عبد القادر سلفي - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
"سنكون في ميدان المعركة وعلى طاولة المفاوضات"
تصريحات الرئيس أردوغان هذه تحمل رسالة يعمل على إيصالها عبر مواصلة تواجد الجيش التركي في العراق في قاعدة بعشيقة العسكرية والتواجد في سوريا من خلال استمرار عملية درع الفرات.
قول أردوغان إن القوات التركية لن تنسحب من سوريا بعد انتهاء عملية الباب بل ستستمر في عملياتها بتحرير مدينتي منبج والرقة، يعد جزءًا من هذه الاستراتيجية أيضا.
تركيا على قناعة بأن الإدارة الأمريكية الجديدة ستكشف عن استراتيجيتها تجاه المنطقة في أواخر أبريل/ نيسان وأوائل مايو/ أيار من العام الجاري. ولكي تتجنب المفاجآت في هذا الخصوص اختارت تركيا أن تكون في ميدان المعركة. في الأساس لو كانت عملية الباب التي تقودها تركيا ستنتهي في هذه اللحظة فإن التقارير تشير إلى أن انسحاب القوات التركية من المدينة سيستمر لشهرين أو ثلاثة قادمة. وذلك لأن تركيا لا تقوم بمحاربة داعش فقط في تلك المنطقة، وإنما تعمل أيضًا على بناء "مدن آمنة" يستطيع أهلها العيش فيها بسلام وطمأنينة كما حدث في مدينة جرابلس.
منذ يومين دخلت العمليات العسكرية في مدينة الباب مرحلة حرب الشوارع. ومن جهة أخرى اعترضت وحدات الاستخبارات التركية رسالة موجهة من والي الرقة الجديد إلى عناصر داعش في مدينة الباب في الثامن من الشهر الجاري يقول فيها: "اصمدوا، لا تبرحوا أماكنكم، استمروا بالقتال". وهذا يشير إلى أن تنظيم داعش لا يفكر بالانسحاب من المدينة، بل ستواصل عناصره المتبقية والتي يقدر عددها بـ80- 100 عنصر بمقاومة تقدم قوات درع الفرات.
ومع استمرار هذه العمليات لدحر التنظيم الإرهابي من مدينة الباب، أصبحت قوات درع الفرات قريبة من قوات جيش النظام السوري المدعومة من روسيا والتي تحاول اقتحام المدينة من الجنوب. من جهة أخرى يتم العمل على إنشاء خط فاصل بجهود تركية- روسية مشتركة من أجل تجنب التماس المباشر بين الطرفين.
مـقـتـرحـات تـركـيـا...
في زيارته لدول الخليج العربي أدلى الرئيس التركي أردوغان بتصريحات مهمة فيما يتعلق بتنظيم داعش وإقامة منطقة آمنة في سوريا. بهذه التصريحات أراد الرئيس التركي التأثير على الإدارة الأمريكية الجديدة التي تبني استراتيجيتها تجاه المنطقة من جهة، وأراد خلق توازن بمشاركة دول المنطقة من جهة أخرى.
تقدم الرئيس أردوغان للرئيس الأمريكي ترامب بمقترحين:
- القيام بعملية تركية- أمريكية مشتركة في الرقة.
- إنشاء منطقة آمنة خالية من الإرهاب.
تركيا ترفض مشاركة قوى سوريا الديمقراطية الكردية التي أنشأتها الولايات المتحدة في عملية الرقة، حيث تتكون هذه القوى بشكل أساسي من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يشكل ما نسبته 90% منها. من جهة أخرى قدمت تركيا مقترحات بديلة لواشنطن تتضمن إنشاء قوة عسكرية من 8-10 الآف عنصر من عناصر الجيش السوري الحر بجانب العناصر العربية المقاتلة من المناطق المُزمَع تحريرها، بالإضافة إلى دعم وحدات خاصة تركية وأمريكية للعناصر المقاتلة.
لهذه اللحظة، المباحثات في ملف عملية الرقة تسير في صالح مشاركة قوى سوريا الديمقراطية الكردية في العملية. والرئيس أردوغان يحاول منع مشاركة هذه القوى بتقديمه تلك المقترحات التي ينظر الرئيس الأمريكي إليها بجدية ويرى أنها تستحق الدراسة حسب آخر التقارير.
بـمـشـاركـة مـن سـتـنـشـئ الـولايـات الـمـتـحـدة الـمـنـطـقـة الآمـنـة؟
قامت تركيا قبل سنتين بإبلاغ إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بتفاصيل خطتها للمنطقة الآمنة على الحدود التركية السورية والتي تقضي بتمشيط منطقة على طول الحدود التي تقدر بـ97 كيلومتر وبعمق 37 كيلومتر داخل الأراضي السورية بمساحة تقدرب 4-5 آلاف كيلومتر مربع وجعلها منطقة خالية من الإرهاب وآمنة للاجئين. في المحادثة الهاتفية التي جمعته مع الرئيس الأمريكي الجديد ترامب قدم الرئيس أردوغان خطة تركيا للمنطقة الآمنة مرة أخرى وبشكل شامل. كما تم مشاركة رئيس السي أي إيه الأمريكي بومبيو أيضا في زيارته لتركيا بتفاصيلها. وحسب هذه التفاصيل فإنه سيتم إعلان حظر للطيران فوق تلك المنطقة وسيتم تدريب عناصر الجيش الحر لفرض الأمن وسيتم إنشاء وحدات سكنية للاجئين السوريين في تلك المناطق. تركيا قامت بتطبيق هذه الخطة بشكل جزئي في مدينة جرابلس، ويمكننا القول إنها خطة ناجحة حيث تمكن الآف السوريين من العودة إلى المدينة.
من جهة أخرى هذه الخطة ستمنع تسلل عناصر إرهابية عبر الحدود إلى تركيا.
أما النقطة الغامضة في هذا الموضوع فهي "أن إدارة ترامب تدعم إنشاء منطقة آمنة ولكن بمشاركة من ستنشئها؟". إذا كانت ستنشئها مع الحكومة التركية فلن تكون هناك مشكلة. أما إذا أنشأتها مع الأحزاب الكردية وتم إعلان منطقة كوباني وعفرين مناطق آمنة فإن هذه ستكون الكارثة. وستتسبب بأزمة كبرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس