ترك برس
تتباين آراء المحللين والخبراء بشأن أبعاد التوتر الحالي بين تركيا واليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط، ومدى ارتباطه بالسياق الإقليمي الذي يأتي فيه، والمآلات التي يمكن أن يبلغها هذا التوتر، وفرص احتواء مخاطره على المنطقة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحفي بأنقرة، إن بلاده لن تقبل بحبسها في سواحلها من خلال بضع جزر صغيرة مقابل مساحة تركيا الشاسعة، وهي لا تطمع بحقوق وأراضي وبحار أو المصالح الشرعية لأي جهة.
وشدّد أردوغان على أن تركيا مستعدة لحل النزاعات من خلال الحوار القائم على الإنصاف في البحر المتوسط، وستواصل تنفيذ خططها ميدانيا ودبلوماسيا بخصوص البحر المتوسط حتى يحكم التفكير السليم على هذا الأمر.
ولفت إلى أن تركيا أجلت أنشطة البحث الزلزالي لفترة وجيزة كإشارة للنوايا الحسنة بناء على دعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، "إلا أن اليونان أظهرت عدم حُسن نتيها مرة أخرى عبر اتفاقية لا سند قانوني لها وقعتها مع مصر حول ترسيم الحدود البحرية بينهما".
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد أكد أن تركيا اتخذت كل الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها في مناطق نفوذها البحرية شرقي البحر الأبيض المتوسط.
وأكد بيان لوزارة الدفاع التركية، عقب اجتماع أكار مع قادة الجيش، أن سفينة التنقيب والمسح "أوروتش رئيس"، تعمل تحت حماية السفن التابعة للقوات البحرية التركية، في رسائل تأتي تأكيدا لغضب أنقرة التي حملت أثينا مسؤولية التوتر الراهن في المنطقة.
من جانبها، طالبت اليونان باجتماع عاجل للاتحاد الأوروبي لبحث المواقف التركية. أما أوروبيا فقد وصف المتحدث باسم الاتحاد للشؤون الخارجية الوضع في شرق البحر المتوسط بأنه مقلق للغاية، وأنه يستدعي الحوار، لكنه أكد أن الاتحاد يتضامن بشكل كامل مع قبرص الرومية واليونان.
وفي هذا الصدد، يرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية حسن البراري أن الاتفاق المصري اليوناني خطوة ضمن خطوات تستهدف عزل تركيا عن سوق الطاقة، مشيرا إلى منتدى شرق المتوسط للغاز الذي استبعد تركيا دون مبرر اقتصادي.
واعتبر أستاذ البراري خلال برنامج على قناة الجزيرة القطرية أن الخطوات التركية الأخيرة تأتي رفضا لمحاولات عزلها من قبل مصر وإسرائيل واليونان وبتحريض فرنسي ورعاية أميركية.
وأضاف البراري أن الاتفاق المصري الإسرائيلي السابق يسعي لتحويل مصر إلى مركز لتجارة الغاز على حساب خط الغاز الذي تحاول تركيا إنشاءه مع روسيا.
وأشار البراري إلى النظام المصري يمثل أجندات إقليمية لدول تجاهر في عدائها لتركيا، خصوصا الإمارات التي ترفض النموذج التركي في الحكم ممثلا في الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، في مقابل نموذج الانقلاب العسكري في مصر الذي تدعمه.
بدوره قال الصحفي والمحلل السياسي اليوناني يانيس كوتسوميتيس إن اليونان بدأت منذ أيام مباحثات مع تركيا التي غضبت من توقيع بلاده اتفاقية مع مصر، وقررت استئناف عمليات المسح والتنقيب عن الغاز، الأمر الذي توقفت عنه اليونان في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات.
وأضاف كوتسوميتيس أن اتفاق اليونان ومصر لا يتعدى على أي منطقة تركية، مطالبا بأن تتحاور مصر وتركيا وقبرص واليونان للتوصل إلى اتفاق. ونفى تدخل أطراف أخرى في اتفاق بلاده مع مصر، نافيا أي رغبة في عزل تركيا.
في المقابل، قال المحلل السياسي التركي غوركان زينغين إنه لم تكن هناك نية حسنة لدى اليونان في المفاوضات مع تركيا، مشيرا إلى أن اتفاق مصر واليونان يتعارض مع الاتفاق السابق لتركيا مع ليبيا.
وأكد المحلل السياسي التركي غوركان زينغين جاهزية بلاده للتعامل مع السيناريوهات بشأن غاز المتوسط. حسب ما نقلت الجزيرة.
وكانت الخارجية التركية قالت في بيان لها إنه لا تملك اليونان أي أساس قانوني للاعتراض على أنشطة تركيا. كما أوضحنا مرارا وتكرارا في السابق، فإن اقتطاع الجزر اليونانية الموجودة في المنطقة وأولها جزيرة "ميس" للجرف القاري التركي يتعارض مع مبدأ الإنصاف الذي يمثل المبدأ الأساسي للقانون الدولي.
وقالت إن الطرف الذي يقوم بتصيد التوتر في المتوسط ليس تركيا، بل اليونان نفسها. لا يحق لأحد أن يحاول إقصاء تركيا من البحر المتوسط الذي كان تحت الهيمنة التركية لعدة قرون.
وأضافت: "إن أولئك الذين يتصرفون وفق مفهوم "أنا المالك الوحيد للبحر المتوسط" سيخيب أملهم. إن تركيا لديها القدرة والإمكانيات والتصميم لدحر تحالف الشر المشكل ضدها في المتوسط".
وختمت بيانها: "إن تواجد تركيا العسكري في المنطقة ليس هدفه التصعيد، وإنما لاستخدام حقها في الدفاع المشروع فيما لو تطلب الأمر. لن تسمح تركيا لأي تعرض عسكري على سفينة تركية مدنية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!