
نهال بينغيسو قراجة - خبر تورك - ترجمة وتحرير ترك برس
لم يكن مؤتمر حزب الشعب الجمهوري (CHP) الذي عُقد السبت مجرد حدث تنظيمي داخلي، بل كان أحد أهم الاختبارات لمستقبل المعارضة. منذ الانتخابات المحلية الأخيرة، كانت موجة الدعم الشعبي تتطلع إلى هذا المؤتمر بتوقعات عالية. لأن الناخبين أرسلوا إشارة واضحة لا للحكومة، بل للمعارضة: "أمنحكم فرصة أخرى، لكن هذه المرة افعلوا شيئًا مختلفًا."
هذه الفرصة نابعة ليس فقط من الاستياء تجاه سياسات الحكومة، ولكن أيضًا من الحاجة إلى المعارضة. خاصةً مع قضية القضاء ضد إمام أوغلو، التي خلقت رد فعل تضامني. لكن استمرار هذا التضامن لا يعتمد على ردود الفعل العاطفية، بل على استراتيجية طويلة المدى.
لذلك، فإن الخطاب السياسي الحاد الذي ظهر أحيانًا في أجواء المؤتمر، واتهام أوزغور أوزل للحكومة بـ"الطغمة العسكرية"، قد يرضي مزاج جزء من الناخبين الآن، لكنه في الحقيقة لا يتوافق مع الرسالة التي أرسلوها في انتخابات 2024 المحلية.
في المناخ السياسي الحالي، ربما أصبح الاستقطاب مصدرًا للإثارة بالنسبة للناخبين. حسنًا. لكن إلى متى سيستمر هذا الحماس، وهل سيكون مفيدًا للناخبين في الظروف الحالية؟
الجواب واضح: في الظروف الحالية، لا، لن يكون مفيدًا.
نعم، على حزب الشعب الجمهوري أن يحلم بتركيا جديدة. لكن هذا الحلم يجب أن يقوم على خط سياسي مستدام ومدعوم وقابل للتعميم المجتمعي، وليس على اتهامات صاخبة. من المشروع التعبير عن الغضب تجاه المظالم القانونية الحالية. لكن إذا تحول هذا الغضب إلى خطاب يغذي سيناريوهات الاستقطاب، فإنه سيفقد تأثيره.
صعود إمام أوغلو كشخصية سياسية لم يكن مجرد مسألة شخصية، بل كان انعكاسًا لأسلوب سياسي يحظى بتأييد شعبي. الشعور بالظلم الناتج عن استحالة ترشحه الآن قد يمنح المعارضة فرصة لقيادة رد فعل الناخبين المفاجئ عبر أوزل. لكن هذه الفرصة يجب أن تُبنى ليس فقط على أساس الشعور بالظلم، بل أيضًا على رؤية مستقبلية.
المعارضة ليست مسؤولة فقط عن الحديث عن الحاضر، بل أيضًا عن بناء المستقبل. مع وجود ثلاث سنوات قبل الانتخابات، فإن الخطاب السياسي الذي يستهدف جميع مؤسسات الحكومة منذ اليوم يحمل خطر الوقوع في موقف يصعب الدفاع عنه، بل وغير مستدام.
الانخراط في خطاب متطرف يدفع حتى شخصيات مثل هاكان فيدان -الذين يشغلون مناصب حساسة- إلى الدخول في سجالات، قد يجعل حزب الشعب الجمهوري أكثر هشاشة في السياسة الداخلية.
اليوم، أمام حزب الشعب الجمهوري والمعارضة مسؤولية واضحة:
تحويل الفرصة التي منحها الناخبون، والتضامن الناتج عن رد الفعل الجماعي، إلى مشروع تحول حقيقي.
يجب أن يقوم هذا المشروع ليس فقط على المرشحين، بل على عناوين ملموسة تمنح الأمل للمجموعات الأكثر تضررًا حاليًا، مثل الشباب، في قضايا مثل العدالة، الاقتصاد، التعليم، والكفاءة. يجب بناء خطاب يعطي الأولوية لسياسة العيش المشترك، وليس المقاربات التي تبني الجدران بين "نحن" و"هم". بل بالأحرى، يجب استدعاء "السياسة" -التي أصبحت مساحتها تتقلص- كشكل من أشكال التعبير المجتمعي.
وقبل كل شيء، يجب تقديم إجابة قوية ليس فقط على سؤال "كيف نهزم الحكومة الحالية؟ كيف نصل إلى السلطة؟"، بل أيضًا على سؤال "كيف نصلح هذا البلد؟".
لأن القضية لم تعد فقط انتقاد الحكومة أو مقاومتها.
بل بناء رؤية بديلة للبلاد.
وعند القيام بذلك، يجب ألا يكون الحزب مجرد رافعًا لصوته، بل مضخمًا للأصوات المتنوعة في المجتمع.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس