سيفيل نوريفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
نظراً إلى تغيّر الأوضاع باستمرار فمن المحتمل بقوّة أن يتحول مجرى الأحداث إلى فرصة كبيرة لصالح تركيا على الرغم من المشاكل والهجمات المحيطة بها.
ذكر الرئيس الفنزويلي أن تركيا ستنقذ بلاده من المشاكل. إن العامل الأهم خلف هذه العبارة البسيطة والمثيرة للاهتمام هو الرئيس التركي أردوغان.
كيف سيحدث ذلك؟
استطاع أردوغان أن يعكس أرضية المخططات التي أفشلها طوال حياته السياسية على المتسوى العالمي. وهذا هو جوهر المسألة. إذ تمكن أردوغان من تغيير عادات وتقاليد قادات العالم الذين يطمعون بالمال والمصالح، ويغضون الطرف عن النتائج التي يتم تحصيلها على طاولات الحوار أثناء ممارسة نشاطاتهم السياسية.
إضافةً إلى ذلك يكمن عامل ثقة روسيا بالرئيس أردوغان خلف وجهة نظر روسيا وخاصةً "بوتين" تجاه تركيا. يرغب أردوغان باتّباع سياسة يقوم مضمونها على الوفاء بالوعود المعطاة والصدق تجاه الاتفاقيات الموقعة.
يشير الاجتماع الذي يتأهب له رؤساء روسيا وإيران وتركيا بعد بضعة أيام في مدينة "سوتشي" الروسية إلى أن الاستراتيحية التركية قد لقيت صدى كبيرا.
كما تشير لغة الجسد والرسائل الموجهة خلال اجتماع "سوتشي" الأخير إلى أن اقتراحات الرئيس أردوغان كانت تحمل تبريرات واقعية وصحيحة.
في الوقت الراهن، روسيا حقا بحاجة إلى تأسيس علاقات جيدة مع تركيا وأردوغان. كما أنها تنوي الحفاظ على قوة العلاقات التي تربطها بتركيا على المدى الطويل إن كان ذلك ممكناً. لكن ذلك لا يعني أن روسيا لن تتتخذ خطوات مختلفة في سبيل تحقيق مصالحها الشخصية إن لزم الأمر. والمعنى الأهم في هذا الصدد هي المشاكل التي تعاني منها روسيا في تحديد مسارها على الرغم من تركيا وأردوغان. أي أن الرئيس أردوغان ينشئ البنية التحتية لسياسة جديدة تهدف إلى تحويل هذا العامل إلى فرصة لصالح تركيا. أعتقد أننا سنكون بحاجة كبيرة إلى هذه السياسة والعقل السياسي خلال الأيام المقبلة للوقوف في وجه السيناريو المخطط لها في القوقاز، إضافةً إلى استيعاب العقل الروسي الجديد في الشرق الأوسط.
نلاحظ أن تركيا قد بدأت مؤخراً ببناء عقلية سياسية جديدة من خلال التفكير السياسي الطويل المدى، فضلاً عن بعض المسائل الهامة الأخرى أيضاً.
بعد تعرض تركيا للعديد من الهجمات أصبحت قادرة على معرفة مصادر هذه الهجمات قبل موعد تنفيذها، وبالتالي الحيلولة دون أي تهديد أو خطر. وهذه هي المسألة. من الواضح أن الرئيس أردوغان لا يقلق بشأن الانتخبات الرئاسية، إنما يقلق بشأن احتمال وجود الدولة التركية ضمن أهداف خارجية ذات نطاق أوسع من سابقاتها. إذ يسعى الرئيس أردوغان إلى تحويل تركيا إلى مركز جذب من خلال زيادة قوتها وتوسعها في المستقبل.
أصبحت تركيا قادرة على الرؤية المسبقة لمبادرات الدخول إلى المجالات المفتوحة في الداخل التركي، إضافةً إلى محاولات السيطرة على المجتمع والسياسة في المستقبل. إن الوقوف في وجه ذلك يعني إفشال مخططات القوى التي ترغب بعرقلة تركيا في الساحة. ما زالت تركيا تتعرض لهجمات عديدة, حتى في "فييتنام" تنوي روسيا وأمريكا على اتفاق مشترك للقضاء على العقلية السياسية التي أنشأتها تركيا، وذلك بهدف تخريب مرحلة أستانة. ومن الواضح أن القائم على هذا التخطيط هي أمريكا. إذ يحمل الموقف الروسي الحالي أهمية كبيرة بالنسبة إلى تركيا. لذلك إن استغلال هذا الموقف بشكل عقلاني سيساعد في تحقيق مصالح تركيا. وقد صرح الرئيس الروسي "بوتين" أنه سيقاوم حتى النهاية من أجل الحفاظ على القومية والهيمنة الروسية. لذلك قد تزداد محاولات تصفية الرئيس بوتين خلال الفترات القادمة.
لن يتوقف الغرب التقليدي عن بذل الجهد في سبيل تركيز مصطلحات وتعاريف سلطوية مثل ديكتاتوري وطاغي في عقول هذه المجتمعات. إنهم يسعون إلى إنشاء نموذج قتال جديد داخل المجالات المفتوحة في تركيا نتيجة قضايا أتاتورك والدين. في حين يسعى الرئيس أردوغان لإفشال هذا المخطط. على وجه أدق، يمكن أن نقول العقلية السياسية التركية بدلاً من أردوغان. إذ يبدو الرئيس أردوغان في سعي إلى تركيز تفاصيل تاريخ الدولة التركية في أساس البنية التحتية للدولة العظمى التي يسعى لإنشائها في المستقبل. ذلك لا بد من رؤية وفهم الأحداث التي تدور في الداخل والسيناريوهات المعدة في الخارج بهدف عرقلة تركيا.
إن اجتماع "سوتشي" الذي سيعقد بعد بضعة أيام يشير إلى مدى تشكيل تركيا لجزء هام من هذا الاجتماع وأن روسيا على دراية بأهمية وجود تركيا في هذا الإطار. بالتأكيد روسيا تدعم الوضع الحالي في سبيل تحقيق مصالحها الشخصية. لكن هذا الوضع يخدم مصالح تركيا أيضاً. إذ تحتاج تركيا إلى أوراق رابحة جديدة لتكون قادرة على إفشال السيناريوهات المخطط لها في الخارج. إن قابلية تحويل الأزمات إلى فرص جديدة تدل على مدى احتراف الاشخاص العالمين بالسياسة. كما يفعل الرئيس أردوغان بالضبط. إذ يمكننا تفسيرها الأحداث بشكل واضح من خلال القابلية على الصبر والرؤية الواضحة لخفايا الأحداث.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس