إركوت أيفاز - The New Turkey - ترجمة وتحرير ترك برس
لفت حزب اليسار الديمقراطي، أحد أحزاب يسار الوسط المعروفة في تركيا، الانتباه من جديد في السياسة التركية بسبب موقفه المذهل فيما يتعلق بمرشح تحالف الأمة لرئاسة بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو. وبوصفه حزبا سياسيا أسسه رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس حزب الشعب الجمهوري، بولنت أجاويد، يرمز حزب اليسار الديموقراطي إلى التحول عن أولويات حزب الشعب الجمهوري التقليدية - وحتى الراديكالية - بعد الانقلاب العسكري عام 1980. حصل الحزب أيضًا على فرصة لقيادة البلاد بين عامي 1999 و2002، انتهت بالخسارة في الانتخابات أمام حزب العدالة والتنمية الذي كان أسس حديثًا. منذ ذلك التاريخ، لم يحقق الحزب أي نجاح، لكنه اختار عدم إغلاق أبوابه عن السياسة.
ما يزال حزب اليسار الديموقراطي في الوقت الحالي موجودا على أجندة الدوائر السياسية اليسارية في تركيا، مثلما اتضح خلال الحملة الانتخابية في 31 آذار/ مارس، إذ تحول كثير من المرشحين السابقين لحزب الشعب الجمهوري الذين لم يتم ترشيحهم لمنصب رئاسة البلديات واستبدلوا بأسماء أخرى من قيادة حزب الشعب الجمهوري، ولا سيما المقربين من رئيس الحزب كمال كيليتشدار أوغلو، إلى حزب اليسارالديمقراطي. وكان ذلك التحول في الأغلب رمزا للاحتجاج على قيادة حزب الشعب الجمهوري.
وعلى النقيض من حزب الشعوب الديموقراطي اليساري، أعلن حزب اليسار الديموقراطي مرشحه لرئاسة بلدية إسطنبول في 31 مارس ولم يدعم إكرم إمام أوغلو. حصل معمر أيدين على ما يقرب من 30.000 صوت من أصل 10 ملايين ناخب في إسطنبول. وعلى الرغم من قلة الأصوات التي حصل عليها، فإن نتائج الانتخابات المثيرة للجدل أظهرت فوز المرشح بهامش طفيف قدره 13.000 صوت فقط. ومن ثم تبرز أمدى أهمية كل صوت في انتخابات الإعادة القادمة في 23 حزيران/ يونيو.
ومن المثير للاهتمام، أن مرشح حزب اليسار الديموقراطي لرئاسة بلدية إسطنبول أعلن أخيرا انسحابه من انتخابات 23 يونيو واصفا قرار اللجنة العليا بإعادة الانتخابات بأنه غير قانوني. وعلى ذلك توقع أنصار إمام أوغلو أن تتخذ قيادة حزب اليسار الديموقراطي موقفا مماثلا لحزب الشعوب الديمقراطي، بدعم مرشح حزب الشعب الجمهوري. ولكن حزب اليسار الديمقراطي لم يؤيد هذا التوجه.
قررت اللجنة المركزية للحزب عدم تعيين مرشح جديد بسبب استقالة مرشحها السابق معمر أيدين، ورفض أعضاء الحزب رسميا دعم مرشح حزب الشعب الجمهوري، على الرغم من أن بعض الأحزاب الصغيرة، بما في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي، قد أعلنت بالفعل دعمها له.
وعلى الرغم من أنه ما يزال بمقدور ناخبي حزب اليسار الديموقراطي دعم إمام أوغلو احتجاجًا على القرار، فإن النقاط الرئيسية التي تستحق التحليل هي الأسباب وراء اختيار أعضاء حزب اليسار الديمقراطي عدم دعم إمام أوغلو.
وقد أوضح رئيس الحزب، أوندير أكساكال، قرار الحزب مشددا على تراث زعيم الحزب السابق بولنت أجاويد. وقال إن الحزب سوف يتتناقض مع تراث أجاويد، إذا دعم نفس المرشح الذي تدعمه الأحزاب السياسية الأخرى التي لا تتوافق مع الفهم المحدد للسياسة اليسارية التي يمثلها حزب اليسار الديمقراطي.
يواجه تيار يسار الوسط بأكمله في تركيا مشكلة صعبة ولكنها جوهرية. وعلى الرغم من وجود فرصة محتملة لحزب الشعب الجمهوري لتوسيع دائرة الناخبين، وحتى أن يصبح بديلًا جادًا في السياسة التركية على المدى الطويل ويكون أملًا للناخبين من يسار الوسط، فإن تطلعات الحزب واستراتيجياته الخاطئة تنتهي دائمًا بخسائر انتخابية. وعلى ذلك، فإذا كان من مزايا النظام الرئاسي الجديد في تركيا أن أحزاب اليسار ويسار الوسط أصبحت قادرة على إقامة تحالفات، فإن من الواضح أن "الكتلة اليسارية" لا تقدم توقعات مستقبلية مستقرة.
إن تجمع جميع الأحزاب السياسية ذات التوجه اليساري معًا لا يضمن نجاحًا أساسيًا جنبًا إلى جنب مع شخصية شعبوية مثل إمام أوغلو نفسه. وعلاوة على ذلك، فمن العلامات القوية والعناصر الملحوظة في الديمقراطية التركية أن أحزاب يسار الوسط الصغيرة مثل حزب اليسار الديمقراطي لديها الشجاعة لعدم دعم مرشح حزب الشعب الجمهوري بسبب موقف الحزب نفسه، على الرغم من الضغوط القوية المستمرة من كثير من الدوائر اليسارية والإعلامية. وفي النهاية فإن ناخبي الأحزاب الصغيرة سيقررون ما إذا كان سيتم انتخاب إمام أوغلو أو بن علي يلدريم رئيسا جديدا لبلدية إسطنبول.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس