ترك برس
تساءل تقرير صحفي عن موقف تركيا في حال اندلعت حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على خلفية التوترات المتصاعدة في الأيام القليلة الماضية.
وأشار تقرير صحيفة "عربي21" الإلكترونية إلى تصاعد التوتر في المنطقة منذ اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وتعالي نبرة التهديد والوعيد في خطابي واشنطن وطهران.
وعبرت دول المنطقة عن قلقها من حدوث حرب شاملة بين الدولتين، خاصة الدول الجارة لإيران، وعلى رأسها تركيا، التي قال رئيسها، رجب طيب أردوغان، إن خبر مقتل سليماني تسبب له بـ"صدمة".
وقالت الصحيفة إنه مع ارتفاع نبرة التهديد بين أمريكا وإيران، يبرز تساؤل عن موقف تركيا في حال نشبت حرب شاملة بين الدولتين، وكيف سيكون هذا الموقف؟ ومع من ستصطف أنقرة؟
ونقلت عن المحلل السياسي التركي، مصطفى أوزجان، قوله أن "تركيا ستتخذ موقف الحياد في حال نشبت حرب بين الطرفين، مضيفا: "تركيا شريك تجاري مهم لإيران، وهي أيضا شريكة لواشنطن في حلف شمال الأطلسي، ولهذا لن تنحاز لأي طرف على حساب الآخر، وستلتزم الهدوء".
وأضاف أوزجان: "أيضا لن تكتفي تركيا باتخاذ موقف الحياد، بل سوف تسعى للقيام بوساطة حميدة بين إيران وأمريكا، كما فعلت ذلك مع البرازيل قبل عشر سنوات في الاتفاق النووي الإيراني".
من جهته، استبعد المحلل السياسي التركي، أنس يلمان، "حدوث حرب بين الدولتين، وقال: "لكن في حال نشبت، ستسعى تركيا جاهدة لخفض التصعيد، وستلعب دور الوسيط بينهما، فهي تتفق مع جارتها إيران في بعض القضايا، وفي الوقت ذاته هي حليفة لواشنطن".
وتابع يلمان: "ستلعب تركيا دور الوسيط، كما تفعل دائما في المنطقة، فهي لها خبرة في مثل هذه المواقف، حيث مرت بمواقف شبيهة لها حينما حدثت حرب العراق عام 2003"، وفق "عربي21".
بدوره، قال الكاتب المختص بالشأن التركي، سعيد الحاج: "احتمالات نشوب حرب مفتوحة بين الطرفين ضئيلة، وتركيا ترى هذا الاحتمال ضئيلا أيضا، لكن في حال وقعت ستكون الحسابات التركية دقيقة ومعقدة جدا، لأن إيران دولة جارة ولها علاقات مباشرة مع تركيا، وأي حرب تدخل فيها سيكون لها بالتأكيد تبعات على تركيا والمنطقة بشكل عام، سواء اقتصاديا أو سياسيا أو عسكريا".
وتابع الحاج: "ومن جهة أخرى، تركيا شريك استراتيجي لأمريكا وهما عضوان في حلف الناتو، الذي يشترط البند الخامس من نظامه على الدول الأعضاء التضامن ومساعدة أي دولة عضو تتعرض لأي اعتداء، بالتالي قد يفرض ذلك على تركيا أن تكون إلى جانب واشنطن".
وأضاف الحاج: "بهذه الحسابات الدقيقة، أعتقد أن تركيا ستحاول قدر الإمكان أن تقف على الحياد، بحيث أنها لا تصطف بشكل واضح إلى جانب إيران، وهذا كان واضحا في التصريحات التركية وبيان وزارة الخارجية، التي حتى تجنبت إدانة عملية الاغتيال، واعتبرت أن سليماني توفي آثر الضربة الأمريكية ولم يقتل بمعنى كان هناك في صياغة البيان حرص تركي على عدم الاصطفاف إلى جانب إيران أيضا دعوات للتهدئة وما إلى ذلك".
قال: "ولكن تركيا رفضت أيضا التدخلات الأجنبية والاغتيالات وفق بيان الخارجية، بالتالي هي لم ترد أن تصطف في الموقف، أيضا أعتقد في حال حدثت مواجهة لا تريد أن تصطف إلى جانب طرفي المواجهة".
وأشار إلى أن "تركيا ستحاول منع حدوث حرب"، مضيفا: "لكن في حال حصلت ستحاول قدر الأماكن أن يكون هناك وساطة أو حلول وسطى بين الطرفين، وأنا أعتقد أن جزءا من الجهود الدبلوماسية التركية ذهب إلى هذا الاتجاه بالتواصل مع عدد من الدول المؤثرة، فضلا عن التواصل المباشر مع إيران وأمريكا".
وتعدّ قاعدة إنجرليك الجوية إحدى أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، التي استخدمتها الولايات المتحدة في الغارات الجوية للتحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة"، أيضا يوجد على الأراضي التركية محطة الرادار الأمريكية كيوراجيك.
وجود القواعد الأمريكية على الأراضي التركية يثير تساؤل عن احتمالية سماح أنقرة لواشنطن باستخدامها لضرب أهداف إيرانية.
وأكد المحلل السياسي، مصطفى أوزجان، على أن "تركيا لن تسمح لأمريكا باستخدام قواعدها لضرب إيران، مضيفا: "هددت طهران بضرب القواعد الأمريكية في المنطقة في حال نشوب حرب؛ لذلك من مصلحة أنقرة عدم استخدام واشنطن لهذه القواعد في ضرب إيران".
وتابع: "وفي الأصل، قاعدة إنجرليك تابعة لحلف شمال الأطلسي، ولا يوجد بين هذا الحلف وبين إيران أي حرب أو مشاكل عسكرية، بالتالي لن تكون تركيا طرفا في أي حرب محتملة بين الطرفين".
بدوره، عبر أنس يلمان عن اعتقاده بأن "تركيا لن تسمح باستخدام قاعدة إنجرليك لضرب إيران، مضيفا: "التصريحات التركية التي صدرت اليوم، تؤكد على أن أنقرة ستحاول مع موسكو ومع كل من له دور في المنطقة، كالأمم المتحدة، للتوسط بين إيران وأمريكا".
من جهته، قال سعيد الحاج: "بسبب الحسابات الدقيقة التي ذكرتها، أعتقد أن تركيا لن تكون معنية وستكون رافضة نوعا ما لاستخدام قاعدة إنجرليك في أي مواجهة مفترضة بين إيران وأمريكا، لأن ذلك سيدخلها طرفا في النزاع، وهي لا تريد أن تتحول أراضيها لساحة تصفية حسابات بين الدولتين كما حصل في سوريا والعراق".
وتابع أن ذلك يأتي "لا سيما أن هناك قواعد أخرى للناتو على الأراضي التركية، واستخدام إنجرليك ربما يكون مبررا بالنسبة لطهران، لأن تستهدف اهداف أمريكية أخرى على الاراضي التركية وهذا ما لا ترغب فيه تركيا".
وأوضح: "ربما لن تستطيع تركيا تماما أن تفرض على أمريكا عدم استخدام القاعدة"، مضيفا: "لكن ربما تُستخدم في أعمال غير حربية واضحة مثل تزويد الوقود أو الدعم الاستخباراتي واللوجستي، لكن ليس انطلاق طائرات مباشرة من القاعدة أو الأراضي التركية بين مزدوجين لقصف إيران مباشرة".
وأشار يلمان إلى أن "هناك تنسيقا تركيا روسيا لوساطة بين طهران واشنطن، وذلك لمنع وقوع حرب بين البلدين"، وقال: "سوف تسخر أنقرة وموسكو جميع جهودهما لمنع وقوع هذه الحرب".
وأكد أيضا المحلل السياسي مصطفى أوزجان على أن "هناك تنسيقا تركيا روسيا لوقف التصعيد بين واشنطن وطهران، ولمنع وقوع حرب محتملة بينهما"، وقال: "سيقوم وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بجولة في المنطقة لحل المشكلة بين الطرفين، فالمنطقة برمتها ستتضرر من هذه الحرب لو نشبت".
يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر من عواقب خطيرة لاغتيال سليماني، داعيا كافة الأطراف إلى ضبط النفس، ومؤكدا أن بلاده "بذلت وتبذل ما بوسعها من أجل خفض التوتر الأمريكي الإيراني".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!