سيفيل نورييفا اسماعيلوف – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
اعتباراً من اليوم بدأت مرحلة الدوريات العسكرية في مدينة إدلب السورية بناء على الاتفاق الذي تم الوصول إليه بين تركيا وروسيا، وسنرى إذا كان الجانب الأمريكي صادقاً في وعوده فيما يتعلّق بمنطقة منبج خلال المرحلة المقبلة.
يبدو أننا سنشهد على ارتفاع واضح في حدّة موقف روسيا تجاه سياسة واشنطن التي ترمي إلى تجزئة الأراضي السورية وتأسيس خط إرهابي أو دولة إرهابية من خلال وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة.
أظهرت روسيا موقفاً صبوراً تجاه المخططات التي تهدف إلى تقسيم الأراضي السورية منذ بداية الأزمة في سوريا، وكذلك لم تستطع روسيا تمالك نفسها عن توجيه رسائل متتالية لأنقرة بسبب اعتدال موقف موسكو تجاه وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي عقب حادثة إسقاط الطائرة الروسية، ولكن في تلك المرحلة لم تُدرك موسكو أنّ هذا الموقف لا يصدر عن عقلية الدولة ولم تكترث للأضرار التي قد يتسبّب بها الموقف المذكور لروسيا في المستقبل، وبالتالي أخطأت الأخيرة في قراءة احتمال تحوّل التصميم المؤسس من خلال سوريا لما لا يناسب مصالح روسيا الشخصية.
سيكتسب اعتراض روسيا على المخططات التي تسعى إلى تجزئة الأراضي السورية ومحاولات تأسيس بنية دولية جديدة في المنطقة ارتفاعاً واضحاً مع مرور الوقت، إذ بدأت روسيا حديثاً بإدراك المعنى الحقيقي لتأسيس دولة جديدة تحت إدارة وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي من خلال التعاون الأمريكي-الإسرائيلي في الساحة السورية.
حاولت إدارة إسرائيل إلهاء روسيا والحفاظ على لياقتها من خلال تقديم وعود كبيرة، إذ تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي "ناتنياهو" بدعم بوتين في الساحة الدولية، ويبدو أن ناتنياهو تعهّد بخفض التوتر بين أمريكا وروسيا، مما دفع الأخيرة إلى الصمت واتخاذ موقف قريب للمصادر الإسرائيلية تجاه إيران التي تُعتبر حليفةً لروسيا خلال مرحلة معيّنة.
بدأت إدارة موسكو بقراءة الخطوة الجديدة التي ستمتد إلى روسيا في حال نجاح المخططات المُنشأة ضد إيران، وكذلك أدركت أن نتائج المخطط الجديد المُنشأ من خلال سوريا سيعود بالضرر الجذري لمصالح روسيا، ولهذا السبب يمكن رؤية أن الأخيرة ستتفهّم مسألة شرق الفرات كما فعلت بالنسبة إلى مسألة إدلب من خلال التصريحات الصادرة عن إدارة موسكو.
ستتفهّم روسيا الخطوات التي تتخذها تركيا من أجل إفساد المخططات الأمريكية، وخلال المراحل القادمة سيتوضّح أن العقلية التي بدأت بنشر الإشاعات حول اتفاق روسيا وأمريكا منذ تحسّن العلاقات التركية-الروسية وتحاول أن تبق هذه الإشاعات على رأس أجندة الأعمال هي جزء من العقلية الأمريكية-الإسرائيلية، ويمكن القول إن المعادلة التركية-الروسية هي مفتاح الأزمة السورية، ولذلك يتوجّب علينا استخدام هذا المفتاح بالشكل الصحيح قبل أن يصيبه الصدأ.
يجدر بالذكر أن العائق الأكبر أمام مخططات التجزئة التي ترمي إليها إدارة أمريكا وإدارة إسرائيل في الساحة السورية هو الجدار الروسي-التركي، وللحافظ على بقاء هذا الجدار لا بد من لفت الانتباه إلى الخطوات المتخذة تجاه إيران، إذ تُعتبر الأخيرة نقطة هامّة وجديرة بالحماية، وعند النظر إلى موقف إدارة طهران فيما يتعلّق بشرق الفرات نرى أن الموقف الإيران يحمل معنى هام جداً، وبناء على ذلك يمكن القول إن اختلاف المواقف المتخذة تجاه روسيا عن المواقف المتخذة تجاه إيران إضافةً إلى الهجمات الاقتصادية ستصل إلى الذروة خلال المرحلة الحالية.
من المؤكد أن أمريكا تعطي أهمية كبيرة لسياسة الهجمات الاقتصادية في سبيل إفساد هذه الزمالة بين تركيا وروسيا وإيران، وفي هذا السياق سوريا تحمل أهمية ملموسة في النظام العالمي الجديد، وإن نجحت تركيا وروسيا وإيران في الصدد ذاته ستطرح على العالم معادلة جيو-استراتيجية جديدة ومختلفة عن المُعتاد، ولهذا السبب يمكن النظر إلى الحرب التي يُسعى لإشعالها بين إيران والسعودية على أنها جزء من التصميم الجديد لسوريا أيضاً، حتى إن النظر إلى حادثة الصحفي السعودي الأخيرة على أنها جزء من المخططات المتعلّقة بسوريا لن يكون أمراً مفاجئاً.
أمريكا تحتاج لقوة تقف إلى جانبها وتستطيع خوض حرب ضد إيران بشكل علني، أما إسرائيل على العكس تماماً تحتاج إلى مستشار وداعم لوجستي للحرب ضد إيران، ولذلك تحتاج إلى قوة تستطيع القيام بذلك تحت غلاف إسلامي، ووفقاً لذلك إن موقف روسيا وتركيا يحمل أهمية كبيرة من أجل حماية إيران من التعرّض لحرب جديدة، وفي السياق ذاته يجب لفت الانتباه إلى أن الوقوف في وجه جميع التطورات السلبية التي تواجهها إيران والمخططات التي يُحاول إنشاؤها في دول القوقاز والدور الذي ترغب إسرائيل بتأديته في هذه المخططات يحمل أهمية حياتيّة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس