ترك برس
نشرت وكالة ريا نوفوستي مقالا للأكاديمي الروسي، جيفورغ ميرزايان، رأى فيه أن روسيا يمكن أن تكون وسيطا مؤثرا في الصراع المحتمل بين واشنطن وأنقرة حول خطة تدعمها الولايات المتحدة لتشكيل قوة أمن الحدود في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، مشيرا إلى أن ذلك لن يحدث إلا إذا أصغت القيادتان الأمريكية والتركية جيدا لموسكو.
وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا في الأيام الأخيرة الماضية، بعد إعلان التحالف الدولي على "داعش" الذي تقوده أمريكا أنه يعمل بالتعاون مع الفصائل المسلحة المنضوية تحت لوائه في سوريا على تشكيل قوة أمنية جديدة لنشرها على الحدود السورية مع تركيا والعراق وشرقي الفرات.
وتوعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بسحق هذه القوة التي وصفها بـ"الجيش الإرهابي" قبل أن تولد، قائلا: "أمريكا أقرت بتشكيلها جيش إرهابي على حدودنا، والمهمة التي تقع على عاتقنا هي وأده في مهده"، مضيفا: "سنتخذ الخطوات اللازمة للقضاء على الجيش الإرهابي الذي تسلحه أمريكا بـ4900 شاحنة مدججة بالسلاح، والذي أسس على حدود تركيا".
وأضاف ميرازيان الذي يعمل أستاذا في قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية في روسيا، أن الأمريكيين يدربون حاليا نحو 200 مقاتل لكنهم ينوون في المستقبل زيادة عددهم إلى 30 ألف شخص سينتشرون على الأراضي التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية على طول الحدود مع تركيا والعراق بهدف حمايتها، كما سيحمون في الوقت نفسه مصالح الولايات المتحدة ليس فقط على الأراضي السورية.
ولكن نظرا إلى أن القيادة التركية تعد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، فإن رد فعل أنقرة على مناورة واشنطن كان متوقعا تماما.
وقال بيان للخارجية التركية إنه لم يتم التشاور مع تركيا بصفتها عضواً في التحالف الدولي، حيال تشكيل ما تسمى بـ"قوة أمن حدود سوريا"، مضيفا أن الدول الأعضاء التي صادقت على قرار التحالف الدولي بتشكيل قوة حدودية غير معروفة، مشيرا إلى أن الخطوات الخاطئة والأحادية يمكن أن تضر بشكل كبير في مكافحة تنظيم داعش.
وأشار ميرزايان إلى أن أنقرة أعلنت بالفعل أنها ستقضي على هذا المشروع في مهده، إذ أعلن الرئيس التركي قبل يومين أن قوات الجيش التركي قد أتمت الاستعدادات لعملية ضد وحدات حماية الشعب في عفرين ومنبج في شمال سوريا.
ويلفت الأكاديمي الروسي إلى أن واشنطن من جانبها تحاول عرقلة العملية العسكرية التركية، حيث نشرت تقارير إعلامية تتحدث عن قيام الولايات المتحدة بتزويد وحدات حماية الشعب بشحنة من صواريخ الدفاع الجوي المتطورة.
ورغم ذلك يرى ميرزايان أن العملية العسكرية التركية على عفرين قد بدأت بالفعل، وأن أنقرة تحظى بكل الفرص للانتصار على الأكراد في عفرين التي ما تزال معزولة تقريبا عن الأراضي الأخرى التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا.
وأضاف أنه في الوقت الذي أدانت فيه الخارجية الروسية القرار الأمريكي بتشكيل قوة عسكرية فى سوريا، ووصفت هذا الإجراء بأنه يشكل تهديدا للسلامة الإقليمية للبلاد، فإن موسكو ما زالت تريد من الأطراف المعنية حل القضية بالوسائل الدبلوماسية، منوها إلى إن الأكراد يبحثون حاليا عن حماية روسيا ودعمها.
وحول الدور الذي يمكن أن تقوم به روسيا لحل الأزمة، قال ميرازيان إنه "نظرا لتصميم أردوغان على مهاجمة الأكراد، فإن الحكومة الروسية لديها عدة طرق لحل هذه المعضلة: حيث يمكن للكرملين أن يستخدم حق النقض ضد العملية التركية، ولكن هذه الخطوة تكتنفها أزمة أخرى في الشراكة التكتيكية الروسية مع أنقرة. وهناك طريقة أخرى بمنح الضوء الأخضر للعملية مقابل تنازلات أنقرة بشأن قضية إدلب، ومستقبل بشار الأسد، وعدد من المسائل الأخرى".
ولكن الأكاديمي الروسي استبعد حدوث السيناريو الثاني، حيث أن روسيا يمكن أن تقوض بذلك علاقاتها مع الأكراد وتفقد الورقة الكردية التي يمكن أن تلعب بها موسكو (وواشنطن) للحد من طموحات أنقرة في سوريا.
وتابع بالقول إن الخيار الأفضل للقيادة الروسية هو حل المسألة دبلوماسيا ومنع الأتراك من إطلاق العملية العسكرية. وأضاف أنه يمكن لموسكو في الوقت نفسه التفاوض بشأن المسألة الكردية مع واشنطن من أجل وقف تشكيل كيان مستقل في سوريا، وبالتالي مساعدة أنقرة على التخلص مما تعده تركيا تهديدا كرديا، وإنقاذ الأكراد من الهجوم التركي من ناحية أخرى.
وقال ميرزايان إن هذا السيناريو ممكن فقط إذا كانت واشنطن وليس أنقرة فحسب ترغب في التفاوض.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!