مراد يتكين - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
سبق وقلنا إنّ كلنتون تمثل شيطانًا بالنسبة لأنقرة، لأنها لم تكن تفكر بنفس تفكير تركيا وأردوغان حول مواضيع سوريا والعراق وحزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن، وحرية الصحافة وغيرها من المواضيع. لكن في الوقت نفسه كان من الممكن التلاقي معها عند نقاط معينة لأنه لا مستحيل ولا ثبات في السياسة.
فاز ترامب بالانتخابات، وهي النتيجة التي لم يجزم بها أحد، لا أردوغان ولا كثير من الزعماء الآخرين. وفي اليوم نفسه تم تسليط الضوء فجأة على العديد من المقالات والأخبار والفيديوهات لمقربين من ترامب ومرشحين لمناصب عديدة في حُكمه تتناول الإسلاموفوبيا، والعنصرية، وفي الوقت نفسه نجد من يشبه غولن بأسامة بن لادن.
الكثير من الأسماء المرشحة لمنصب وزير العدل، رئيس جهاز الاستخبارات "سي آي ايه"، ومستشار للرئيس ترامب، يمكن بسهولة العثور على تصريحات وفيديوهات لهم تتحدث بعنصرية. ومثال ذلك الفيديو الذي يسجل حديث مايكل فلين الذي أصبح مستشار ترامب للأمن القومي ليلة 15 تموز/ يوليو أثناء ترويجه للحملة الانتخابية للجمهوريين حيث يقول: "يحدث الآن انقلاب في تركيا، انقلاب عسكري".
وحسب فارق التوقيت، فإنّ حديثه كان مساء 15 تموز في أمريكا، وبفارق 8 ساعات بيننا وبينهم، يعني أن حديثه كان فجر 16 تموز في تركيا، في ساعات قصف البرلمان، وإطلاق النار على الناس في جسر البوسفور، واقتحام الانقلابيين لمقرات التلفزة، ومواجهة الشعب لهم.
في تلك الليلة قال فلين: "سواء نجحوا أم لم ينجحوا، فإن الجيش التركي يقاوم طوال سنين مضت محاولة أردوغان تحويل تركيا من دولة علمانية قومية إلى دولة إسلامية، وكان أوباما يحصل على وعود دائمة من قادة الجيش التركي بأنهم سيظلون حلفاء مع الناتو، وبأنهم سيحافظون على علمانية الدولة التركية". وبعد تصفيق الحاضرين قال فلين: "نعم، هذا الأمر يستحق التصفيق".
وأخذ بعد ذلك يمدح السيسي، وهو الرجل الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي عام 2013. وبعد عدة أشهر، كتب فلين نفسه عن أنّ أمريكا يجب أنْ لا تتحمل عبء غولن.
لن نطيل الحديث كثيرا، يمكننا استنتاج بعض الأمور مما سبق:
هذا الرجل لا يعرف حقيقة ما يجري في تركيا، برغم كونه مسؤولًا استخباراتيًا سابقًا، فقد كان يعتقد بأنّ أطفالنا سيصفقون للانقلابيين كما حدث في 12 أيلول/ سبتمبر 1980. وهو لا يعترض على انقلاب العسكر على رئيس جمهورية مُنتخب، وعلى حكومة منتخبة، وسيطرته على برلمان مُنتخب.
هذا الرجل الاستخباراتي والعسكري، كان سيرى البيان الذي ألقاه الانقلابيون عبر التلفزيون الرسمي ليلة 15 تموز، بمثابة بيان لحماية العلمانية والديمقراطية، وكان سيثني عليه كثيرا، وهو الذي صرح بمعرفته بما يجري في تركيا ومن يقف خلف الانقلاب وأن الانقلاب سينجح حسب مصادره.
فإذا كانت هذه وجهة نظره حول 15 تموز، فلماذا يتحدث الآن عن ضرورة أنْ لا تتحمل أمريكا عبء فتح الله غولن؟ هل لأنه يريد التخلص من الشخص الذي فشل في تحقيق الانقلاب؟ وخوفا من انكشاف دعم أمريكي له؟
لكن لكي لا نقول إننا نفسر الأمور وفق نظرية المؤامرة، دعونا ننتظر إلى حين بدء المهمة الرسمية لترامب ولمستشاره للأمن القومي فلين في 20 كانون الثاني/ يناير القادم، وننتظر حينها المزيد من الوضوح حول مواقفهم وصدق تصريحاتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس