سيفيل نورييفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
جميع الحروب التي وقعت عبر التاريخ كانت تجري حسب قوانين خاصة بها، ومدى البطش الموجود في هذه الحروب لا يغيّر النظام والقوانين المحدّدة، لكن اليوم نشهد على حرب لا تمدّ بأي صلة للقوانين أو القيم والمبادئ.
إذ تستمر المأساة الإنسانية في الغوطة الشرقية منذ أشهر عديدة، ويفقد الناس أرواحهم بسبب الجوع والعطش وقلة الهواء الناتجة عن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل قوات النظام، ويمكن القول إنه لا توجد أي قوة قادرة على الوقوف في وجه الغارات الشنيعة التي ينفذها نظام الأسد في الغوطة الشرقية، وتركيا هي الدولة الوحيدة التي تظهر حدةً في مطالبة الأسد بإيقاف هذه الهجمات، فيما تستمر روسيا وإيران في توضيح المسألة بناء على المبررات التي يزعمها الأسد.
في حين تم تنفيذ مجزرة جماعية في إحدى معاهد تحفيظ القرآن الكريم لأطفال أفغانستان، ويجب لفت الانتباه إلى أن المنفذ الرئيس لهذه المجزرة هي أمريكا، وبذلك نلاحظ أن جميع الجهات التي تتهم بعضها البعض بارتكاب جرائم إنسانية في الواقع هي ضمن المنفذين الأساسيين لهذا الجرائم.
إن الحروب الخارجة عن مجرى القوانين تؤدي إلى إدخال العالم في متاهة لا مخرج لها، وهذا هو المراد الرئيس للعقلية الغربية، ومن الواضح أن التصريحات الصادرة عن الغرب حول قوانين الحروب لا تكسب أي فعالية إلا عندما يتعلق الأمر بمصالح الغرب.
أمريكا توضّح للجميع أن وحدات الحماية الشعبية هي حليفتها الاستراتيجية في الساحة السورية، هل يمكن إدراك هذا التصرف على أنه إعلان عن بداية حرب جديدة؟ كيف يتوقّع الرئيس الأمريكي ترامب إعادة تصميم العالم من جديد مع وزارة دفاع تقوم بتكذيب تصريحاته في كل فرصة؟ أو في منظور آخر هل يسعى ترامب لمثل هذه الغاية؟
من المعلوم أن الهدف الرئيس للحروب هو السيطرة على مصادر الثروات الباطنية والإمكانات الاقتصادية في المستقبل، وفي هذا السياق يبدو أن محاولات الحروب من أجل الاستيلاء على مصادر الطاقة الموجودة في روسيا وخاصةً شرق سيبيريا ستزداد خلال المراحل المقبلة، لكن خروج الحروب عن مجرى القوانين تدفع بريطانيا إلى الضغط على روسيا من خلال أزمة العملاء التي بادرت في خلقها من أجل ترحيل الدبلوماسيين الروس، وذلك بهدف دفع روسيا إلى حافة الحرب، والسبب الرئيس لمبادرات بريطانيا هو كون استخراج الذهب الموجود في مناجم الذهب الروسية أكثر سهولةً من استخراجه من مناجم الدول الأخرى، كما أن الأزمة المتشكّلة بين روسيا وأفغانستان دفعت الغرب إلى تحريض روسيا ودفعها لتنفيذ إبادة جماعية في أوكرانيا، ويمكن القول إن هذه الخطوة المتخذة من قبل الغرب كانت جزءاً من الخطة الغربية، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن الأمور قد خرجت عن مجراها الطبيعي دون أي سبيل للعودة.
وكما أن الغرب يلجأ إلى خلق حروب خارجة عن القوانين من أجل تغيير الأوضاع التي لم يتمكّن من التغلّب عليها بالطرق المشروعة، لكنّه لن ينجح في الوصول لغايته لأن إدارة العالم تميل نحو آسيا بشكل دوري، إذاً هل ستتمكّن آسيا من إدارة العالم وسط هذه المشاكل؟ إن عدم تخلّص الصين والهند والدول الكبيرة مثل إيران في آسيا من المشاكل العرقية والطائفية الموجودة في الشرق سيؤدي إلى إلغاء احتمال التغلّب على المخططات الغربية الهادفة إلى خلق حروب خارجة عن القوانين، لهذا السبب يجب على دول آسيا ترميم الثغرات التي تفتح مجال خلق حروب جديدة أمام الغرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس