ترك برس
تشهد تركيا في الآونة الأخيرة جدلًا واسعًا إثر ارتفاع مفاجئ ولافت في أسعار الخضار بمختلف أنواعها، في وقت تستعد فيه البلاد لإجراء انتخابات محلية نهاية آذار/ مارس القادم، وهو ما دفع البلديات التابعة لحزب العدالة والتنمية (الحاكم) إلى التدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وكانت أسعار بعض الخضروات في تركيا قد ارتفعت بشكل لافت قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي جرت في 25 حزيران/ يونيو الماضي، إلا أنها سرعان ما تراجعت، وعادت إلى طبيعتها في اليوم التالي من إجراء الانتخابات التي فاز فيها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه.
وكان الحديث يدور آنذاك حول قيام بعض تجار الجملة بتخزين البطاطا والبصل بكميات كبيرة، والامتناع عن عرضها للبيع في الأسواق.
الكاتب التركي إسماعيل ياشا، يرى أن عملية التلاعب بأسعار البطاطا والبصل والطماطم والخضروات الأخرى عادت إلى الأسواق التركية من جديد قبيل الانتخابات المحلية التي ستجري في نهاية الشهر المقبل، وبدأت الأسعار ترتفع بشكل غير معقول.
وحسب مقال للكاتب التركي نشرته صحيفة "عربي21" الإلكترونية، فإنه "لا يخفى على أحد أن الهدف من هذه العملية هو التأثير على آراء الناخبين، ودفعهم إلى عدم التصويت لحزب العدالة والتنمية".
ويقول باشا إن التلاعب بأسعار الخضروات من خلال التخزين والاحتكار ورفع الأسعار يهدف أيضا إلى رفع نسبة التضخم. وكانت تركيا عانت كثيرا من التضخم في الثمانينيات والتسعينيات التي تجاوزت فيها نسبته السنوية 100 في المئة. ومن المؤكد أن عودة شبح التضخم تعني فشل السياسات الاقتصادية.
ويضيف: "البائعون الصغار في الأسواق الشعبية استغلوا الفرصة، فرفعوا أسعار الخضروات، بعد ارتفاعها في سلسلة المتاجر في أنحاء البلاد، بهدف مضاعفة أرباحهم، ظنا منهم أن المواطنين مضطرون لشرائها بتلك الأسعار، إما من المتاجر أو من الأسواق الشعبية.
إلا أنهم أخطؤوا في تقديرهم وحساباتهم؛ لأن رئيس الجمهورية التركي لم يبق متفرجا على هذه اللعبة التي تستهدفه كما تستهدف لقمة عيش المواطنين.
أردوغان استفاد في مواجهة هذه الهجمة من الخبرة التي اكتسبها خلال رئاسته لبلدية إسطنبول. وكان آنذاك فتح مخابز تابعة للبلدية لكسر احتكار المخابز الخاصة ومحاربة جشع أصحابها، كما أنشأ مسلخا تابعا للبلدية ليحصل المواطنون على اللحم بأسعار معقولة. وكانت التجربة ناجحة للغاية.
البلديات في إسطنبول وأنقرة بدأت منذ عدة أيام بتوصيل الخضروات من المزارع والمنتجين إلى المواطنين، دون أن تمر بالوسطاء وتجار الجملة، وبيعها بأسعار منخفضة وأرباح قليلة، الأمر الذي دفع المتاجر إلى التراجع عن رفع الأسعار، وانخفضت أسعار البطاطا والبصل والطماطم في ذات المتاجر حوالي مئة في المئة أو أكثر في ليلة واحدة.
ومن المؤكد أن تلك المتاجر لا تخسر حين تبيع الخضروات بتلك الأسعار المنخفضة؛ لأنها هي أسعارها الطبيعية، بل يؤكد تراجعها عن البيع بتلك الأسعار المرتفعة أنها كانت تجني أرباحا مضاعفة.
الحكومة لم تتدخل في السوق لتفرض على التجار والمتاجر خفض الأسعار، إلا أنها لم تقف أيضا مكتوفة الأيدي، بل تحركت لإفشال عملية التلاعب بأسعار البطاطا والبصل والطماطم وغيرها، وكسرت احتكار تجار الجملة والمتاجر الكبرى، وأعادت التجربة السابقة التي نجحت خلال تولي أردوغان لرئاسة بلدية إسطنبول.
المواطنون اصطفوا في الطوابير أمام نقاط بيع الخضروات التابعة للبلديات في العاصمة أنقرة وإسطنبول، إلا أنهم غير مستائين من الانتظار في تلك الطوابير؛ لأنهم يعرفون جيدا ما يدور في البلاد، ومن يقف وراء رفع الأسعار قبيل الانتخابات، كما يدركون أن تدخل الحكومة هذا لصالحهم، وضروري لكسر الاحتكار ومحاربة جشع التجار.
تركيا تعرضت قبل فترة لهجمة اقتصادية استهدفت عملتها الوطنية، وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة التركية بشكل سريع.
وكان هدف عملية التلاعب أن يبلغ سعر الدولار الواحد 10 ليرات تركية، إلا أن الحكومة تصدت لها بكل ما تملك من أوراق، وفشلت الهجمة، وانتهى الاضطراب في سعر صرف الدولار.
الحكومة والبلديات ليس من وظائفها بيع الخضروات، إلا أن هذه الإجراءات محدودة لعودة الاستقرار إلى الأسعار.
وهناك منزعجون في صفوف المعارضة من فشل عملية التلاعب بأسعار الخضروات، ويشبه هؤلاء وقوف المواطنين أمام الطوابير في نقاط البيع المباشر بالطوابير التي شهدتها تركيا في السبعينيات.
إلا أن الشارع التركي يعرف الفرق بين هذه الطوابير وتلك، وأن الطوابير في السابق كانت بسبب عدم وجود السلع الأساسية، مثل البنزين والغاز، وأما طوابير اليوم فمؤقتة وسرعان ما تنتهي بعد تراجع المتاجر من رفع الأسعار".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!