ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي، حسين عبد العزيز، أن الوحدات الكردية في سوريا لم يعد بإمكان التمدد جغرافياً، وليس بإمكانها الانخراط بشكل قوي في التسوية السياسية.
وفي مقال تحليلي نشره موقع الجزيرة نت، قال عبد العزيز إن تعزيز الوجود العسكري للأطراف الفاعلة في سوريا ناجم عن قناعة بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة اختلاف الأهداف والأجندات الكبرى التي من شأنها أن تنعكس سلبا على كل محور.
واعتبر أن واشنطن قد تجد نفسها مضطرة إلى الانفتاح على أنقرة، فيما قد تجد موسكو نفسها مضطرة أيضا إلى توسيع انفتاحها على الأكراد.
ولهذا السبب جاءت قمة سوتشي الثلاثية لتثبيت التحالفات وقطع الطريق أمام أية محاولة أميركية لاختراقها، والأمر كذلك في الجهة المقابلة.
وأشار إلى أن ارتفاع مستوى الدعم العسكري الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية جاء لتدعيم الحلف وقطع الطريق أمام أية محاولات روسية لاختراق الصف الكردي.
واستدرك الكاتب: لكن المشكلة التي تواجه الأطراف هي أنها ليست مطلقة القوة وخاصة موسكو وواشنطن، لأنهما أولاً بحاجة إلى أطراف حليفة تسندهما وتآزرهما، وثانيا لكونهما تدركان أن الواقع العسكري القائم يشكل أداة ضغط على كل منها، لكنه لا يسمح لأي منهما بالنصر.
فكل الأطراف المنخرطة في ساحة الحرب السورية وصلت إلى ذروتها العسكرية والجغرافية، وفي وضع يمتلك فيه الجميع فائضا من القوة لا إمكانية لاندلاع معارك كبيرة.
لم يعد بإمكان الوحدات الكردية التمدد جغرافياً، وليس بإمكانها الانخراط بشكل قوي في التسوية السياسية بسبب عدم قبولها من طرفيْ الصراع السوري (النظام/المعارضة)، الأمر الذي يعقد ويربك الدور الأميركي مستقبلا.
كما أن الأكراد يعون جيدا أن الحلول السياسية التي يسعون وراءها تتطلب علاقات تتجاوز العلاقة مع الولايات المتحدة، في حين تدرك الأخيرة أن الأكراد لن يُقْدموا على فتح أية معارك كبرى إرضاءً لأميركا.
والأمر كذلك بالنسبة للروس، فإذا كان تثبيت وقف إطلاق النار قد تطلب الانفتاح على أنقرة، فإن مرحلة التسوية السياسية وتعبيد الدروب الدبلوماسية على الأرض السورية تتطلب الانفتاح على الأكراد وبعض القوى الأخرى.
وبالنسبة لتركيا؛ فإنها وصلت إلى أقصى توسعها العسكري مع بقاء جيب جغرافي هنا أو هناك، وإذا كانت قد حققت أهدافها القومية العليا في سوريا عبر البوابة الروسية، فإنها يمكن أن تحقق بعض أهدافها الباقية من البوابة الأميركية إذا ما قررت الأخيرة منح الأتراك ضوءاً أخضرَ، وإذا حصل ذلك فسنشهد حالة من تفكك التحالفات.
إن تثبيت القوى الدولية والإقليمية لنفوذها يتطلب إيجاد حل مستدام للأزمة السورية، ومن دون ذلك ستستحيل المناطق الجغرافية المسيطَر عليها إلى مناطق استنزاف إستراتيجي لهذه الدول.
لكن أمام المحورين الروسي/الأميركي ملفات خطيرة يجب حسمها، ومن شأن هذه الملفات أن تضع جزءا من التحالفات القائمة في مهب الريح.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!