ترك برس
تتباين آراء الخبراء والمحللين بشأن خلفية المحاولات الفاشلة التي تقوم بها فرنسا من أجل عرقلة الوجود التركي القوي في ليبيا، والمحددات التي تحكم مواقف الأطراف الدولية المختلفة تجاه الأزمة الليبية في هذه المرحلة.
المحلل السياسي جبريل الزوي، رأى خلال مشاركته في برنامج على قناة الجزيرة القطرية أن تركيا لم تتدخل في الشأن الليبي، بل أتت بناء على مذكرة تفاهم تم توقيعها مع السلطة الشرعية في ليبيا.
ووصف الزوي التصعيد الفرنسي "بالمسرحية والمهزلة"، وذلك لأن فرنسا "عدو" للشعب الليبي وتشعر بخطر سقوط مشروعها في ليبيا.
بدوره، أشار الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل كايا إلى أن فرنسا تتخذ موقفا عدوانيا ضد التدخل التركي في ليبيا، بينما لم تقم باريس بأي مبادرة عند توغل قوات حفتر وسط طرابلس وتوعده بحسم المعركة عسكريا، فضلا عن تلقيه دعما عسكريا فرنسيا بشكل مباشر طوال تلك الفترة.
واعتبر أن تركيا أعلنت أنها مع الحل السياسي، ولكنها تريد أطرافا حقيقية تضمن هذا الحل وتضمن وقف إطلاق النار من قبل قوات حفتر، ولذلك تخشى أنقرة -في حال وقف إطلاق النار- تجميع اللواء المتقاعد خليفة حفتر لقواته والهجوم على طرابلس مجددا.
في المقابل، ذهب محرر الشؤون الدولية في صحيفة "لوفيغارو" رينو جيرار إلى أن التصعيد الفرنسي باتجاه تركيا يعود إلى رغبة باريس في خفض التصعيد بليبيا والوقف الفوري لإطلاق النار، كما تريد من أنقرة وحكومة الوفاق التوقف عن التدخلات العسكرية في ليبيا، لأنه ما من حل عسكري للأزمة هناك.
وأضاف جيرار أن مبعث القلق لدى فرنسا ليس وجود الجيش التركي في ليبيا، بل هو -حسب زعمه- أن "تركيا أتت بآلاف الجهاديين والثوار السوريين الذين كانوا يقاتلون ضد نظام الأسد في سوريا، وهذا ما تعتبره فرنسا تهديدا حقيقيا تعمل على إدانته".
ووجهت تركيا اتهاما غاضبا لفرنسا يوم الثلاثاء بتصعيد الأزمة في ليبيا وانتهاك قرارات الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي من خلال تأييد ميليشيات خليفة حفتر، ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
ويمثل ذلك تصعيدا جديدا في الحرب الكلامية الدائرة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي واللذين يختلفان حول سلسلة من القضايا من بينها ليبيا حيث ساعدت تركيا حكومة الوفاق الوطني في الآونة الأخيرة في صد هجوم بدأته قوات حفتر قبل 14 شهرا على طرابلس.
وكانت فرنسا قد قالت يوم الاثنين إنها تريد إجراء محادثات مع شركائها في حلف شمال الأطلسي لبحث دور تركيا "العدواني" بشكل متزايد في ليبيا، واتهمت أنقرة بإحباط مساعي التوصل إلى هدنة بكسرها حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن الادعاءات بشأن دور تركيا تجاه ليبيا، الواردة في بيان وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، في سياق زيارة وزير الخارجية اليوناني دندياس إلى باريس، تعد مؤشرا جديدا على سياسة فرنسا الغامضة وغير المبررة تجاه ليبيا.
وأضافت: "إن دعم فرنسا للانقلابي القرصان حفتر، الذي سعى لإقامة نظام استبدادي في البلاد من خلال الإطاحة بالحكومة الشرعية في ليبيا والذي أعلن صراحة عدم تأييده للحل السياسي، قد فاقم الأزمة الليبية. إن هذا النهج الفرنسي قد شجع حفتر على الإصرار على الوسائل العسكرية وزاد من آلام ومعاناة الشعب الليبي".
وسبق أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "إحباط المكيدة الدولية التي حيكت ضد ليبيا بفضل الدعم الذي تقدمه تركيا إلى جانب الموقف الحازم لحكومة الوفاق".
وقال أردوغان: "آمل أن تكون النتائج التي تم تحقيقها على الميدان في الفترة الأخيرة هي بشارة بانتصارات ونجاحات أكبر بكثير. سنواصل دعم إخواننا الليبيين حتى يتحقق السلام والاستقرار والعدالة في جميع أنحاء ليبيا".
وتابع: "تركيا ستسخّر كل إمكانياتها المتاحة وخبراتها لمساعدة إخواننا وأخواتنا في كافة المجالات بدءًا من التدريب العسكري ووصولًا إلى إعادة بناء الدولة. نحن سنقف إلى جانب إخواننا الليبيين، وليس مع الانقلابيين والإمبرياليين".
وزارد: "كما أن تركيا ستسخّر كل إمكانياتها وخبراتها لمساعدة الشعب الليبي في مجالات النقل، والطاقة، والدفاع، وتطوير القدرات المؤسسية وغيرها من المجالات الذي هو بحاجة إليها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!