إبراهيم كالن - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
يوافق غدا الذكرى السنوية الثانية لمحاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 في تركيا، وهي المحاولة التي دبرها فتح الله غولن وجماعته الإرهابية المعروفة رسميا باسم "فيتو" (تنظيم فتح الله غون الإرهابي) وأسفرت عن مقتل 250 شخاصا، وإصابة أكثر من ألفين.
على مدى عدة ساعات، تعرض عدد من المؤسسات التركية الاستراتيجية المهمة، بما في ذك المجمع الرئاسي والبرلمان والشرطة ومقر الاستخبارات، لهجوم من قبل ما يبدو أنها قوات احتلال. وفي أعقاب انتصارنا على أعداء الديمقراطية، فإن ضمان عدم تكرار نفس المأساة ثبت أنه مهمة صعبة وولكنها حاسمة. وبهذا المعنى، فإن العامين الماضيين كانا تجربة شاقة لبلدنا.
في تلك الليلة المصيرية، صنع ملايين الأتراك التاريخ، إذ خاطروا بحياتهم من أجل مصلحة الأمة كلها، وتحركنا معا بوصفنا مواطنين أحرارا من خلفيات عرقية وسياسية وثقافية متنوعة، وتصدينا ودحرنا مدبري الانقلاب. كان يوما يبعث على الفخر ستتذكره الأجيال القادمة على أنه لحظة تاريخية.
استطاعت تركيا أن تستوعب صدمة محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز 2016 بفضل القيادة القوية للرئيس رجب طيب أردوغان، والتزام الشعب التركي القوي بالديمقراطية، وقوة مؤسسات بلدنا. بعد وقت قصير من الانقلاب الساقط، أعلنت البلاد حالة الطوارئ من أجل الوصول إلى حقيقة ما حدث ومنع أي هجمات تحدث في المستقبل على الديمقراطية التركية. وبعد عامين على إعلانها سترفع حالة الطوارئ الأسبوع القادم، كما وعد الرئيس أردوغان قبل انتخابات 24 حزيران/ يونيو التي أعيد فيها انتخابه بحصوله على 52.6 في المئة من الأصوات. لو أن محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو حدثت في دولة ذات مؤسسات أضعف وثقافة ديمقراطية أقل، لكان من الممكن أن ينهار اقتصادها على الفور، ولخرجت العملية السياسية عن مسارها، وأصبح السلام الاجتماعي في خطر. وفي هذا الصدد، يجب تحليل كل ما حدث بين هذا العدوان القاتل على الديمقراطية التركية تى اليوم بعناية؛ لأنه يدلل على مرونة تركيا كدولة.
وعلى الرغم من محاولة الانقلاب، ظلت بلدنا الحليف الوحيد للناتو الذي يحارب ثلاث مجموعات إرهابية في وقت واحد، فوجهت ضربات قوية لحزب العمال الكردستاني، وشنت هجومًا بريًا ناجحًا على معاقل داعش في سوريا، ولذلك لم يحدث أي هجوم إرهابي كبير في تركيا منذ كانون الأول/ ديسمبر 2016. ورغم كل الصعاب، أصبح الاقتصاد التركي أسرع الاقتصاديات نموا في العالم في عام 2017 وخلق مئات الآلاف من الوظائف الجديدة. وخلال الفترة نفسها، أجري استفتاء دستوري وأجريت انتخابات رئاسية وبرلمانية دون أي مشاكل، وفي الوقت نفسه بقيت مؤسساتنا السياسية وأمننا الاجتماعي سليمًا.
خلال العامين الماضيين، شوه الصحفيون الغربيون الجهود الحكيمة التي تبذلها تركيا للقضاء على تهديد محاولة انقلاب أخرى، الأمر الذي خلق فجوة كبيرة بين التغطية الإعلامية والحقائق على الأرض. والحق أن حالة الطوارئ التي هي آلية دستورية لحماية ديمقراطيتنا ضد معظم التهديدات الخطيرة، لم تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين العاديين؛ ذلك أن الحكومة لم تمارس قط كثيرا من السلطات التي منحها لها الدستور في ظل حالة الطوارئ، ولم تفرض تركيا ضوابط على حركة رؤوس المال ولا قيودا على السفر داخل تركيا وخارجها.
قبل الانتخابات الأخيرة والاستفتاء على الدستور عام 2017، استطاعت الأحزاب السياسية المختلفة شن حملات دون مواجهة أي نوع من القيود. لقد توحدنا، نحن أبناء الشعب التركي، واستعدنا تواززنا وما من شيء يمكن أن يغير هذه الحقيقة. واليوم، انتهى تماما غزو الغولنيين لقلوب وعقول الأتراك الصادقين الذين يعملون بجد، وكسرنا حصار تنظيم غولن الإرهابي على المؤسسات العامة في بلدنا وعلى المجتمع المدني.
وفي الوقت نفسه، اتخذنا خطوات لمنع المحاولات التي تبذلها هذه المجموعة الإرهابية لتسميم عقول وقلوب الناس في جميع أنحاء العالم تحت ستار التعليم، وكلفت مؤسسة معارف التركية باستعادة مدارس بلادنا بالخارج وإنشاء مؤسسات تعليمية جديدة في الخارج لضمان أن تظل بلادنا منارة الأمل. كما أولت الحكومات الأجنبية تقديرًا أفضل لمدى جدية تركيا في التعامل مع هذه القضية، وتفهما أكبر للوسائل التي يمكن أن يضع بها غولن وأعوانه أمن الدول المضيفة في خطر. وغني عن القول إن جهودنا الرامية إلى تقديم مرتكبي محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز للعدالة ستستمر بحسم وتصميم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس