عبد القادر سلفي – صحيفة حرييت – ترجمة وتحرير ترك برس
قال الرئيس أردوغان فيما يخص الموصل: "سنكون في ساحة المعركة وسنجلس على طاولة الحوار أيضاً". لم يكن ما قاله أردوغان يشير إلى تحدّ, إنما يشير إلى تغيّر في نموذج السياسة المتبعة تجاه سوريا والعراق.
يوجد هدفان لهذا التغيير في النموذج:
الأول, مكافحة الإرهاب:
حيث غيرت تركيا مفهومها في محاربة داعش وبي كي كي, وعدّلت خطتها من الدفاع إلى الهجوم. اعتمدت مبدأ الضربة الوقائية, وفضلت مهاجمة داعش و بي كي كي في مراكزهم بدلا من انتظار مهاجمتهما لها.
قال الرئيس أردوغان: "لن ننتظر مهاجمة التنظيمات الإرهابية لنا, إنما سنقوم بمداهمة أماكن تمركزهم وإفشال أنشطتهم أينما كانوا. هل التهديدات قادمة من سوريا أو العراق؟ لن ننتظر وصول هذه التهديدات إلى حدودنا, بل سنبحث عن حلول للقضاء على هذه التهديدات من مصدرها ". إن ما قاله الرئيس أردوغان كان يشير إلى مفهوم جديد ضمن إطار مكافحة الإرهاب.
ثانياً, تغيّر في نموذج السياسة الخارجية:
إن تحالف أمريكا مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية في سوريا, ومع بي كي كي في العراق, دفع تركيا التي تخوض معركة الفناء أو البقاء إلى التقرب من روسيا. حيث كان لموقف روسيا المعارض لمحاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا في 15 يوليو / تموز, والصمت الأمريكي وترددها بتسليم "غولن" للحكومة التركية, أثر كبير في هذا التقرب التركي الروسي. الأمر ليس تحوّل في المحور, إنما مشروع تشكيل قوة تقف في وجه أمريكا.
صرّح الرئيس أردوغان عن نفاذ صبر تركيا بعد تفجير غازي عنتاب في 20 أغسطس / آب. بدأت تركيا بعملية "درع الفرات " , وطُهّرت جرابلس من داعش خلال فترة قصيرة. نلاحظ نقص حلقة من السلسلة في حال اعتبرنا أن تركيا بدأت بهذه الخطوة بإرادتها وقرار منها فقط.
قال الرئيس أردوغان: " لم نطلب الإذن من أحد لبدء عملية درع الفرات, هناك فرق بين إعطاء المعلومات عن العملية, وبين طلب الإذن للبدء بها" . الآن لا بد من إعادة الحلقة الناقصة إلى مكانها لنكمل السلسلة.
إن تحسن العلاقات بين تركيا وروسيا كان أحد عوامل تسهيل عملية درع الفرات. تركيا, أعلمت أمريكا بعملية درع الفرات, في حين قامت روسيا بتبليغ النظام السوري عن ذلك.
تمر تركيا بمرحلة مهمة تشهد فيها تغيرات عديدة في سياسات سوريا والعراق. سأشارك معكم المعلومات التي وردتني في أثناء مقابلاتي بخصوص الفترة الجديدة.
أمريكا تتحالف مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية ضمن خطة تهدف فيها إلى تدمير تركيا. يمكن لتركيا الاتفاق مع روسيا وإيران لاعتمادهما مبدأ وحدة الأراضي السورية أساسا. ما زال التردد في موضوع بشار الأسد مستمرا, لكن هذا الموضوع ليس ضمن الأولويات. الأهم بالنسبة إلى تركيا هو منع تشكيل كتلة بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي على حدود تركيا الممتدة من سوريا إلى العراق. توضّح أن روسيا تنوي البقاء في سوريا. حيث قامت روسيا بتقوية قاعدتها البحرية في طرطوس, كما قامت بتزويد مطار اللاذقية بطائرات روسية إضافية أيضا.
بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي بتشكيل خطر جديد على نظام الأسد. حيث قام الحزب بمحاصرة قوات النظام في الحسكة والقامشلي, وبدأ التوتر بين الطرفين.
إذن ما هو مصير الجيش الحر الذي تدعمه تركيا!؟ يمكنهم تولّي مهمة العمل بصفة قوات الأمن المحلية في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم في سوريا الجديدة خلال الفترات المقبلة.
تركيا تتحالف مع روسيا وإيران في سوريا, لكنها تقوم بمواجهة إيران في العراق. أما بالنسبة إلى أمريكا, فإن علاقاتها مع تركيا تتراوح ما بين التوتر والاستقرار.
حصلت تركيا على نتائج إيجابية من خلال وجودها العسكري والثبات على موقفها في العراق. لم تستطع الدول الأخرى إبقاء تركيا خارج أحداث الموصل. قامت تركيا بدعم البشمركة في بعشيقة بالمدافع بناء على طلبهم بهدف مكافحة داعش, كما ستشارك في عملية الموصل بـ 4 طائرات حربية.
أدركت تركيا أن استخدام القوة العسكرية هي أفضل وسيلة دبلوماسية في الشرق الأوسط. حيث حصلت على نتائج إيجابية بهذه الوسيلة خلال عملية جرابلس, وكذلك في الموصل وبعشيقة أيضا. لا يمكن لتركيا التراجع عن هذا التغيير في نموذج سياستها بعد الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس