بيار أفريل - لوفيغارو - ترجمة وتحرير ترك برس

لعبت إيران دورا خفيا ضمن السيناريو الذي دار وراء كواليس مؤتمر أستانا، والذي ساهم في فشل المفاوضات غير المباشرة بين المعارضة والنظام السوري، على الرغم من تسجيل بعض التقدم نحو إيجاد حلٍ للنزاع.

مؤخرا، انضمت طهران إلى روسيا وتركيا "لتعزيز" التهدئة. ولكن بقيت النوايا الحقيقية للنظام الشيعي، جنبا إلى جنب مع النظام السوري، غامضة خلال جميع مراحل المفاوضات، التي عقدت في العاصمة الكازاخستانية.

وفي الحقيقة، يمكن القول أن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا هو رهين القرار الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الصورة التي تم التقاطها لنائب وزير الخارجية الإيراني، حسين الأنصاري الجابري، وهو يصافح بفتور مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا كل الشكوك حول النوايا الشيعية الحقيقية.

الانـتـقـال الـسـيـاسـي

لم يوقع النظام السوري ولا المعارضة السورية على البيان الختامي للمفاوضات، مما ينذر بعدم وجود أي "حل عسكري" لهذا الصراع القديم المتجدد. لكن الأمر المثير للاستغراب يتمثل في أن أعضاء الترويكا تعهدوا باستخدام نفوذهم ضد كلا الطرفين المتنازعين بهدف تأمين تنفيذ وقف إطلاق النار.

وتجدر الإشارة إلى أن البيان الختامي لهذا المؤتمر تطرق إلى إعلان قرار مجلس الأمن (2254) الذي يثير في حد ذاته مسألة مستقبل "الانتقال السياسي" في البلاد، الأمر الذي عارضته طهران بشدة نظرا لأنه يهدد استدامة النظام في سوريا.

أكد مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، الذي أصبح يتمتع بنفوذ واضح، أن كلا من موسكو وطهران وأنقرة "أخذوا على عاتقهم مسؤولية ضمان عملية السلام في سوريا؛ مشيرا إلى "الدعم السياسي النشط" الذي لا تتوانى إيران عن تقديمه لدمشق.

وفي هذا السياق، أورد رئيس وفد المعارضة السورية، محمد علوش أنه "حتى الآن، لم نحرز أي تقدم ملموس في المفاوضات بسبب التعنت الذي أبداه كل من النظامين الإيراني والسوري".

الـدبـلـومـاسـي الـغـربـي

بالقرب من تركيا، التي تركز الآن جهودها العسكرية ضد الأكراد لاستبعادهم من اتفاق وقف إطلاق النار، يقع مصير المعارضة المتواجدة في أستانا في يد موسكو، التي تبدو أنه غير مستعدة في الوقت الحالي لمغادرة "المستنقع" السوري، على غرار طهران التي لا تريد الانسحاب من صراعها الأكبر مع العالم السني، الذي تجسده المملكة العربية السعودية.

 وعموما، يؤكد المحللون الروس أن طهران تملك مصالح تجارية طويلة المدى في سوريا، حيث أنها وقعت مؤخرا اتفاقا مع الجهات النظامية يهدف إلى التنقيب عن النفط في منطقة تدمر وإلى إنشاء شبكة للهاتف المحمول.

بالإضافة إلى ذلك، بدا نفوذ إيران واضحا عندما رفضت بصفة قطعية حضور أي ممثل للولايات المتحدة في أستانا. والجدير بالذكر أن السفير الأمريكي لدى كازاخستان جورج كرول مثّل بلاده في مباحثات أستانا بصفة مراقب لا غير.

إعـادة الـسـيـطـرة عـلـى الـمـعـارضـة

في هذا الصدد، صرح دبلوماسي غربي أنه "يجب ألا نخدع أنفسنا، فالنظام السوري الحالي أصبح صورة نقية عن إيران". أما من جانب آخر، فقد رحّب مصدر مقرب من النظام بعدم الموافقة على طلب المعارضة الذي يتعلق بضرورة انسحاب الميليشيات الشيعية من الأراضي السورية في غضون ثلاثين يوما.

في المقابل، أشار مصدر دبلوماسي آخر إلى المناوشات التي تجري بين الجيش الروسي والميليشيات الإيرانية حول وادي بردى، الذي يعدّ المصدر الرئيسي لإمداد دمشق بالمياه، والذي يحاول النظام استعادته من أيدي المعارضة السورية.

ومن جهته، ألقى رئيس الوفد السوري الحكومي، بشار الجعفري، اللوم على الفصائل المعارضة المتطرفة لأنها انتقدت تواجد طهران وهدد قائلا: "طالما سيُحرم سبعة ملايين سوري من الماء، فإنه جيشنا سيواصل  عملياته العسكرية".

وفي الختام، صرّح مبعوث دمشق أن "إيران لعبت دورا إيجابيا في كتابة البيان الختامي لمحادثات أستانا، فضلا عن أنها تعتبر إحدى الضامنين الثلاثة لعملية السلام على غرار كل من روسيا وتركيا".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس