ترك برس
نشر موقع Syndication Bureau مقالا للباحث التركي، عمر تاشبينار، الزميل الأقدم في معهد بروكينغز وأستاذ استراتيجية الأمن القومي في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، تناول فيه التداعيات السلبية للحرب السورية على العلاقات الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة، معتبرا أن هذه الحرب السبب الرئيسي لتدهور العلاقات بين البلدين.
واستهل تاشينبار مقاله بأن أنقرة وواشنطن قبل الحرب السورية كان بإمكانهما التظاهر بأنهما شريكان استراتيجيان، على الرغم من المشاكل الكبيرة بينهما. لكن الأحداث التي حولت هذا البلد إلى دولة فاشلة، جعلت الجيشين التركي والأمريكي ينظران إلى بعضها البعض بوصفه شبه عدو.
وأوضح أن جميع المشاكل الحالية في العلاقات التركية الأمريكية، بدءا من الدعم العسكري الأمريكي للميليشيات شرق سوريا إلى شراء تركيا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، لها جذورها في سوريا.
وأشار إلى أن الاتفاق الأخير بين أنقرة وواشنطن لإنشاء "مركز عمليات مشترك" سيحتاج إلى وقت طويل للتوفيق بين خلافاتهما العميقة حول ما يجب القيام به في شمال سوريا.
والسبب وفقا لتشابينار، هو أن المنطقة الآمنة التي يريد الأمريكيون إنشاءها لحماية الميليشيات الحليفة لها، في حين أن المنطقة الآمنة التي تفكر فيها تركيا هي المنطقة التي ستحمي نفسها من هذه الميليشيات التي تعدها إرهابية.
وأضاف أنه عندما يكون هناك اختلاف جوهري في تصور التهديد، فإن كل ما يمكن أن يحققه هذا الاتفاق هو تأخير حتمية توغل عسكري تركي لتدمير شركاء أمريكا شرق نهر الفرات.
ويذكر الباحث أن العلاقات التركية الأمريكية قبل الحرب السورية كانت تكتنفها مشاكل كثيرة، فبعد فترة وجيزة من الحرب الباردة وخاصة بعد الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ظهرت اختلافات كبيرة في تصور التهديد بين أنقرة وواشنطن.
وبين أن المشاكل بدأت عندما حلت "الجهادية" محل الشيوعية كتهديد وجودي في نظر الولايات المتحدة. في المقابل كانت لتركيا أيضًا مشاكلها مع المتطرفين، لكن التهديد بالنسبة لأنقرة كان الإرهاب العرقي. وبما أن الشرق الأوسط أصبح مركز الثقل الجديد للأجندة الثنائية، فقد تحولت الأمور من سيء إلى أسوأ.
ويلفت إلى أن "المسألة الكردية" لم تكن وحدها سبب الخلاف بين البلدين، ولكن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودور جماعة الإخوان المسلمين في مصر كل ذلك سمم العلاقة بين حليفي الناتو.
وجد البلدان نفسيهما على طرفي النقيض في كيفية التعامل مع حماس أو الانقلاب العسكري في مصر، حيث تعتقد أنقرة أن واشنطن كانت متواطئة في الانقلاب الدموي الذي قضى على حركة إسلامية منتخبة ديمقراطيا. وألقى أردوغان باللوم على واشنطن أكثر من الجهات الإقليمية الفاعلة.
لكن هذه التحديات، كما يقول تشابينار، لم تمثل تهديدا حيويا للأمن القومي التركي والأمريكي، وبدا أن الشراكة الاستراتيجية ظلت قائمة، على الأقل على الورق. لكن مع اندلاع الحرب السورية وصلت الخلافات بين الجانبين إلى مداها.
وبحسب تشابينار، غيرت الانتفاضة السورية كل شيء، وكان داعش نتاج انهيار الدولة في سوريا. وجاء قرار الولايات المتحدة بتسليح الميليشيات السورية المرتبطة بتنظيم "بي كي كي" لمواجهة هذا التهديد صدمة لمؤسسة الأمن القومي التركية التي رأت أن واشنطن تسلح منظمة إرهابية باسم محاربة كيان إرهابي آخر.
كل هذا لم يبشر بالخير للحفاظ على شراكة استراتيجية بين حليفي الناتو. وكان وجود تصور تهديدات مختلفة مقبولًا بدرجة معينة. لكن الآن أصبحت كل من أنقرة وواشنطن تقدم مساعدات عسكرية للتهديد الوجودي للآخر.
ورأى الباحث في ختام مقاله أن أفضل ما يمكن للبلدين القيام به بعيدًا عن استعادة الشراكة التي كانت ذات يوم استراتيجية، هو التحكم في الأضرار وإدارة الأزمات.
وأشار في ختام مقاله إلى أن الاتفاق الجديد بشأن شمال سوريا الذي تم الإعلان عنه هذا الشهر، لا يمثل رؤية استراتيجية مشتركة أو حتى التزامًا أمريكيًا رئيسيًا بالعمل مع أنقرة. لكنه بالتأكيد أفضل من سيناريو الكابوس الذي يطلقه جيشان على بعضهما البعض في شمال سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!