ترك برس
رأى تقرير لشبكة الجزيرة القطرية أن مؤشرات وملامح الانتعاش في الاقتصاد التركي خلال الربع الأول من العام الحالي، لم تحدث فارقا ملحوظا في تعزيز قيمة الليرة التركية، وهو ما أثار التساؤلات.
وقالت الجزيرة إن تقارير رسمية كشفت عن مؤشرات وملامح انتعاش في الاقتصاد التركي خلال الربع الأول من العام الحالي، رغم التوتر السياسي الداخلي خلال الانتخابات المحلية والتجاذبات السياسية الخارجية التي عصفت بالبلاد خلال المدة ذاتها.
وبعد أيام من إعلان وزير الخزانة والمالية التركي براءات ألبيرق عن حزمة إصلاحات جديدة تتعلق بالاقتصاد عقب الانتخابات المحلية، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا بأن تعمل حكومته على توفير 182 مليار دولار من الصادرات خلال العام الحالي و500 مليار دولار في العام 2023.
وذكرت الجزيرة أنه بالتزامن مع ذلك، كشفت تقارير رسمية لوزارة التجارة التركية عن تجاوز حجم صادرات البلاد خلال الربع الأول من العام الجاري 44 مليارا و567 مليون دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ تركيا للمدة المذكورة.
وبحسب التقارير الرسمية، فقد بلغت نسبة الصادرات خلال مارس/آذار من العام الحالي فقط 16 مليار و334 مليون دولار، وهو رقم قياسي مقارنة بالأعوام الماضية.
وخلال الربع الأول من العام الحالي أيضا، ارتفعت عائدات تركيا من القطاع السياحي بنسبة 4.6% مقارنة مع المدة نفسها من 2018 حيث فاقت 4.5 مليارات دولار، بحسب معطيات هيئة الإحصاء التركية. وتخطط تركيا لجذب 50 مليون سائح خلال العام الحالي.
ووفقا لبيانات مركز الإحصاء التركي -التي تتبعتها الجزيرة نت- فإن عجز التجارة الخارجية لتركيا تقلص 63.7% على أساس سنوي في مارس/آذار الماضي إلى 2.137 مليار دولار، في حين تراجعت الصادرات التركية 0.4%، وانخفضت الواردات بنسبة 17.8% مقارنة بمستويات شهر مارس/آذار الماضي أيضا.
بالمقابل ارتفع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي بنسبة 2.8% خلال أبريل/نيسان الماضي مقارنة بشهر مارس/آذار السابق.
وتشير بيانات مؤسسة الإحصاء التركية إلى أن مؤشر الثقة صعد من 81.9% خلال مارس/آذار السابق إلى 84.7% خلال أبريل/نيسان الماضي.
وزادت مبيعات العقارات للأجانب خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 81.5% مقارنة بالعام الماضي، حيث تم بيع أكثر من 9 آلاف و618 شقة سكنية، وبقيمة تعادل 1.3 مليار دولار.
كل هذه المؤشرات لم تحدث فارقا ملحوظا في تعزيز قيمة الليرة التركية التي بلغت اليوم الخميس 5.94 ليرات للدولار الواحد، الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون عن الجدوى من أن يكون هناك سياحة وانخفاض في معدل العجز التجاري بينما ترتفع الأسعار في الأسواق وتؤدي إلى تآكل قيمة العملة.
الباحث الاقتصادي مناف قومان، أفاد بأنه عندما يتم النظر إلى قوام الأزمة الاقتصادية في تركيا سيتبيّن أن جزءا منها متأتٍ من ارتفاع معدل التضخم الذي تكافح الحكومة لتخفيضه تحت 20% عبر أدوات لا يبدو أنها مجدية بما يكفي.
كما أن المصرف المركزي التركي المخول بمحاربة التضخم من خلال سعر الفائدة التي أمل المستثمرون رفعها مؤخراً، أبقى سعر الفائدة دون تغيير عند 24%، وهو ما يعني أنه لا تزال هناك حلقة غائبة بين المستثمر والمركزي لم يستطع الأخير وصلها طوال السنوات القليلة الماضية، ويعود هذا لنهج الحكومة، وفقا لقومان.
ويضيف قومان "ما ينعش الليرة اليوم لا يتعلق بأرقام السياحة ولا بانخفاض في العجز، وهذا بلا شك مهم، لكن هناك ما هو أهم وهو التضخم والفائدة والاحتياطي الأجنبي، وإدارة المركزي أو بالأحرى ردود الحكومة بشأن هذه المفارقات من خلال وزارة المالية، بجانب الأزمات السياسية التي تحيط بتركيا من كل جانب، إذ أي تطور فيها يرسل إشارة للسوق سلبا أو إيجابا".
ويرى قومان أن الثقل الحقيقي الذي قد يمهد الطريق لتحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مرتبط بنهج المركزي واستقلاليته الكاملة بالدرجة الأولى كونه المسؤول عن العملة.
وأشار إلى أن المستثمر يختبر هذا النهج عبر سياسة مكافحة التضخم وحركة الفائدة والاحتياطات الأجنبية، ومن ثم يأتي نهج الحكومة التي يفترض أن توازن في سياستها الاقتصادية لتحقيق النمو مع الحفاظ على قيمة العملة، وهذا كان محل خلاف في تركيا بسبب الذهاب بعيدا في الاستدانة لرفد معدلات النمو.
ويرجع قومان أزمة الليرة إلى أسباب نفسية أيضا تولد أحيانا انطباعات لدى المستثمرين، إضافة إلى الأزمات السياسية التي تحيط بتركيا من كل جانب وتؤرق معها استقرار الاستثمارات في البلد، والتي كان آخرها وقف تمديد استثناء تركيا من العقوبات على إيران، وصفقة لصواريخ "أس 400" والأزمة مع أميركا وما يجري من حديث عن حملة عسكرية تركية في سوريا والمخاوف منها.
وإذا أرادت الحكومة التركية مواجهة هذه المشكلة، فإن مراقبين يحثونها على مراجعة مواطن الخلل في سياساتها الاقتصادية والمالية، وانعكاسات سياساتها الإقليمية والدولية على الاقتصاد، والتصويب قدر المستطاع للحفاظ على استقرار سعر الصرف على المدى القريب.
ويعتقد هؤلاء أن هامش التحرك يجب ألا يقترب من الأسواق، بل ينشغل بالقاعدة الإنتاجية وبالتشارك مع القطاع الخاص بالدرجة الأولى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!