بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
كلما ابتعدت تركيا عن الدوران في مدار الغرب زادت الضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية. لأن الغرب لا يريد تركيا ذات رسالة تاريخية وجيواستراتيجية.
بيد أن التحالف الأطلنطي بين أوروبا وأمريكا بدأ يفقد قدرته على تحديد القواعد العالمية. بدأت مراكز قوى جديدة في مناطق مختلفة من العالم بوضع قواعدها.
وبينما يتسارع خطر انهيار النظام الغربي تزداد شدة القلق في الولايات المتحدة. وسبب هذا القلق هو تناقص إمكانية التدخل في المحور العالمي الجديد المكون من الصين وروسيا وتركيا.
لم تستطع الولايات المتحدة كبح سياسة التمدد الصيني، وكسبت بكين مواقع هامة لتحقيق التوازن مع الولايات المتحدة في 4 قارات و3 محيطات من خلال مشروع "حزام وطريق"، ولم تتضرر كثيرًا من حروب ترامب الاقتصادية.
***
لكن أكبر ضربة تلقتها الولايات المتحدة جاءت من روسيا. لم تتمكن البنتاغون سوى من وضع استراتيجية "روسوفوبي" في مواجهة سياسة إعادة القوقاز والبلقان إلى الحظيرة السوفيتية، مع حرب جورجيا 2008.
كما زادت روسيا نفوذها في أوروبا الشرقية والبلقان والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وأصبحت مركز جذب حتى لحلفاء الولايات المتحدة.
عزز نجاح روسيا في أزمات أوكرانيا وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية علاقاتها مع الصين، وبدأت موسكو بالتقارب مع الفاعلين في نطاق النفوذ الأمريكي كالهند وباكستان والسعودية ومصر والعراق وأفغانستان.
لذلك، يبدو من الصعب جدًّا الآن على الولايات المتحدة التفريق بين روسا والصين وتركيا. فنتيجة اعتراضات البلدان الثلاثة اضطرت الولايات المتحدة للتراجع في سوريا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا.
أما في العراق وليبيا وأفغانستان وقطر فانهارت الاستراتيجيات الأمريكية الواحدة تلو الأخرى.
يقف العالم الأطلنطي عاجزًا أمام تكتل تركيا وروسيا والصين. وباءت جهود الإدارة الأمريكية والاتحاد الأورويي في جر تركيا إلى صفهما بهدف التخلص من هذا العائق.
***
مع تخلصها من الوصاية الأطلنطية، بدأت تركيا في الآونة الأخيرة باتباع سياسة تمنح الأولوية لمصالحها القومية.
لكن تعزيز علاقت أنقرة مع موسكو وبكين أثار جنون حلفائها القدامى، الذين يعيشون قلقًا عميقًا جراء المقاومة التي أبدتها تركيا ونهوضها من جديد بهدف العودة إلى أصولها.
ولهذا فإن صفقة إس-400، التي قلبت محططات الولايات المتحدة ومقاوليها رأسًا على عقب، تشكل أبرز مشهد في هذه الصدمة التاريخية للقوى العظمى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس