إسماعيل ياشا - درليش بوست - ترجمة وتحرير ترك برس
كان وصول حزب العدالة والتنمية سدة الحُكم في تركيا، وما حققه من تعزيز الديمقراطية، والنجاحات على المستوى الاقتصادي، مصدر إلهام للشعوب العربية. ولا يُمكن إنكار أنّ حقيقة تطلعات الشباب العربي الذي كان ينظر إلى تركيا بغبطة، وسعيهم لتحقيق نجاحات مماثلة في دولهم، كان من ضمن الأسباب المُحفزة للربيع العربي، إلى جانب الأسباب الأخرى.
أصبحت نموذج تركيا، كدولة مسلمة تُدار بالديمقراطية، وما حققته بذلك من قفزات، أصبحت قدوة لشعوب المنطقة. ومَن يأتي إلى تركيا يرى بعينه حجم التقدم والتطور، ويتمنى أنْ يحصل ذلك في بلده.
وهذا ما جعل الأنظمة الدكتاتورية تعتبر اردوغان وتركيا عدوا لها، بعد تفجر ثورات الربيع العربي ضدها، ولذلك حاولوا تشويه تركيا واردوغان من أجل القضاء على حُب واحترام الشعوب العربية لهما.
ولذات الغرض كانت أحداث غزي بارك، ومؤامرة 15-17 كانون أول/ديسمبر، وقضية قاطرات جهاز الاستخبارات، ونحن نعلم الأطراف الداخلية التي ساهمت كذلك في الترويج للأخبار المغلوطة التي تهدف إلى الإساءة لسمعة تركيا ومكانتها لدى شعوب المنطقة.
كانت الأنظمة الدكتاتورية تتساءل: "كيف يمكن لمواطنينا أنْ يكونوا معجبين باردوغان وليس لنا"، وكذلك الإعلام التابع لهم، ولهذا كانوا سعيدين جدا جدا، عندما بدأت محاولة الانقلاب؛ لأنهم اعتقدوا بأنهم سيعزلون اردوغان كما فعلوا بمرسي.
كانوا واثقين تقريبا بنسبة 100% بأنّ الانقلاب سينجح، لدرجة أنّ إحدى الصحف المصرية كتبت على صدر الصحيفة في اليوم التالي بأنّ الجيش أطاح باردوغان وأصبح يدير شؤون البلاد في تركيا.
لكنهم نسوا أنّ لله خُطة أيضا.
أصيبوا بالصدمة عندما فشلت المحاولة الانقلابية مع حلول الصباح، تجمدت ألسنتهم، ولم يجدوا شيئا ليقولوه.
عندما شاهدوا ما قدمه الشعب التركي من وقفة اسطورية في وجه الانقلابيين، شرعوا لتغيير كلامهم، وأصبحوا يقولون بأنّ هذه مسرحية من اردوغان.
أصيبوا بالجنون بعدما نجح الشعب في التصدي للمحاولة الانقلابية، وسطّر تاريخا جديدا.
بدأوا بمهاجمة تركيا كالمجانين، ليتحدثوا بأنّ أياما سوداء تنتظر تركيا، وأنّ تركيا دخلت حالة من الفوضى، وأنّ ميليشيات العدالة والتنمية واردوغان أهانوا الجيش التركي.
يفعلون ذلك لأنهم يخافون جدا.
لأنّ المحاولة الانقلابية في تركيا هي استمرار للثورة المضادة التي عملوها ضد الربيع العربي، كانوا يريدون القضاء على الديمقراطية في تركيا كما فعلوا في مصر، من أجل إنهاء وجود الدولة المُلهمة للشباب العربي.
لكنهم لم ينجحوا.
الثورة المضادة اصطدمت بالحائط في تركيا.
وبعد ذلك ستبدأ مرحلة تراجعهم.
والبطولات التي قدمها الشعب التركي ضد محاولة الانقلاب، مصدر إلهام للشباب، وستفجر طاقات شعوب المنطقة.
يخافون، لأنهم شاهدوا امرأة تتصدى للانقلاب بعصا تحملها، وشاب رمى نفسه أمام الدبابة، وقروي آخر حرق كل محصوله الزراعي كي لا تستطيع الطائرات الصعود او الهبوط بسهولة في القاعدة الجوية.
يشعرون بقلق شديد، من أنْ تتحرك أزقة وشوارع القاهرة والإسكندرية من جديد، يخافون من أنْ تتحرك ضمائر جنود وعساكر في الجيش المصري، أو في جهاز الشرطة، ليتخذوا موقفا واضحا لمصلحة الإرادة الشعبية، وحرية الشعب، قلقون من أنْ لا يستمر انقلابهم طويلا.
يتذكر جنرالات الانقلابات المشاهد التي تعرض لها الخونة في تركيا، ولذلك يخافون من أنْ تكون لهم نفس العاقبة.
هذا سبب خوفهم..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس