وداد بيلغين -صحيفة أقشام- ترجمة وتحرير ترك برس
الهجمات مازالت مستمرة، لا يخفى على أحد الشبكة التي تقف خلف التفجير الإرهابي الذي وقع في إسطنبول ليلة رأس السنة. ما يهم معرفته هو شبكة العلاقات التي تقف وراء الإرهاب. ولا يغيّر اليوم وقوف داعش، وفي الأمس تنظيم بي كي كي، وقبله تنظيم الكيان الموازي خلف هذه الهجمات الإرهابية من شيء، وإنما المهم كما ذكرنا شبكة العلاقات.
غايات الجهات أو المراكز التي حاولت أن تجعل من تركيا هدفا للإرهاب واحدة، ومن هذه الغايات أيضا جعل تركيا خارج السيطرة والإدارة، وجعلها غير قادرة على التحرك، ليس في الخارج فقط وإنما في الداخل أيضا.
فالدول التي طرحت فكرة "شرق أوسط جديد" تحاول من خلال هذه العمليات الإرهابية إخضاع تركيا إلى المتطلبات التي تفرضها، وتركها من دون حول ولا قوة بعدد عجزهم عن تحقيق ذلك بالطرق الدبلوماسية.
تقييم العمليات والجرائم التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية، في الإطار الذي يفسره المجرمون سيكون بمثابة الوقوع في الفخ الذي نصبوه، وبمثابة الذهاب إلى حيث يريدون. ولذلك من الضروري تناول كل عملية إرهابية من حيث الظرف والسياق الخاص بها.
هدف الإرهاب
من خلال النظر إلى الظروف، نجد أن العملية الإرهابية لها علاقة بسياسة الشرق الأوسط الجديد، ومن ثم هي محاولة لجعل تركيا خارج الإطار الذي يُرسم له في المنطقة. إذ لم يعد يخفى على أحد أن الغرب يسعى إلى جعل تركيا معزولة، لينفرد -الغرب- بتطبيق استراتيجيته التي يسعى إليها، وذلك ضمن السياسة التي يرسمها في المنطقة، ومن خلال إعطاء التنظيمات الإرهابية أدوارا تخدم تطبيق استراتيجيته.
"وخلال هذه المدة سيحاولون تقليص نفوذ الدولة التركية، وإظهارها بمظهر الدولة الديمقراطية غير القادرة على الإدارة، ومن ثم تفعيل ميكانيكة ما يسمّونه الانقلاب. من خلال التدقيق والتمحيص نجد أن الأهداف تمتد إلى حيث كانت محاولة الانقلاب ترنو وتسعى".
الموضوع هنا يتعلق بكون تركيا باتت معروفة في أنها تسعى إلى تحقيق القوة من خلال الديمقراطية، فالدول التي تستخدم التنظيمات الإرهابية كأداة يعملون على كسر قوة تركيا التي تحاول أن تجد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترضها من خلال الديمقراطية، وياتي سعي تلك الدول من خلال تعطيل آلية عمل الدولة، ومن خلال تحطيم الروابط التي نشأت بين المجتمع والدولة بفضل الديمقراطية المتبعة من قبل الأخيرة. وتعلم الدول التي تسعى خلف ذلك أن الطريق المختصرة لتحقيق أهدافهم هي الذهاب إلى عملية انقلاب في الدولة التركية.
وهذه الدول بعد أن عجزت عن تحقيق أهدافها من خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، سعت إلى ذلك من خلال اللجوء إلى العمليات الإرهابية، التي من شانها أن تذهب بالبلاد إلى جو الفوضى وعدم الاستقرار.
ظهور العمليات الإرهابية التي تهدف إلى ضرب الفروقات والغنى الثقافي بين أطياف المجتمع التركي لم يكن عبثا. كما يتم العمل الآن على إقحام محور العلمانية إلى محاولات خلق جو الصراع، وذلك بوساطة العمليات الإرهابية التي تهدف إلى تحقيق ذلك من خلال اللعب على وتر الطائفية، والاختلاف العرقي.
من الجهة التي فشلت لعبتها؟
إن الجواب الذي أعطاه رئيس الشؤون الدينية محمد غورميز فيما يخص التفجير الإرهابي الذي استهدف منطقة أورتا كوي يحمل أهمية تاريخية، إذ قال: "إن ترفيه الناس عن أنفسهم حق لهم كما أن العبادة حق"، فهذا التصريح في حقيقة الأمر يعكس طريقة تفكير تركيا".
فالوقوع في الفخ، وتناول العملية الإرهابية في الإطار الذي رسم له الإرهاب كان من الممكن أن يكون من أكبر الأخطاء التي تُرتكب، إذ من الضروري عدم الانسياق إلى الركن الذي يحاول الإرهاب أخذنا إليه، مهما حاول أن يظهر نفسه بأنه على حق.
تركيا أعطت درسا للدول التي تحاول عزلها في الشرق الأوسط، بأنها ستفسد كل المحاولات الرامية إلى ذلك، كما أفسدت المحاولات السابقة بدءا من إسقاط الطائرة الروسية، ووصولا إلى الانقلاب".
إن تركيا تحاول إلى تأدية دور بنّاء في المنطقة وفي عملية السلام من خلال "عملية درع الفرات، ومن خلال موقفها في الموصل، وكذلك موقفها فيما يخص إجلاء المحاصرين بسلامة من شرقي حلب، بالإضافة من خلال تقاربها وتعاونها المشترك مع روسيا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس