سيفيل نورييفا اسماعيلوف – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
منذ مدة طويلة ونحن نشهد على تصريحات تشير إلى اتفاق روسيا وأمريكا حول مستقبل سوريا، وفي الواقع قلّت هذه التصريحات خلال الأيام الأخيرة نتيجة البيانات الصادرة عن ممثلة وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا"، ومن جهة أخرى نجد بعض التعليقات الصادرة عن القطاع المثقّف في تركيا والمشيرة إلى الرغبة في الاقتراب من أمريكا والتحرّك مع الغرب، ولكن في الواقع البنية السياسية والجيو-استراتيجية الحالية لا تجبر أي جهة على الخضوع أو التعاون مع جهة أخرى إلى الأبد، بل على العكس تماماً الأوضاع الحالية تسمح للأطراف الاتفاق في بعض المسائل والاختلاف حول مسائل أخرى في وقت واحد.
أصبحت الفرص الفائتة أو المسروقة من تركيا خلال القرنين الأخير تأتي إلى الأخيرة بشكل دوري في الوقت الراهن، ومن الجيد أن تركيا أصبحت تستخدم العقل والعلم السياسي خلال الخطوات التي تتخذها في هذا الصدد، ولهذا السبب يتوجّب علينا المتابعة بشكل يليق بموقع تركيا من السياسة العالمية، ويجب علينا تحويل الأزمات إلى فرص جديدة كما فعلت روسيا من خلال استخدام أوراقها الرابحة فيما يخص القضية السورية من أجل العودة إلى الطاولة التي كانت تُنبذ منها في السابق.
لا يوجد أي وصف يليق بالجهات التي تنظر إلى موقف الرئيس الأمريكي ترمب تجاه مسألة الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" بعين الحسد وتصف قراءته لكل شيء بناء على كسب المال بأنه خرج منتصراً وهو يسعى لضمان مصالح بلاده، ولكن في نهاية المطاف لن تتوقّف المسألة على كمية مكاسب الأشخاص، وسنرى كيف سيتم إخراج الأشخاص الذي يجرون حساباتهم بناء على كسب المال فقط من مسرح التاريخ، وحين يأتي هذا اليوم سنحتفل جميعاً بانتصار الأشخاص الذين يعتمدون على العلم السياسي ويضعون مفهوم "الإنسان" محوراً لجميع خطواتهم، لأن تركيا ستكون المؤسس الرئيس لهذا النصر، وبذلك ستفتح صفحة جديدة في مجرى التاريخ.
أما بالنسبة إلى التوتر القائم بين روسيا وأمريكا، هل ترغب الأخيرتان الاتفاق في الخصوص السوري؟ بالطبع نعم، إذاً لماذا لا تستطيع الاتفاق في الصدد المذكور؟ لقد توسّعت أمريكا إلى أن اقتربت من روسيا بشكل كبير، وإن التطورات الواقعة في أوكرانيا ودول البلطيق تمثّل الهلاك بالنسبة إلى روسيا، ومن جهة أخرى وصلت يد روسيا إلى المحيطات، وتوسّعت إلى أن وصلت بالقرب من الأجواء المائية الأمريكية، وكذلك هناك احتمال الانسحاب من اتفاقية الحد من الأنشطة النووية بسبب بصيرة ترمب.
هل ستتغيّر الأوضاع عقب اجتماع ترمب ونظيره الروسي بوتين في الأرجنتين؟ سنرى ذلك، لكن يبدو أن الأطراف لا ترغب في التخلي عن أوكرانيا، وإن تخلي أحد الأطراف عن أوكرانيا يعني أنه سيلتزم الصمت على الصعيد السياسي، ونظراً إلى ما سبق ذكره يمكن القول إنه يجب النظر إلى التطورات التي تحدث في بحار دول البلطيق أو سواحل البحر الأبيض المتوسط من أجل معرفة إن كانت روسيا وأمريكا ستتفق في خصوص الشأن السوري، لأن الاتفاق في الخصوص المذكور يعني تخلّي أحد الأطراف عن موقعه في جوار دول البلطيق وأوكرانيا، يمكن لروسيا وأمريكا الاتفاق حول مستقبل سوريا، لكن هل يمكنهم التخلّي عن دول البلطيق وأوكرانيا؟ يمكن القول إن جوهر المسألة موجود ضمن إجابة هذا السؤال.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس