إسماعيل ياشا - عربي 21
انطلقت في تركيا، الثلاثاء، فعاليات إحياء الذكرى السنوية الأولى لإفشال محاولة الانقلاب التي قام بها ضباط موالون للكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة كولن، في الخامس عشر من يوليو / تموز الماضي، بهدف إسقاط الحكومة المنتخبة، واعتقال رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان أو قتله.
الشعب التركي الذي سطر في ليلة محاولة الانقلاب أروع أمثلة البطولات لا يمكن أن ينسى أحداث تلك الليلة بسهولة، لأنه كان العنصر الأهم في عملية التصدي للدبابات وإفشال محاولة الانقلاب. ومن المؤكد أن هناك قصصا كثيرة متعلقة بما جرى في اللحظات الحاسمة سيتناقلها الأتراك إلى الأجيال القادمة ليفتخر الأبناء والأحفاد بما قام به الآباء والأجداد من أجل الدفاع عن الاستقلال الوطني وإرادة الشعب التركي الديمقراطية.
الفعاليات بدأت أمس بزيارات لقبور شهداء 15 يوليو / تموز، وستستمر أسبوعا كاملا. ومن المقرر أن تقام معارض للصور واللوحات الفنية، وتنظم ندوات ومؤتمرات في جميع أنحاء البلاد. وسيكون تتويج هذه الفعاليات يوم السبت القادم بخروج الملايين من المواطنين إلى الشوارع والساحات في كل مدن تركيا، كما خرجوا ليلة محاولة الانقلاب وما بعدها لصون الديمقراطية. ومن المتوقع أن يشارك أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم وأعضاء الحكومة التركية في عدد من تلك الفعاليات.
وسائل الإعلام التركية بدورها بدأت تغطي فعاليات إحياء الذكرى الأولى لإفشال محاولة الانقلاب من خلال تخصيص مساحات واسعة في البرامج التلفزيونية وصفحات الجرائد والمواقع لتلك الفعاليات التي يتم تنظيمها تحت شعار "لن ننسى ولن نسمح بأن يُنْسَى".
15 يوليو / تموز 2016 تاريخ لن ينساه الشعب التركي ومحطة هامة للغاية في مسيرة الديمقراطية التركية. ولأول مرة، خرج الشعب التركي في ذاك اليوم أمام الدبابات، وتصدى المواطنون للانقلابيين بصدورهم العارية، في الوقت الذي كان فيه تنظيم الكيان الموازي الإرهابي وكل من يقف وراءه من قوى دولية وإقليمية واثقا من نجاح خطة الانقلاب. ويمكن القول بأن تركيا، حكومة وشعبا، قبضت في تلك الليلة على الانقلابيين وجميع من يقف وراءهم متلبسين بالجريمة الشنيعة والخيانة العظمى للوطن وللشعب التركي وإرادته الديمقراطية.
الشعب التركي حقق في منتصف يوليو / تموز 2016 انتصارا باهرا ضد الانقلابيين، وقدم خطوة كبيرة نحو ترسيخ أركان الديمقراطية في البلاد، إلا أن ذلك ليس نهاية المطاف، بل هناك طريق طويل يجب أن تقطعه تركيا لتصل إلى الهدف المنشود، وهو تطهير جميع أجهزة الدولة وشريانها من خلايا الكيان الموازي السرطانية لضمان عدم تكرار مثل هذه الخيانات التي تستهدف إرادة الشعب التركي.
ومما لا شك فيه أن الشعب التركي قام في تلك الليلة بما يجب عليه للدفاع عن أمن البلاد واستقرارها وديمقراطيتها. وبالتالي، من حقه أن يطلب من الحكومة التركية أن تقوم بما يجب عليها للحفاظ على هذا الإنجاز الكبير الذي قدَّم المواطنون من أجله عشرات الشهداء من فلذات أكبادهم.
الانقلابيون منذ الخامس عشر من يوليو / تموز الماضي يسعون إلى تحريف الحقائق للإفلات من العقوبات القانونية، كما يسعون إلى تنظيم صفوفهم مرة أخرى استعدادا لتكرار محاولة انقلاب أو إثارة للفوضى والقلاقل. ولذلك من الضروري أن تتم محاكمة المعتقلين في قضايا محاولة الانقلاب الفاشلة والانتماء إلى تنظيم الكيان الموازي الإرهابي في أقرب وقت ممكن كي لا يتأخر تحقيق العدالة ولا يشعر الشارع التركي وأسر ضحايا محاولة الانقلاب بأن هناك تقصيرا وتساهلا في مكافحة الانقلابيين.
فعاليات إحياء الذكرى السنوية الأولى لإفشال محاولة الانقلاب فرصة لبناء الوعي الوطني والديمقراطي لدى الأجيال الناشئة بالإضافة إلى رفع مستوى هذا الوعي لدى شرائح المجتمع المختلفة. ومن المؤكد أن نجاح الفعاليات مرهون بمدى تركيزها على هذا الجانب ونجاحها في تحقيق هذه المهمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس