جوسيبي شيريليو - صحيفة ريسكيو كالكولاتو - ترجمة وتحرير ترك برس

كما نعلم، فإن الحرب في كل من سوريا والعراق تنبئ بحدوث سيناريو جديد سيؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، حيث إن الأطراف الفاعلة في هذا السيناريو هي نظام الأسد، وحزب الله، وروسيا، وتركيا، والمعارضة السنية، وتنظيم الدولة، والسوريون، والأكراد والحكومة العراقية والميليشيات الشيعية، وإسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها. لكن دعونا نسلط الضوء على إحدى العوامل الرئيسة في هذه الحرب ألا وهو تدخل كل من موسكو وأنقرة وتذبذب العلاقة التي تجمع بينهما. 

تنشط كل من روسيا وتركيا داخل النزاع إما مباشرة أو من خلال الدعم بالسلاح وتزويد حلفائهم المحليين بكل ما يستحقونه. لكن أهدافهم مختلفة، فهدف موسكو هو الدفاع عن ميناء عسكري وتوفير قاعدة مهمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. أما بالنسبة إلى تركيا، فهي تهدف إلى توسيع نفوذها في البلاد، مستفيدة من الفوضى الحالية، متجنبة إنشاء دولة كردية مستقلة عن حدودها في كل من سوريا والعراق. 

وتجدر الإشارة إلى التنافس الشرس الذي جمع بين أنقرة وموسكو منذ بداية الصراع في سوريا، حيث وقفت تركيا إلى جانب القوات المعارضة لنظام الأسد في حين دعمت روسيا النظام. أما الآن، وبعد فشل الانقلاب ضد أردوغان، تغير الوضع بشكل كبير وتقارب القادة من جديد.

وعلى الرغم من التوتر الذي ساد بينهما حول القضية السورية، إلا أنهما يملكان أهدافا مشتركة تتمثل خاصة في منع صعود الأكراد المواليين للغرب وما يقومون به من مناوشات من شأنها أن تشكل خطرا على الدولتين.

كما نعلم، فإن الاتفاق الروسي-الألماني الشبيه بما يحدث الآن أدى إلى تقسيم بولندا، وهو ما أثار مخاوف البعض الذين عدّوا أن هذا التقارب الجديد من الممكن أن يؤدي إلى تقسيم سوريا. 

يعد بوتين سياسيا ناجحا ومخططا فذا، لذلك نجده من أبرز المساندين لنظام الأسد ومن أكثر الأطراف حرصا على الوقوف في وجه المعارضة. كما يسعى بوتين إلى إلغاء وجود حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، خاصة الأكراد. لكنه لن يقوم بذلك مباشرة وإنما في كنف السرية على عكس تركيا التي أعلنت شنها لهجمات ضد الأكراد المسلحين.

ووفقا للعديد من المحللين، فإن اتفاق أنقرة وموسكو سيمثل فرصة أمام تركيا لإعلان الحرب على الجبهة الكردية في سوريا التي تسعى إلى الحصول على استقلال ذاتي والتوغل عبر الحدود.

كما من المقرر أن تواجه كل من روسيا وتركيا تنظيم الدولة وذلك بهدف تخليص سوريا من قبضة التنظيم وبالتالي ستصبح سوريا الشمالية بالإضافة إلى وسط وجنوب حلب من نصيب تركيا في حين أن جنوب سوريا والعاصمة دمشق ستصبح تحت قبضة روسيا. 

وسيكون من الأفضل لو لم تتدخل المملكة العربية السعودية وحلفاؤها لحماية المناطق التي تتواجد فيها المعارضة والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة. ففي هذه الحالة، ستخضع سوريا إلى تقسيم ثلاثي بين سوريا الموالية لتركيا، وسوريا الموالية لروسيا وتلك الموالية للسعودية وحلفائها. وإذا ما افترضنا أن القوات التركية ستتمركز في شمال في حلب، فسيكون بمقدور المعارضة التغلب على القوات الحكومية التي تحاصرهم. 

كما أن "الحقيقة" التي تفيد أن بوتين قد توقف عن قصف البلاد يمكن أن تضفي مزيدا من المصداقية على فرضيتنا. ففي حال تراجع القوات الحكومية، فإن التوسع التركي وتقسيم البلاد سيصل إلى العراق، ومن المحتمل جدا أن تستولي تركيا على الموصل بحجة الدفاع عن الغزو الشيعي.

وإذا كانت فرضيتنا خاطئة ولن يكون هناك اتفاق بين أردوغان وبوتين حول السيطرة على الأراضي السورية، فسيؤدي ذلك حتما إلى تركيز تركيا اهتمامها على تنظيم الدولة والأكراد. كما يمكن أن تتوتر العلاقة  بين موسكو وأنقرة في ظل إمكانية عدم التوصل إلى اتفاق خاصة وأن تركيا ستواصل معاداتها لنظام الأسد المدعوم من قبل روسيا.

كما أن التدخل المباشر لكل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من شأنه أن يسهم في توتر العلاقات التركية الروسية.  وفي هذه الحالة يمكن أن يتجه بوتين إما إلى النزاع الذي من شأنه أن يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة أو إلى طلب دعم أنقرة لإحباط الطموحات الإسرائيلية والعربية والأمريكية. فمن الواضح أنه مع وجود أعداد هائلة من القوات الروسية والتركية على الأراضي السورية، ستشن مجموعة من الدول هجمات من شأنها أن تقود العالم إلى حرب عالمية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس