ترك برس
كانت السودان المحطة الأولى لجولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أفريقيا. حيث وصل أردوغان إلى الخرطوم يوم الأحد الماضي، وحظي باهتمام وحفاوة على الصعيدين الشعبي والرسمي. وكجزء من هذا الاهتمام ما شهده أردوغان في البرلمان السوداني من تكبير وتهليل خلال استقباله، وهتافات في جامعة الخرطوم ودكتوراة فخرية مُنحت له، واستقبال شعبي حافل في شوارع البلاد من العاصمة الخرطوم إلى مدينة بورتسودان شرقا، فضلاً عن الاهتمام الإعلامي الواسع والتغطية الموسعة في الصحف.
وبحسب تقرير تحليلي نشرته وكالة الأناضول للأنباء، فإن هذا الترحيب الرسمي والاحتفاء الشعبي والاهتمام الإعلامي والتقدير الأكاديمي لأردوغان يأتي تعبيراً عن المكانة التي يحظى بها في السودان خصوصا وأفريقيا والعالمين العربي والإسلامي بشكل عام.
ووفقاً للتقرير ذاته فإنه يبدو واضحاً من قراءة دلالات زيارة أردوغان للسودان وما حملته من رسائل أنها بمثابة "رد عملي" على حملات الإساءة والافتراءات التي تقوم بها وسائل إعلام محدودة في دول عربية، تحاول تحريف تاريخ تركيا، والإساءة لحاضرها، وتأليب الرأي العام ضد مواقف أردوغان في الدفاع عن قضايا الأمة، وهي المواقف التي لا ترضي حتما أصحاب تلك الحملات.
ويضيف التقرير أنه وفي مواجهة حملات تزييف التاريخ والتحريض الإعلامي ضد تركيا ومواقفها، والتي سبق أن وصفها أردوغان بـ"البهتان"، جاءت رسائل وخطابات الرئيس التركي من الخرطوم، داعية لنشر الوئام والسلام، ومؤكدة أهمية الترابط والإخوة، مع التمسك بالمبادئ وعدم التفريط في القيم، فضلا عن تحذير الدول الإسلامية والإفريقية من أطماع القوى الإمبريالية.
ومن بين ما تصدّر من خطابات أردوغان التي ألقاها في السودان، فقد أكد على الصعيد الإفريقي، أن نظرة تركيا للأفارقة وعلاقاتها مع الدول الإفريقية "ليست قائمة على الربح من جانب واحد"، وشدد على أن رغبة بلاده تتمثل في الإنتاج والتقدم والازدهار سويًا مع القارة السمراء.
وعلى الصعيد نفسه، قال أردوغان في خطاب ألقاه خلال مراسم تقليده شهادة دكتوراه فخرية من جامعة الخرطوم، إنّ شعوب القارة الإفريقية بذلت جهوداً كبيرة من أجل نيل استقلالها، مؤكدا أنّ "المستقبل سيكون للشعب الإفريقي، شرط عدم الانحناء والوقوف بصمود"، مضيفاً: "بإذن الله المستقبل للقارة الإفريقية قبل أن ينقضي هذا القرن، يكفي ألّا ننحني ونقف صامدين كوقفتنا من أجل القدس".
محطة أخرى من محطات الترحيب والحفاوة بالرئيس التركي كانت في جامعة الخرطوم، عندما استقبل الحاضرون أردوغان بهتافات التكبير والتهليل، مرددين: "أردوغان أمل الأمة"، و"القدس لنا لا للظلمة"، فيما بلغ الترحيب ذروته، خلال مراسم منح الرئيس التركي شهادة دكتوراه فخرية في القانون من الجامعة نفسها.
وفي كلمات تعكس قدر مكانة أردوغان لدى السودانيين، قال مدير جامعة الخرطوم، أحمد محمد سليمان، "منح الرئيس التركي درجة الدكتوراه، يُعد تكريمًا لجامعة الخرطوم، وتشريفًا لأساتذة ومنتسبي الجامعة"، مضيفاً: "الجامعة تسعد بمنح الرئيس التركي، هذه الدرجة باعتباره قامة أممية وشخصية محورية، لها تأثير بالغ في المحيطين الإقليمي والدولي".
أما على الصعيد الإعلامي، فقد أجمعت وسائل الإعلام السودانية، على الطابع "التاريخي" لزيارة الرئيس التركي للبلاد، وأفردتها بتغطية استثنائية ومكثفة لم تحظ بها أي زيارة رسمية للبلاد من قبل، وفق مراقبين. حيث نقلت القنوات الفضائية السودانية الحكومية والخاصة، الزيارة على الهواء مباشرة، وحظيت بتغطية لافتة في صحافة الخرطوم المستقلة والحكومية.
من جهة أخرى رأى برهان الدين دوران الخبير الاستراتيجي والمنسق العام لوقف الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، أن هدف أردوغان من الجولة الإفريقية، تعميق الانفتاح التركي في أفريقيا، وتطوير العلاقات الثنائية مع السودان، وتشاد وتونس، في كافة المجالات، بدءًا من الاقتصاد وصولا إلى الدفاع.
وبحسب "دوران" فإن هذه الحفاوة التي قوبل بها أردوغان، ليس سببها فقط العلاقات التاريخية بين البلدين. بل وأيضاً كون أردوغان هو أول رئيس تركي يزور السودان، إضافة إلى الدعم التركي للسودان خلال فترات فرض العقوبات عليها.
وإلى جانب هذا يرى الخبير التركي بأن الاهتمام السوداني كان متركزاً على المقاربة السياسية لأردوغان والدور القيادي الذي تولاه في السنوات الأخيرة. حيث كان أردوغان يسعى إلى نوع من التعاون القائم على "احترام حقوق السيادة"، فضلاً عن مساعيه الدبلوماسية من أجل القدس.
واختتم "دوران" بالإشارة إلى أن عظمة أردوغان تكمن في كونه رجل الدولة الذي رفض التوسع الإسرائيلي، وتطرق إلى أن الظلم هو مشكلة الإنسانية جمعاء، فضلاً إلى شخصيته القيادية المتمثلة في دعوة ترامب وبأعلى صوت إلى "التفكير جيداً والتراجع عن الخطأ"، في إشارة إلى قراره بشأن القدس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!