ترك برس
أظهرت دراسة للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الحضور السلفي في تركيا يظل محدودًا جدًا حتى الآن قياسًا بالدعم الذي يتلقاه والفترة التي مضت عليه والجهود المتنوعة التي بُذلت، وبحجم الساحة التركية الواسعة جغرافيًا وسكانيًا.
الدراسة التي أعدّها الباحث "عماد قدورة" مدير قسم التحرير في المركز العربي، أوضحت أن عدد المنتمين للسلفية لم يتجاوز بضعة آلاف في تركيا، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، منها أن السلفية تعد في نظر المجتمع التركي دعوةً متشددةً، ومن المعروف عن هذا المجتمع عدم انجذابه للتشدد عمومًا.
وأشارت إلى أن التفسيرات السلفية للإسلام لم تجد لها صدى أو جذور في القطاع الأوسع من الشعب التركي، فهم يعتبرون أنفسهم أنهم يستندون تاريخيًا إلى مفاهيم معتدلة ومتعددة للإسلام.
ومن جهة أخرى، يرى بعض الأتراك أن اتّباع السلفية يعني القضاء على ما تؤمن بتقاليد الماتريدية التي تقبل التعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان والانتخابات، أي التي تلائم مفاهيم العصر والجمهورية، بحسب الدراسة.
ورأت أن حضور الأفكار والدعوات، مهما كانت نوعيتها أو اتجاهاتها، أصبح ممكنًا داخل تركيا، بسبب التعددية السياسية والمجتمعية والانفتاح وتوسيع الحريات المترافقة مع محاولات التزام معايير الاتحاد الأوروبي.
لذلك، فإن حضور السلفية الدعوية لا يعدّ استثناءً من محاولات الاستفادة من حرية التحرك والتجمع والتعبير والنشر الذي تكفله القوانين التركية. إلا أنّ ما يميز الحضور السلفي هو الدعم الكبير الذي تحظى به أنشطته.
ووفقًا للدراسة، فإنه "ليس بالضرورة أن يكون هذا الدعم رسميًا، فالسلفية تجد بصفة عامة دعمً من علمائها ودعاتها عبر نشر كتبهم ومحاضراتهم أو دعم نشر كتب الأصول الشرعية وترجمتها إلى اللغات المختلفة، ومنها اللغة التركية.
ولذلك، لا تجد دار الغرباء، مثلً، صعوبة في نشر ملايين النسخ من كتاب "مجموعة الفتاوى" لابن تيمية على الرغم من حجمه الكبير، ولا نشر مئات الآلاف من كتاب "الوجيز في عقيدة السلف الصالح"، وتوزيعها مجانًا، فضلً عن رعاية كثير من الأنشطة".
وتُظهر نتائج الدراسة أنه يصعب على السلفية تحقيق حضور في مجتمعٍ متصوفٍ ما زال يتبنى نهج الرأي والتأويل ويدافع عنه ويعده إرثًا ميّز الأتراك وجعلهم منفتحين، وذلك في مقابل ما يعدونه منهجًا يقوم على الاتباع والنقل.
كما أن الحاجز التاريخي والنفسي الذي نشأ منذ بدايات القرن التاسع عشر، ما زال حاضرًا لدى الأتراك الذين يعدون ذلك أحد أسباب إضعاف الإمبراطورية العثمانية.
ومن المرجح أن تعوّق هذه الحواجز الحضور السلفي الفاعل في المجال العام التركي أو أي طموح سياسي محتمل، فما زال مجرد الظهور السلفي الدعوي الواضح يواجه صعوبات.
كما ظهر عائقٌ جديدٌ يصعب تجاهل آثاره في مجمل الحركة السلفية في تركيا، وهو ارتباط كلمتي السلفية و"الوهابية" بما يقوم به تنظيم الدولة "داعش" من عمليات لم يشهدها المجتمع التركي من قبل.
وتحرص وسائل إعلام تركية معارضة وعالمية على ربط هذه الممارسات المروعة بـ "التشدد الإسلامي" والسلفية عمومًا، على الرغم من الاختلافات الجوهرية بين شقّي السلفية في الخطاب والوسائل، بحسب الدراسة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!