جلال سلمي - خاص ترك برس
تأسس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975 على يد الرئيس العراقي الأسبق "جلال طالباني"، ومنذ تأسيسه وحتى يومنا هذا يشكل المنافس الأساسي للحزب الكردستاني الديمقراطي بزعامة "مسعود بارزاني". ولا يُعد حزب الاتحاد الوطني حزبًا سياسيًا فقط بل هو حزب سياسي عسكري يخضع لقيادته أكثر من 40 ألف جندي.
مرّ الحزب بمرحلة انقسامات داخلية عنيفة أفرزت حركة غوران للتغيير عام 2007، إلا أنه ما زال يتمتع بقوة سياسية واقتصادية تجعله في المرتبة الثانية بين الأحزاب الفاعلة في لإقليم كردستان العراق.
وفي إطار التنافس الإقليمي الحاصل منذ زمن بين تركيا وإيران فيما يتعلق بالنفوذ الدبلوماسي على الإقليم، ذكر الباحث في شؤون الشرق الأوسط "عثمان علي" أن التنافس التركي الإيراني لفرض النفوذ الدبلوماسي على الإقليم ليس وليد اللحظة بل يعود إلى عام 1991، حين استطاع الإقليم الحصول على استقلاله الفعلي عن الحكومة العراقية المركزية، وفي حين اختارت تركيا التحالف مع الحزب الكردستاني الديمقراطي نظرًا لالتقاء فكره الرافض للسيطرة الإيرانية مع فكر الحكومة التركية التي أبدت خشيتها من التمدد الإيراني، وقد تجلى التنافس التركي الإيراني في دعم تركيا للحزب الكردستاني الديمقراطي ودعم إيران لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني أثناء نزاعهما العسكري.
وأشار علي، الذي يعمل كباحث أول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام"، إلى أن التحالف بين إيران وحزب الاتحاد الوطني استمر حتى يومنا هذا، مبينًا أن الوطني اتخذ السليمانية ـ المتاخمة للحدود الإيرانية ـ مقرًا له منذ استقلال الإقليم، وعندما برزت خلافات عميقة داخل الحزب الذي أراد أن ينتخب بديلًا لطالباني الذي كان يعاني من المرض، خشيت إيران من تفكك حليفها الأساسي في الإقليم، لذلك أوعزت إلى مساعد قائد فيلق القدس "قاسم سليماني" الجنرال "مسجيريان" لتشكيل هيئة تسوي الأمور بين الفرقاء ليتمكن من إقناعهم بتشكيل لجنة إدارية مشتركة.
وحسبما أوضح علي في دراسة أكاديمية نشرها في الموقع الإلكتروني لمركز أورسام، فإن إيران تبذل جهودًا حثيثةً للحفاظ على الاتحاد الوطني الكردستاني كقوة سياسية عسكرية موازنة للحزب الكردستاني الديمقراطي الحليف الاستراتيجي لتركيا، لا سيما في ظل سيطرة الحزب على السليمانية، التي يمكن لإيران من خلالها إرسال جنودها وعدتها إلى نظام الأسد وميلشياتها التي تحارب إلى جانبه.
وقد أدى تأكيد إيران على ضرورة تنحية الخلافات الداخلية حتى يتم تصفية داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى عن المنطقة إلى اقناع التيارات المتعددة داخل الحزب الوطني الكردستاني بنبذ الخلافات مؤقتًا، حيث وعد مساعد سليماني، حسب علي، بأن تبذل إيران بعد القضاء على داعش جهودًا كبيرةً لحل الأزمة بالشكل الذي ينسجم مع رغبات جميع التيارات.
وبيّن علي أن إيران ترى أن من الصعب إزاحة الحزب الكردستاني الديمقراطي عن الحكم بشكل كامل في الوقت الراهن، لذلك تحاول الاستفادة من الإقليم وتقريب الاتحاد الوطني الكردستاني إليها من خلال إقناعه بإمكانية التعاون معه ومنحه حصة مجدية إذا استطاع منح إيران الحق في تمديد خطوط النفط بين العراق وإيران مرورًا بالسليمانية، حيث اقترح العبادي في أيلول/ سبتمبر الماضي على إيران تصدير النفط العراقي إلى العالم من خلال موانئها، الأمر الذي نال موافقة إيران السريعة لتندفع بسرعة لإقناع الاتحاد الوطني وحركة غوران بتمرير قانون من البرلمان يسمح لهذه الخطوط بالمرور من الإقليم الذي تسعى إيران للحصول على اتفاقية لبيع نفطه كبديل للاتفاقية المبرمة مع تركيا حسب الدراسة.
ووفقاً لعلي، فقد ظهر التحرك الإيراني في تحديد سياسة العراق والإقليم النفطية على السطح، من خلال طلبه من زوجة طالباني "هيرو طالباني" بدفع العبادي إلى نقض الاتفاقية التي تم التوقيع عليها بين الإقليم والحكومة العراقية في 30 آب/ أغسطس 2016، حيث نصت الاتفاقية المذكورة على تصدير نفط كركوك إلى الخارج عبر ميناء جيهان التركي، إلا أن هيرو أرسلت رسالة غضب حارة إلى العبادي، مهددةً له باستخدام أساليب مختلفة لإيقاف هذه الاتفاقية، وسعيًا من العبادي للحيلولة دون ظهور أي خلاف بين الأحزاب الرئيسية داخل الإقليم وبين حكومته وأحد أطراف الإقليم أعلن بعد فترة قصيرة إلغاء الاتفاقية لأسباب تقنية.
وفي ختام دراسته أوضح علي أن إيران تحفظ تقاربها مع الوطني الكردستاني منذ فترة طويلة، منوّهًا إلى أن التحركات العسكرية التعاونية بين الطرفين والتحرك المشترك فيما يتعلق بمنح إيران حق تصدير نفط الإقليم هما العاملان الأساسيان في إظهار سعي إيران للسيطرة على الإقليم بشكل منفرد وإقصاء تركيا من خلال الاتحاد الوطني الكردستاني.
إلا أن علي توقع أن الخلافات الشديدة داخل الحزب الذي يختلف مع الولايات المتحدة بدعوى دعمها الكبير للحزب الكردستاني الديمقراطي ستعيق تمكن الحزب من السيطرة على الإقليم بشكل كامل، وبالتالي ستحول دون تحقيق إيران مسعاها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!