علي بايرام أوغلو - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
محاولة حزب العمال الكردستاني اغتيال كليجدار أوغلو، هي استهداف للديمقراطية التركية واستقرارها، ولذلك نحمد الله على سلامة رئيس حزب الشعب الجمهوري، ونهنئ الشعب التركي ودولتنا على فشل المحاولة. وقيام حزب العمال الكردستاني بهذه العمل يعني سعيه إلى إذكاء حرب أهلية في تركيا.
ولا شك أنّ الحملة التي تقودها تركيا في جرابلس، هي من أسباب قيام العمال الكردستاني بمحاولة اغتيال رئيس حزب المعارضة، حيث تهدف تركيا من خلال حملتها العسكرية في الأراضي السورية إلى تحقيق هدفين؛ سحق داعش وإبعادها عن طول الحدود التركية، وتسليم الجيش السوري الحر المناطق التي يتم تحريرها من سيطرة داعش، وذلك لمنع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة عليها.
وهذا معناه واضح، وهو أنّ تركيا ترى بمحاولة إنشاء دولة على حدودها تهديدًا لأمنها القومي، ولذلك تسعى تركيا إلى الحيلولة دون ربط كنتونات العمال الكردستاني ببعضها، ومنع تشكل ما يشبه الدولة خلف حدودها.
والحراك العسكري الذي تقوده تركيا في جرابلس هو الجانب العسكري لتحقيق هذا الهدف، وقرار هذه الحملة لم يكن آنيا، بل جاء بعد التمهيد له من خلال إعادة العلاقات التركية الروسية، واتخاذ تركيا أسلوبا أكثر ليونة ونعومة تجاه مسألة تحقيق السلام في سوريا. ويجب التركيز على أنّ هدف تركيا هو القضاء على داعش التي تشكل خطرا حقيقيا على حدودها، وهذا هو الحراك العسكري الأوسع الذي تقوده تركيا خارج حدودها.
كانت المسألة السورية ولا تزال تؤثر بصورة مباشرة على السياسة التركية، وكان أمام تركيا خياران للتعامل معها؛ أولها هو أنْ تعارض تركيا تحقيق أي مكتسبات للمنظمات الكردية والحفاظ تحت أي ظرف وشرط على وحدة الأراضي السورية، بما في ذلك معادلات تتضمن بقاء الأسد. لكنها لم تختَر هذا الخيار.
تركيا اختارت أمرًا آخرا بشرط مُسبق، وهو مُقترح سوريا بدون الأسد، نموذج سوريا الموحدة التي يقودها تحالف المعارضة، ولا يوجد في مكان لحزب الاتحاد الديمقراطي.
لكن الأمور لم تمض كما تريد تركيا، خصوصا عندما دخلت إيران وروسيا بكل ثقلهما إلى سوريا ووقوفهما إلى جانب الأسد، وأمريكا كذلك لم تتعامل بجدية إطلاقا مع موضوع سوريا بدون الأسد، بل تدخلت عندما سقطت الموصل بيد داعش، وتعاونت مع حزب الاتحاد الديمقراطي.
حينها اتجهت الأمور إلى طريق لا تريده تركيا، وأصبحت تركيا تشعر بالعزلة وانها تتابع الأحداث فقط دون التأثير عليها.
ولهذا فإنّ ما يجري اليوم، هو أنّ تركيا تتخلص من عزلتها، وتؤثر في معادلات المنطقة، وتسعى إلى تحويل هذه المعادلات لمصالحها. كيف ذلك؟
السياسة الخارجية التركية تخلت عن شرط مُسبق يتعلق بسوريا بدون الأسد، وتدخلت في سوريا لمواجهة داعش والقضاء عليه، ولمنع حزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة اكثر، وهي بذلك تكون على نفس المسافة مع القوى العالمية الأخرى المؤثرة في المشهد السوري.
أما الاختلافات مع أمريكا في هذا الموضوع، فهي في مستوى يُمكن السيطرة عليه والتحكم به ويُمكن القبول به من تركيا ومن أمريكا، ولذلك فإنّ التطورات الأخيرة تريح تركيا وهامة بالنسبة لها.
لكن قد تقود هذه العمليات إلى تقارب كبير بين المنظمات الكردية المختلفة، ولهذا فإنّ حل المسألة الكردية من خلال سحبها إلى الحدود التركية وحلها هناك، هو واجب تاريخي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس