الشرق القطرية
أكد يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي التركي أهمية توقيع قطر وتركيا أمس لـ 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في جميع المـجـالات الاستراتيجية، منوها إلـى أن زيـارة الرئيس أردوغان لقطر تهدف لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خصوصا في ظل الحصار المفروض على قطر، واستبعد في حواره مع "الشرق" وجود مؤشرات على حلحلة الأزمة الخليجية بعد زيارة الرئيس، موضحاً أن هناك رفضا من قبل دول الحصار للحوار والتفاهم والاستجابة لنداءات العقلاء، وكذلك الدعوات الدولية لرفع الحصار.
وأكد أن الإمـارات تقف خلف تصعيد الأزمة الخليجية، وتستهدف تركيا بذلك، لافتا إلى أن الرئيس أردوغان أشار لذلك في آخر خطاب له، وشدد على رفض قطر وتركيا سياسة المحاور في المنطقة، مشيرا إلى استهداف الكويت من قبل دول الحصار لدورها الداعم في حل الأزمة الخليجية وتهدئة الأجواء في المنطقة.
وإلى نص الحوار..
زار أمس الرئيس أردوغان الدوحة للمرة الثانية منذ بداية الأزمـة الخليجية .. هل لك أن تحدثنا عن أهمية الزيارة؟
بــدايــة هـــذه الـــزيـــارة لـلـرئـيـس رجـــب طـيـب أردوغـان مهمة جـداً، لأنها تبحث ثلاثة محاور أسـاسـيـة، أهـمـهـا عـقـد اجـتـمـاع الـــدورة الثالثة «للجنة الاستراتيجية العليا بين قطر وتركيا»، والــتــي بـحـثـت تـطـويـر الـتـنـسـيـق بــين الـبـلـديـن عـلـى ضــوء اتـفـاقـيـة الأمـــن والــدفــاع المـشـتـرك.
المـــحـــور الــثــانــي فـــي الـــزيـــارة نــاقــش تـكـثـيـف التعاون الاستراتيجي بين البلدين واستعراض المــســتــجــدات فــي المــنــطــقــة، خــاصــة مــع وجــود توجهات تصعيدية من قبل بعض الدول، وهذا ما يستوجب تقييم الزعيمين القطري والتركي له.
أمــا المــحــور الـثـالـث فـهـو تـوقـيـع 10 اتـفـاقـيـات ومـذكـرات تفاهم بـين البلدين، تشمل المـجـالات الــحــيــويــة والاقــتــصــاديــة والإعـــــلام والـصـحـة والــطــاقــة والمــواصــلات والـسـيـاحـة، والأرصـــاد والــزراعــة والــــري، وهــو مــا اسـتـدعـى أن يضم وفــد الـرئـيـس الـتـركـي 9 وزراء مختصين بهذه المجالات، وبالتالي أعتقد أن هذه الزيارة تعزز أواصـــر الـعـلاقـة الاسـتـراتـيـجـيـة بــين الـبـلـديـن، وتسهم فـي تعميقها مـن خـلال هـذه الاتـفـاقـات الاسـتـراتـيـجـيـة، كـمـا تـنـاولـت الــزيــارة دراســة المخاطر الموجودة في المنطقة، والاطمئنان على القوات الموجودة في الدوحة.
حلحلة الأزمة
هــل يـمـكـن أن تـهـدف الــزيــارة إلــى حـلـحـلـة الأزمــة الخليجية؟
مـع الأســف، لا تـوجـد مـؤشـرات على حلحلة الأزمــة الخليجية، خـاصـة أن الأطــراف الأخـرى ترفض الـحـوار والتفاهم والاستجابة لنداءات العقلاء، وكذلك الدعوات الدولية برفع الحصار، بــل نــراهــا تـلـجـأ لـتـعـمـيـق الأزمــــة وتــأزيــمــهــا، مـن خــلال وسـائـل الإعـــلام وبـعـض الـتـصـرفـات الأخــرى، وهـذا ما يتعارض مع الرغبة التركية لـردم الهوة بين الأشقاء، ورأب الصدع، والعمل على أن يكون مجلس التعاون موحداً وقوياً، من خلال التفاهم وإزالة الخلافات والمشاكل.
بــدأت جـولـة الـرئـيـس أردوغـــان الـخـارجـيـة بـزيـارة روسـيـا.. هل هناك علاقة بين زيارته لموسكو والأزمـة الخليجية؟
لقد تعود الرئيس أردوغان أن تشمل زياراته الــخــارجــيــة أكــثــر مــن دولــــة، لــذلــك بـــدأ جـولـتـه الـحـالـيـة بــزيــارة روســيــا، وذلــك لـبـحـث المـلـفـات الـسـاخـنـة والـحـيـويـة فــي المـنـطـقـة وفــي مقدمة ذلــك المـلـفـان الــســوري والــعــراقــي، مــع الـعـلـم أن التوترات في هذين الملفين تنعكس سلبيا على قضايا المنطقة، خصوصا مع وجـود مؤشرات على بـروز بعض المحاور التي تهدف لتصعيد وتوتير أوضاع المنطقة.
كــمــا تـضـمـنـت الـــزيـــارة أيــضــا تــوقــيــع بـعـض الاتـفـاقـات بـين تركيا وروسـيـا تتعلق بالطاقة والتعاون الاستراتيجي والأمـنـي بين البلدين، وذلــك فـي إطــار الـسـيـاسـة الـتـركـيـة الـتـي تهدف لخلق توازنات في علاقاتها مع الدول، وروسيا بـالـطـبـع دولـــة لـهـا وزنــهــا وثـقـلـهـا فــي الـعـالـم. وتـركـيـا تـتـمـتـع بـعـلاقـات مـتـمـيـزة جــداً مـعـهـا، وهذا ما يسهم في صياغة مقاربة تدعم استقرار المنطقة.
ذكرت أن هناك مؤشرات على بروز بعض المحاور في المنطقة.. هل لك أن تطلعنا على هذا الأمر؟
هـنـاك بـعـض الأحــاديــث فــي الـكـوالـيـس عن وجـود حلف «إسـرائـيـلـي - أمـريـكـي- سـعـودي»، فـي مقابل حلف «تـركـي - قطري - إيـرانـي» لكن هــذه الأحــاديــث لــم تـصـدر عــن جـهـات رسـمـيـة، خاصة أننا نعلم أن السعودية لا تسعى لخلق صـراع مسلح في المنطقة، لكن في المقابل يجب عـلـيـهـا ألا تــســتــدرج فــي صـــراع مــع أي دولــة، خاصة إيران.. كما استدرجت سابقا العراق في الكويت.
ونـحـن عـلـى يـقـين أن جـمـيـع الـــدول الخليجية مستهدفة، من خـلال تأجيج الصراعات بينها، وهـو ما قد يصب في مصلحة العدو الحقيقي للمنطقة، وأعـنـي بـذلـك بعض الــدول الإقليمية والغربية الطامعة في ثروات المنطقة البترولية. ورغـم أننا ندعم قطر في موقفها وسياساتها ونــرفــض حــصــارهــا، وهــنــاك قــاعــدة عـسـكـريـة لـتـركـيـا فــي قــطــر، إلا أنــنــا نـتـفـق مـعـهـا عـلـى رفـــض وجــــود مــحــاور فــي المــنــطــقــة، ونـسـعـى لـوحـدة الـصـف الـخـلـيـجـي والـعـربـي، ولا نقبل بـأي إجــراءات من شأنها زعزعة أمـن واستقرار المنطقة.
قـال الرئيس التركي في آخـر حديث له «نحن نعلم من الذي يقف خلف الأزمة الخليجية» من الذي يقصده الرئيس التركي؟
بلا شك أن الرئيس الطيب أردوغـان يتحدث عــن دور الإمـــــارات فــي الأزمـــــة، الــتــي هــي فـي نُفذت بتخطيطها وإخراجها، كما أنها الأساس مع الأسف تنتهج سياسة معادية لدول المنطقة بـمـا فـي ذلــك تـركـيـا بطبيعة الـحـال، خصوصاً مع قناعة تركيا بـأن هـذه الأزمـة مفتعلة وأنها لا تهدف إلا لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، من خــلال تـصـعـيـد الأزمـــات فـي المـنـطـقـة، وتـأجـيـج الـقـضـايـا الـخـلافـيـة، وهــو مــا يـنـصـب بطبيعة الــحــال فــي خــدمــة الأعـــــداء الــذيــن يـتـربـصـون بـدول المنطقة، وبالتالي من المطلوب أن تراجع الإمــــارات تـوجـهـاتـهـا الـسـيـاسـيـة والإعــلامــيــة والأمنية.
العلاقات التركية- الكويتية
مــــاذا عــن زيــــارة الــرئــيــس أردوغــــان للكويت؟
أعتقد أن زيــارة الـرئـيـس أردوغــان تــنــدرج فــي ســيــاق تـوثـيـق الـعـلاقـات بــين تـركـيـا والــكــويــت، وكــذلــك بـحـث الأزمـــة الـخـلـيـجـيـة، وإيــصــال رسـالـة لــلــقــيــادة الــكــويــتــيــة بـــدعـــم تــركــيــا لــلــوســاطــة الــكــويــتــيــة، ومـسـانـدتـهـا لجميع الـحـلـول الـتـي تجنب المنطقة المــزيــد مــن الــصــراعــات، خـصـوصـاً أن هناك شعورا تركيا بأن الكويت أيضا مستهدفة نـظـرا لموقفها الـواضـح من الأزمـة ورفضها التصعيد، ومحاولة أمـيـر الـكـويـت الـشـيـخ صـبـاح الأحـمـد الجابر الصباح حـل الأزمــة مـن خلال وسـاطـتـه الـتـي لاقــت قــبــولا مــن قطر وتــركــيــا، لـكـنـهـا مــع الأســـف لــم تـلـق استجابة من دول الحصار، لذلك شدد الـرئـيـس أردوغـــان أثـنـاء زيـارتـه على دعـمـه لـلـوسـاطـة الـكـويـتـيـة، ودعـمـهـا بكافة الأوجه.
نتحسب للتصعيد
بعد مرور أكثر من 5 أشهر على حصار قطر.. كيف تنظرون للوضع القائم حاليا؟
تحن نستغرب مـن تعنت ورفـض دول الحصار لحل الأزمـة، وإصرارهم عـلـى الـتـصـعـيـد، حـتـى أنــهــم لـجـؤوا لاســـتـــخـــدام الأســـالـــيـــب الــرخــيــصــة لـلـتـصـعـيـد، وتــعــمــيــق الــفــجــوة بـين الــشــعــوب الــشــقــيــقــة، مــثــل الأغــانــي وبـعـض الـبـرامـج الإعـلامـيـة وغـيـرهـا، وبــالــتــالــي نـحـن نــراقــب الــوضــع عـن كـثـب ونـتـابـع تـحـركـات دول الحصار بدقة، وإذا ما استمرت هذه الدول في التصعيد، فيقينا هناك نـوايـا أخـرى لــديــهــم، ونــحــن بدورنا متحسبون لذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!