منتجات صناعية واستهلاكية موجودة فى السوق المصري فيا ترى ما هو المنتج المصري الذي غزا تركيا بخلاف الكحك أبو ملبن.
وبعيد عن المؤشرات والأرقام فإن الحكم الحقيقي لهذه المؤشرات هى الحالة الاجتماعية والخدمات التى تقدم للمواطن والمواطن وحده هو من يشعر إلى أي مدى هذه المؤشرات تخصه فمن الممكن أن تقول الحكومة المصرية مثلا إنها أنفقت 228,14 مليار جنيه على أجور العاملين في القطاع الحكومي ولكن هل يقسم هذا الرقم بشكل صحيح وهل مثلا مرتبات الجيش والشرطة والقضاء توازي أو تقترب من مرتبات المعلمين والأطباء فمرتب اللواء فى الشرطة حوالي 10600 جنيه، في الحين الذي تجد فيه راتب كبيرالمعلمين هو 4117 شهريا وأمين الشرطة 4200 جنيه؟!!
في الحين الذي تجد رئيس القضاة يحصل على 92 ألف جنيه شهريا ورئيس المحكمة الابتدائية على 15800 جنيه؟؟ تجد فيه كما أسلفنا عامل التشجير يحصل على 40 جنيه فى الشهر؟؟
بعيدا عن البدلات والحوافز التي لا تنتهي ومرتبات الجيش السرية التي لا يعلم أحد عنها شيئا رغم أنها تدفع من أموالنا فهذه البلد نحن أصحابها ونحن من له الحق في العطاء والمنع والمحاسبة لكن يأبى هذا والينا، أدام الله والينا.
وبعيدًا عن الاختلاف الهائل بين مستوى الخدمات المختلف. فلا يستوي مستوى الخدمة الصحية والإجتماعية والخدمية والترفيه من نوادي ومستشفيات وسلع معمرة وخلافه بين العسكريين والمعلمين أو الأطباء وأمناء الشرطة ناهيك عن بقية الشعب الذي تبلغ نسبة العاملين الحكوميين منه حوالي 6.6 بالمئة من إجمالي الشعب وما نسبته 22 بالمئة من إجمالي جميع العاملين المقيدين فى مصر. أي 22 بالمئة قطاع عام يأخذون رواتبهم من الدولة مع تقسيم غيرعادل للأجور و78 بالمئة من العاملين يعملون في القطاع الخاص.
والموضوع قد يطول فى هذا الباب ولكن يكفي أنينا فى هذا الباب ولننظر إلى باب آخر من الأبواب التي يئن فيها الشعب التركي واستوجبت خروجه ضد "الطاغية" أردوغان كما وصفه المذيع وباقي إعلاميو المرحلة.
فأنين الجيش التركي تمثل في:
صادرات عسكرية تركية عام 2014 بقيمة 541.2 مليون دولار، ليصل الفائض التجاري إلى 317.5 مليون دولار.
نفقات الأبحاث والتطوير: ارتفعت من 510 مليون دولار عام 2008 إلى 927 مليون عام 2013.
وشركة الصناعات العسكرية الإلكترونية "أسيل سان" قالت إن عدد البلدان التي تصدّر إليها أنظمة تثبيت الأسلحة، ارتفع إلى 10 دول، بعد انضمام ماليزيا وكازاخستان إلى قائمة المستوردين. وقد زودت الشركة مثلا السفن الحربية الماليزية، بأنظمة تثبيت مدفع عيار 30 ملم وكذلك وقعت اتفاقية مع كازاخستان تزود بموجبها القوات البرية الكازاخستانية، بأنظمة تثبيت الأسلحة لاستخدامها في المدرعات. وجدير بالذكر أن مصر نفسها تستورد هذه الأنظمة من تركيا التي تئن، كما تصدر تركيا الأسلحة إلى دول من بينها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا.
ولدى تركيا شركات مصنفة عالميا فى مجال التصنيع الحربي. وتركيا تؤمن لنفسها اليوم حوالي 40 بالمئة من احتياجاتها العسكرية.
وتركيا تنفق قرابة الـ18 مليار دولار لموازنة وزارة الدفاع والجيش التركي ثامن أكبر جيش على مستوى العالم والأول فى الشرق الأوسط والجيش التركي عموما يتطور بفضل بعده عن عالم السياسة وانشغاله بمهمته الوحيدة وهي حماية الوطن وأن يصبح درعا حقيقيا للبلد وسيفا على رقاب من يحاول تدمير أو تهديد مقدراته لا سيفا على الشعب يحمي به الحاكم.
لكن غير المفهوم هو كيف لم ينتبه الجيش التركي إلى صناعة الغسالات والبوتاغازات والتغلل فى صناعة منتجات الأمن الغذائي ومنافسة شركات الإنشاءات والاستثمار الزراعي وجعلها أولوية للنهوض بالصناعة العسكرية؟
لكن تأتيني إجابة من أحدهم على هيئة سؤال قائلا: ما دخل هذا بالمنتجات الحربية والتفوق العسكري والاكتفاء الحربي والمنافسة في سوق السلاح العالمي؟
قلت له الجيش المصري يفعل هذا ويحدثنا أن هذا لدعم التطور والنهوض العسكري ولا شأن له بمن يتحدثون ويطلقون الشائعات بأنها محاولة للسيطرة على الاقتصاد المصري أو خلق إدارة عسكرية مكتفئة ذاتيا غير خاضعة للدولة بل تكبلها ومهددة لاختيارات الشعب.
قال لي وهل تنافس مصر بهذا عالميا أو اقليميا بشركات سلاح أو بأسلحة مصرية 100 بالمئة؟ وهل تطور السلاح المصري أو أحدثت مصر طفرة فيما لديها من سلاح؟ وهل ساعد هذا على سد نسبة من الفجوة الكبير الموجودة منذ عقود بين الإنتاج الحربي والاستيراد الحربي وحاجة مصر للسلاح المتطور المواكب لدرجة التطور العالمية فى السلاح؟ وهل حمت هذه السياسة مصر من أن يصبح جيشها الأضعف فى منطقة الشرق الأوسط وأن يتراجع ترتيبة عالميا ليصبح الـ12 وكذلك يتراجع عربيا؟ وسؤالي الأخير الذي يوضح لك هل هناك بالفعل دولة للضباط داخل مصر أم لا.
قلت له ما هو؟ قال: كم هي نسبة رؤساء الدولة العسكريين فى مقابل المدنيين منهم وكم واحد من هؤلاء أتى بانتخابات رئاسية نزيهة؟ ولعلي أجد إجابة شافية من السيد المذيع الذي يحدثنا عن الأنين التركي والرفاهية التى يعيشها الشعب المصري.
وإن كان كل ما مضى فى تركيا مدعاة للأنين والأنين مدعاة للثورة فهل هذه دعوة من المذيع للشعب المصري كي لا سمح الله يئن ثم لا سمح الله يثور؟ لا أعرف.
ولو عدنا للسبب الذي جعل المذيع "الفذ" يطلق هذه صيحة أن الجيش التركي أُهِين، لوجدناها الطريقة التى تعامل بها الشعب الغاضب مع الانقلابيين فى الشوارع، أولئك الذين دهسوهم بالدبابات وقصفوهم بالطائرات وغربلوهم برصاصهم الانتقامي. والذين جاؤوا ليعيدوا تركيا إلى المربع رقم صفر في العلاقات الدولية والمكتسبات الاقتصادية والحقوق والحريات التي حققوها لترجع السيادة للسيد الجنرال المحرك خارجيا وليست للشعب إذا ما نجح الانقلاب الذي هو واحد من الانقلابات التي أذاقت تركيا ودول المنطقة حولها ويلات ما تعنية جملة "سيدي القائد أصبح رئيسا للجمهورية".
وهذا المذيع وأشباهه لا يظهرون عشر غضبتهم هذه لو كان المُهان هو النبي ﷺ حتى أن أحدهم قال: إن النبي ﷺ لا يحمل الجنسية المصرية كي تدافع مصر عنه؟!!
فالنبي فى تلك البلاد يهاجم ويشتم وينتقد ويهان أما الجيش فلا حتى لو قتل وسرق وخان!!
والجيش التركي في الحقيقة لم ينكسر ولم يهان بل الذي انكسر وأهين هو الانقلاب والانقلابيون.
والجيش التركي لم ينكسر بل صار أقوى من السابق فالشعب الذي يفرخ الجنود للجيش خرج وحمى بنفسه ما آمن به ولم يقبل بالخيانة وهؤلاء فى الجيش هم الجند الميامين.
لكن الجيش كان سيكسر ويهان لو قبل الناس بالخيانة، فوقتها سيكون التفريخ القادم من هذا الشعب للجيش عبارة عن فئة قبلت بالخيانة فالذي يخشى من رد الصائل وقت القدرة لن يقوى على حمل سلاحه فى وجه عدو، وعموما أقول لهؤلاء: في المره القادمة عندما يهاجم بيتك "لص" جاء ليسرق بيتك إياك أن تتعرض له بسوء خصوصا إن كان عسكريا فهو مسكين لم يفعل شيئا سوى أنه هاجم بيتك وانتهك حرمته وربما يفكر في قتلك لو قاومته.
وأنا مدرك أن أخلاقك العالية ستمنعك إذا ما جاء صديقك الصدوق الذي أمنته على حماية دارك، يوما مصحوبا بشبيحته مدججين بالسلاح كي يسرقوا مزرعتك التي تعبت فى إنشائها وغناها كي يقتلوك ويأخذوها أن تقاومهم.
فلا بأس عندك أن يرسلوك للقبر طالما كان المنتفع بهذا هو صديقك وشبيحته فالمهم أن تبقى الصداقة ولا يتحدث الناس عن الصداقة بسوء.
وإذا فكرت لا سمح الله بمقاومته ثم لا سمح الله نجحت فى مقاومته سامحه واعف عنه فكما تعرف وتربيت: أن الخيانة شيء يغتفر وأن الجنة في عقيدتك أعدت للخائنين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس