إرغون يلدرم – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
عندما كانت المعاهد والمؤسسات الإسلامية تعاني من حصار شديد في عام 1977 كان تنظيم فتح الله غولن يقول "لا يوجد حصار"، ولما اندلعت المظاهرات واشتعلت الشوارع احتجاجا على قانون منع الحجاب في 12 أيلول/ سبتمبر لم يتحرك التنظيم، بل أخذ موقفًا سلبيًا من هذه التحركات! وعلى نفس النهج الفاسد والطريقة الضالة انتقد تنظيم فتح الله غولن أربكان ومن حوله واتهمهم بأنهم "فاشلون" وحمّلهم كل المسؤولية بعد انقلاب 28 شباط/ فبراير من عام 1997. كل هذه أمثلة بسيطة على عقلية غولن وتنظيمه الإرهابي الذي ومنذ بداياته ترك بينه وبين الجماعات الإسلامية الأخرى مسافة لمصلحة الأنظمة الدكتاتورية القائمة.
بحث غولن عن القوة وكان دائما يقف في صف الأقوياء وأصحاب السلطات في كل مكان، وهو كذلك لم يكن يوما ما في صف أي مُعارِض لتك الدكتاتوريات سواء من أجل النساء أو العمال أو الحجاب... فهو وكما في كل مرة كان يقف موقف المعارض للمظاهرات والمسيرات والتحركات الشعبية المختلفة؛ فيعمل على تهميشيها وتخطيئها والضغط عليها، وبأدواره المختلفة والدائمة كان يُشرعن الانقلابات؛ مما ساهم في استمرار حصولها، فهو كما أفتى في 12 أيلول ورفض مسيراته فقد حرّك الشارع وقلب المجن في الشاشات المختلفة ليدعم ويبرر انقلاب 28 شباط، وكانت رسالته واضحة حينئذ؛ فقد حمّل كل الذنب لأربكان والإسلاميين وقدّم نفسه بديلًا مناسبًا في التوجه والحراك الإسلامي.
بعد انتقال غولن إلى الولايات المتحدة بدأ حلم العولمة لديه يكبر شيئًا فشيئًا، فأخذ يطارد أمريكا وإسرائيل سعيا للقوة بتقديم واجب الطاعة لديهم، وظهر ذلك في مواقف كثيرة مثل موقفه من سفينة مافي مرمرة، وموقفه السلبي والناقد للفلسطينيين الذين يُقتلون ويقاتلون الإسرائيليين وبكائه على أطفال ونساء اليهود! فهو لم يكل ولم يمل عن نقد الإسلاميين وتحميلهم أوزار كل شيء، فلا العالم الإسلامي كان همه ولا الأمة الإسلامية، وإنما كان همه الدائم هو استمداد القوة من أمريكا وإسرائيل اللتين تحكمان العالم حسب ما يرى، وهو في هذا الفهم كان وما يزال ينتقد ويلوم على الإسلاميين الذين لا يفهمون ولا يستوعبون حكمته الكبيرة في تصرفاته هذه!
استخدم تنظيم غولن وسائل الإعلام المختلفة للتشهير بالإسلاميين وتسفيههم، فاتهمهم بكل نقيصة؛ وشاردة وواردة؛ وأنهم هم أصل المشاكل وفصلها، وأخذ أتباعه ينقلون الروايات المكذوبة لسفارات الدول الغربية في كل مكان ويتهمون أردوغان وحكومة العدالة والتنمية بأنهم إسلاميون متطرفون يدعمون القاعدة وتنظيم داعش! تلقّف الغرب هذه الأكاذيب والأباطيل وطار بها حتى قلب الحقيقة فجعل من إرهابيات حزب العمال الكردستاني فنانات راقيات عصريات لا يُشق لهن غبار، وجعل في المقابل من أردوغان الإسلامي الإرهابي الدكتاتوري الذي يجب تنحيته والقضاء عليه، فأردوغان هو من حوّل تركيا من دولة "متطورة ورائده وعلمانية ديمقراطية" إلى دولة إرهابية متطرفة! وبحملاتهم الإعلامية المتعاقبة أسسوا لانقلابهم الدموي بدعم دول الغرب وأمريكا، فقاموا بعد كل تلك التحضيرات وتهيئة الأجواء والحشود بانقلاب أسود فاق كل فظائع داعش وحزب العمال الكردستاني.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس