رايدا أسيموفيتش أكيول - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
بقصة حب تجمع بين ثلاثة أطراف ممرضة أمريكية عنيدة، وجندي عثماني صارم، وطبيب أمريكي متعصب، من السهل أن نصنف فيلم "الملازم العثماني" على أنه قصة حب كلاسيكية وقعت أحداثها في إحدى بلدات الأناضول الخلابة في بداية الحرب العالمية الأولى. على أن الفيلم الذي يدور في مدينة وان التركية ويصور الصراع الدموي بين الأتراك والأرمن، أثار جدلا واسعا في الغرب وفي تركيا.
وعلى الرغم من الاهتمام الذي حظي به الفيلم في وسائل الإعلام بسبب موضوعه، فإنه لم يحقق نجاحا جيدا في شباك التذاكر المحلية، حيث بلغ عدد المشاهدين حتى الآن 41 ألفًا و578 مشاهدا.
الفيلم إنتاج أمريكي تركي مشترك، أخرجه جوزيف روبن، وكتبه جيف ستوكويل، كما يشارك في الفيلم الممثل البريطاني الأسطوري والحاصل على جائزة أوسكار، السير بن كينغسلي، وجوش هارتنت وهيرا هيلمر، وميشيل هسمان، إلى جانب الممثلين التركيين خلوق بيلغينر، وسلجوق يونتم.
تدور أحداث الفيلم في مقاطعة وان شرقي تركيا في عام 1914 حول قصة حب بين الممرضة الأمريكية ليلي (هيرا هيلمار) والملازم التركي إسماعيل فيلي (ميشيل هسمان). ويقع الطبيب الأمريكي جود (جوش هارتنت) الذي كان سببا في مجيء ليلي إلى مستشفى وان في غرامها أيضا. يظهر هذا الثلاثي في عدة مشاهد متوترة مثل مشهد عراك الرجلين في المستشفى في الصراع على حب ليلي، ومشهد الحوار الغاضب حول الأخلاق، ومشهد الطبيب جود الذي يتهم الإمبراطورية العثمانية بأنها شريك في قتل "المسيحيين" من خلال عدم القيام بأي شيء لحمايتهم.
يقدم الفيلم عدة رسائل سياسية خفية، فعندما سأل العقيد خليل (الذي يلعب دوره خلوق بيلغينز)، مرؤوسه فيلي عن وقف تمرد الأرمن ضد الإمبراطورية العثمانية، أجاب فيلي: "كيف لنا أن نفرق بين المتمردين والقرويين؟"، فرد خليل: "المتمردون هم من يطلقون النار عليك".
وقال التركي يوسف إسينكال، أحد منتجي الفيلم في مقابلة في 15 أبريل/ نيسان مع وكالة أنباء الأناضول: "يمكن أن نطلق على هذا الفيلم بأنه أول فيلم تركي في هوليوود". ووصف الفيلم بأنه قصة حب كلاسيكية قائلا: "هناك ألم مشترك - وهذا الألم هو الحرب". وقال ستيفن براون، أحد منتجي الفيلم الذي سيتعاون مع إسينكال في إنتاج فيلم آخر عن الشاعر جلال الدين الرومي، إنه أراد أن يقدم وصفا موضوعيا للمعاناة المشتركة لكل من الأتراك والأرمن. وقال: "كنا نريد أن نعرض للجمهور ما حدث خلال الحرب العالمية الأولى في شرق الأناضول، وهو موضوع لم يتم التعامل معه من قبل".
أثار الفيلم عند عرضه جدلا في أوروبا، ووصف بعدة مصطلحات مثل تصحيحي وإنكاري. وعقدت مقارنات بين الفيلم وفيلم الوعد "The Promise" الذي عرض أخيرا، ويطرح موضوعا مماثلا، ولكن من خلال وجهة النظر المقابلة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز: "إن المعركة حول الفيلمين تعكس مسعى تركيا للسيطرة على التاريخ المرير"، بينما رأى تقرير لهوليود أن الفيلمين معركة حول ما يزعم أنه "الإبادة الأرمينية".
وبالعودة إلى تركيا، فقد كانت ردود الفعل متفاوتة، وأظهرت الصحف المؤيدة للحكومة دعما واضحا للفيلم الذي يصور ما يسمى "ترحيل" الأرمن بصورة معقولة وضرورية.
يصف سردار أكبييك من صحيفة "ستار" اليومية الموالية للحكومة فيلم "الملازم العثماني" بأنه فيلم حب وحركة عن حقبة "الترحيل الأرمني"، ولكن من دون ضجيج بشأن الأحداث التاريخية. ويوضح أكبيك وضع تركيا في عام 1915 فيقول " أعمل فكرك في بلد تعرض للطعن من قبل أقلية عاشت إخوة لنا لمئات السنيين، نأكل ونشرب معا…... هذه الأقلية ومعها جيوش العدو كانت ستذبح شعوب المنطقة، ثم عندما تتحول الرياح ستدفع ثمن ما فعلته. وبعد 100 سنة ما تزال تحاول الانتقام".
اتخذ علي سايدام من صحيفة يني شفق موقفا مماثلا في عموده. ووصف الفيلم بأنه عمل احترافي حقيقي يسلط الضوء على "الفهم التركي الرسمي للتاريخ" على الصعيد الدولي من خلال السينما. كما تطرق سايدام إلى حالة الغضب التي أصابت مجموعات اللوبي الأرمينية في الولايات المتحدة قبل عرض الفيلم وبعده.
وقال الناقد التركي القدير التركي أتيلا دورساي إنه وجد الفيلم "محايدا ونزيها، دون خداع أي معسكر معين، وترك مجالا قليلا للاعتراض"، ولكنه في كل الأحوال كان "قريبا جدا من وجهات نظرنا الوطنية". وأعرب دورساي عن دهشته من أن الفيلم عرض في مشهد سريع للكنيسة الشهيرة في جزيرة أكدمار في بحيرة ولم تبرز جدارياتها الجميلة. ووفقا لدورساي، فإن الفيلم كان رسالة قوية، وخاصة للمشاهدين الغربيين، فهو يعرض بالصورة ويقول لهم: "حتى في تلك الأوقات المعقدة، أنقذنا هذه الكنوز".
أما النقاد الأتراك الآخرون فقد وجدوا الفيلم مخلصا للرواية التركية للأحداث. حمل شيناي أيديمير من صحيفة جازيتي دوفار اليسارية على الفيلم من الناحيتين السياسية والسينمائية. وانتقد أيديمير الفيلم واصفا إياه بأنه جاء خاليا من المشاعر، والاتساق والسرعة والإيقاع. وتهكم أيديمير من المشهد الذي ينقذ فيه الملازم فيلي 20 أرمينيا من ملازم عثماني آخر "شرير"، كما انتقد أسلوب الفيلم وحبكته الضعيفة التي أغفلت تماما النقاط التاريخية المثيرة للاهتمام، مثل السياق السياسي الذي أدى إلى قرار الإمبراطورية العثمانية بترحيل الأرمن. كما انتقد اللوم الذي وجهه الفيلم للروس بسبب تحريضهم على العداوة التركية الأرمينية، وتجاهله للأدوار التي لعبتها ألمانيا والمملكة المتحدة.
وجه نقاد أتراك انتقادات أيضا لحبكة الفيلم وأداء الممثلين، فوصف أوجور فاردان من صحيفة حرييت القصة بأنها ضعيفة وغير قابلة للتصديق، ووصف أداء هيرا هيلمار بأنه غير معبر، وأداء جوش هارتنت بالمتواضع. وسخر بوراك جورال من صحيفة سوزجو العلمانية من حذف مشاهد التقبيل في نسخة الفيلم التي تعرض في تركيا.
ومن الواضح أن الفيلم لم ينل إشادة كبيرة في شباك التذاكر أو بين النقاد، بيد أن له قيمة كبيرة في تصوير المنظور التركي المشترك بشأن "ترحيل" الأرمن الذي يصفه كثيرون في الغرب بأنه "إبادة جماعية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس