ترك برس
عقب هبوط سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار في الأيام الأخيرة، عاد الحديث مجدداً عن أزمة قد تصيب الاقتصاد التركي، خاصة في ظل التطورات السياسية التي تمر بها أنقرة سواء على الصعيد الإقليمي مثل ارتدادات عملية غصن الزيتون، أو الدولي من قبيل التوتر الذي يسود بين تركيا وأوروبا، وضغوط الغرب عليها نتيجة التقارب مع روسيا وإيران.
في هذا الإطار ناقش تقرير نشرته صحيفة "عربي 21" التطورات الأخيرة التي طرأت على الليرة التركية، وتأثير قمة أنقرة الثلاثية مؤخراً عليها. ونقلت عن خبراء اقتصاديين قولهم إن ما يواجهه الاقتصاد التركي حالياً هو تحديات سياسية واقتصادية أكثر من كونها أزمة بحد ذاتها.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي أحمد مصبح أن الاقتصاد التركي لا يواجه أزمة حقيقية ولكنه يواجه تحديات سياسية واقتصادية، لافتا إلى أن محاولة تسويق وجود أزمة اقتصادية يساهم بشكل كبير في خلق الأزمة.
وأضاف مصبح أن "الحكومة التركية تحاول تسويق انخفاض الليرة التركية على أنه شيء إيجابي ويدعم زيادة الصادرات، وهذا صحيح في حالة وجود استقرار لسعر صرف الليرة، أما عدم استقرار سعر صرف الليرة صعودا وهبوطا يعمق المشكلة ويؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وتآكل أرباح الشركات".
وأشار مصبح إلى تصريحات الرئيس التركي السبت الماضي، حول ضرورة تخفيض سعر الفائدة في البنوك التركية للقضاء على التضخم وارتفاع الأسعار، مبيناً أن "أردوغان يرى أن رفع أسعار الفائدة يؤدي إلى حالة انكماش اقتصادي ويقلل من فرص الحصول على القروض الاستثمارية، ويرفع معدلات التضخم، الأمر الذي ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي لتركيا، فضلا عن أنه يؤمن بأن الفائدة سبب كل بلاء في عالم الاقتصاد، فهي تزيد من فقر الفقير، وتغني الغني أكثر، وأن المستفيد الأكبر هم مؤسسات التمويل، وليس المواطنين".
وأوضح الخبير الاقتصادي أن العملية الاقتصادية التركية حاليا مركبة ومتداخلة بشكل كبير، وأن الرئيس التركي يتمسك برؤيته في ضرورة تخفيض سعر الفائدة نظرا لحساسية الوضع التركي الداخلي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، ويرفض تبني أي سياسة انكماشية قد تؤثر سلبا على تحقيق أهداف 2023.
وأردف قائلا: "أردوغان يدرك أن الورقة الاقتصادية هي الأهم في سبيل الوصول لتلك الأهداف، كما يدرك خصومه الداخليون والخارجيون بعد فشل كل محاولاتهم في إيقاف عجلة النمو التي صاحبت فترة حكم العدالة والتنمية أن الاقتصاد هو الملاذ الأخير للحد من نجاحات أردوغان ومحاولة زعزعة مكانته الشعبية قبل الاستحقاق الانتخابي القادم".
بدوره قال المحلل الاقتصادي هيثم المنياوي، إن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام التقارب التركي مع روسيا وإيران وسيدفعون بمؤسساتهم المالية من بنوك وشركات للضغط على الاقتصاد التركي، عبر تغذية عدم استقرار سعر صرف الليرة التركية من ناحية، وإنهاك الاحتياطي النقدي التركي عبر رفع معدلات الفائدة وما يترتب عليه من زيادة معدلات خدمة الديون المقومة بالعملات الأجنبية من ناحية أخرى.
وأضاف المنياوي: "صحيح أن مؤشرات الاقتصاد التركي قوية، ويمكنها التغلب على التحديات التي تواجهها، لكن خصوم أردوغان في الداخل والخارج يلعبون على سياسة بث الخوف في نفوس المستثمرين في محاولة منهم لإنهاك أحد أبرز مصادر القوة التي يمتلكها الرئيس التركي".
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن حزب العدالة والتنمية نجح منذ وصوله إلى الحكم وحتى الآن في رفع الاحتياطي النقدي الأجنبي والذهب بمصرف تركيا المركزي، إلى أكثر من خمسة أضعاف، وهو ما يعني أن هبوط سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية يعود لأسباب سياسية وليست اقتصادية، لافتا إلى ارتفاع احتياطات النقد الأجنبي والذهب من 23 مليار دولار عام 2002، إلى نحو 120 مليار دولار هذا العام، مع توقعات بوصوله إلى نحو 150 مليار دولار.
هذا وقال كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس التركي جميل أرتيم قبل أيام إن انخفاض الليرة، لا يتماشى مع أساسيات الاقتصاد الكلي، وأضاف أن أي مستوى لليرة يقل عن 3.85 مقابل الدولار "مضاربة"، وأنه يعتقد أن سعر الصرف سيستقر حالما يصبح المناخ السياسي أكثر وضوحا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!