ترك برس
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" (Eurasia Review)، مقالا للمحلل الأمريكي مايك وايتني، رأى فيه أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يسعون إلى توريط تركيا في صراع يجبر واشنطن على الانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط، وأن يتورط الجيش الأمريكي في حرب تمتد لعقود بهدف إضعاف خصوم إسرائيل وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتقوية هيمنة إسرائيل الإقليمية.
ويشير وايتني في بداية مقاله إلى أن الصدام بين الجيشين التركي والأمريكي في شمال سوريا بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية لطرد "الميليشيات الكردية" المدعومة أمريكيًا (تنظيم "ي ب ك")، وتحذير وزير الخارجية الأمريكي من عواقب وخيمة لهذا الهجوم، لا بد أن يوسع الهوة بين الحليفين السابقين، ويجبر أردوغان على إعادة النظر في التزامه بالتحالف الغربي.
ويضيف أن مشاكل واشنطن مع أردوغان ليست وليدة اليوم، بل بدأت قبل سنوات، لأن الرئيس التركي ظل يقود سياسة خارجية مستقلة كانت مصدرًا دائمًا للإحباط بالنسبة للبيت الأبيض.
وأوضح أن أردوغان رفض خلال الحرب على العراق السماح للولايات المتحدة باستخدام القواعد الجوية التركية للقيام بعملياتها، كما اتفق على شراء منظومة الصواريخ الروسية إس 400 رغم معارضة واشنطن الشديدة، وحضر مؤتمرات القمة في سوتشي مع موسكو وطهران من أجل إيجاد تسوية سياسية للحرب في سوريا، ووقع عقودًا مع شركة غازبروم من شأنها أن تجعل بلاده مركز الطاقة في جنوب أوروبا، وانتقد بشدة دعم الولايات المتحدة لوكلائها في شمال شرق سوريا.
ويشير إلى أن معظم الخلافات بين أردوغان والولايات المتحدة نجمت عن تجاهل واشنطن الصارخ لمخاوف تركيا الأمنية. ولم تكن الأزمة الحالية سوى حلقة في أزمات أخرى تسببت فيها واشنطن، مثل الانقلاب الفاشل في عام 2016 الذي أدى إلى نتائج عكسية من تعزيز قبضة أردوغان على السلطة مع تأجيج عدم الثقة على نطاق واسع في الولايات المتحدة.
وبعد أن يلفت إلى احتمال تورط الولايات المتحدة في محاولة الانقلاب على أردوغان، وإيوائها للعقل المدبر للانقلاب، يذكر أنه على الرغم من أن تركيا قد زودت الولايات المتحدة بسلسلة من الأدلة على تزعم غولن للانقلاب، وعلى الرغم من تعاونها في تسليم كثير من المشتبه في صلتهم بالإرهاب، فإن الولايات المتحدة ببساطة لم تشعر بأي التزام تجاه رد الجميل لتركيا.
ويذكر أن أردوغان طلب مرارًا وتكرارًا من إدارة ترامب احترام المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا، بإبعاد المقاتلين المرتبطين بالإرهاب عن حدود تركيا الجنوبية. وبعد اتصال هاتفي بينه وبين ترامب، أعلن الرئيس الأمريكي سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا في غضون 30 يومًا. ولكن الإدارة الأمريكية منذ ذلك الحين لم توف بوعدها، بل وزادت من حجم قواتها في شرق سوريا.
ويضيف أن الولايات المتحدة أخفقت أيضًا في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بخريطة طريق منبج التي تلزم الولايات المتحدة بإبعاد جميع مقاتلي "وحدات حماية الشعب" (تنظيم "ي ب ك") في المدينة وحولها ومساعدة تركيا في إرساء الأمن في منبج.
ووفقا للمحلل الأمريكي، فإن هذا يشير إلى أن فريق ترامب لا يعتزم أن يتحرك لمعالجة المخاوف الأمنية التركية أو متابعة التزاماته المعلنة بوضوح، ويشير إلى أن واشنطن تحاول بالفعل استفزاز أردوغان حتى يقدم على عمل شيء قد يندم عليه لاحقًا.
ويطرح المحلل الأمريكي مسألة أخرى لم تف فيها الإدارة الأمريكية بتعهداتها لتركيا، حيث يذكر نقلا عن تقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز في تموز/ يوليو عام 2015 أن الرئيس التركي اتفق مع إدارة أوباما على إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا على طول الحدود مع تركيا، وفي المقابل يُسمح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية.
ويقول وايتني إن الولايات المتحدة لم تحافظ على هذه الصفقة حتى النهاية، ولم يكن أردوغان هو من أفسدها، ولكن الرئيس أوباما.
ويضيف أن الإعلان عن هذه الصفقة كان السبب وراء انضمام روسيا إلى الحرب السورية. فبعد وقت قصير من التقرير المنشور في صحيفة نيويورك تايمز، بدأت روسيا على عجل في شحن طائراتها الحربية إلى سوريا. وبدات بعد شهرين ضرباتها الجوية هناك، بعد أن أدرك بوتين أن الولايات المتحدة سوف تستخدم قاعدة إنجرليك لإنشاء منطقة حظر طيران فوق سوريا.
ماذا يريد المحافظون الجدد من تركيا
وبعد أن أصبحت تركيا والولايات المتحدة على وشك الصدام العسكري في سوريا، يتساءل وايتني "هل هذه هي استراتيجية الإدارة الأمريكية لجذب تركيا إلى صراع يجبر واشنطن على الانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط؟ هل هذا هو السبب في أن الولايات المتحدة تجاهلت التزاماتها تجاه أنقرة، و"أنشأت دويلة كردية في قلب العالم العربي"، وما هو الجديد الذي يريده المحافظون الجدد" بومبيو وبولتون وبنس" من تركيا؟"
ويجيب بأنهم يريدون تكثيف القتال وتوسيعه بحيث يلزم جلب المزيد من القوات والأسلحة الأمريكية، ويريدون حربا أوسع أوسع تجبر ترامب على تعميق التزامه بالهيمنة الإقليمية. ويريدون أن يتورط الجيش الأمريكي في حرب تمتد لعقود وتمتد عبر الحدود إلى لبنان وتركيا وإيران، يحيث تعيد واشنطن رسم خريطة الشرق الأوسط بطريقة تضعف الخصوم وتقوي هيمنة إسرائيل الإقليمية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!