ترك برس
نشرت شبكة الجزيرة مقالًا للمحامي التركي دينيز باران، عضو هيئة التدريس في قسم القانون الدولي بجامعة إسطنبول، حول المشكلات الأكثر شيوعًا في الجنسية التركية التي تمنح للمستثمرين الأجانب.
وأكد المقال أنه منذ سبتمبر/ أيلول 2018، أبدى المستثمرون العرب اهتمامًا كبيرًا بالحصول على الجنسية التركية عن طريق الاستثمار. وخلال العام الماضي فقط، حصل حوالي 10 آلاف مستثمر على جواز السفر التركي بهذه الطريقة، ولم يتراجع هذا الاهتمام إذ لا يزال الكثيرون يتقدمون للحصول على الجنسيّة كل شهر منذ بداية عام 2021.
وجاء في المقال: على الرغم من أن عدد المستثمرين الأجانب المهتمين بالجنسية التركية عن طريق الاستثمار لا يزال مرتفعًا للغاية، إلا أن الإجراءات أصبحت للأسف أكثر صعوبة مؤخرًا وبات مقدّمو الطلبات يواجهون مشاكل جديدة مختلفة. قد تبدو بعض هذه المشكلات سخيفة في نظر المتقدمين وقد يتهمون محاميهم بتمديد إجراءات تقديم الطلبات وخلق عقبات مفاجئة. لكن في الحقيقة، معظم تلك المشكلات تنشأ في الغالب بسبب الممارسات غير المنسجمة للسلطات العامة التركية، وليس بسبب أخطاء المحامين.
بطبيعة الحال، بعض المحامين أو الوسطاء الهواة أو غير الشرفاء يوقعون عملاءهم في المآزق، لكن ليس هذا السبب الرئيسي للمشكلات الحالية. تتمثل المشكلات الرئيسية فيما يلي: تداعيات جائحة فيروس كورونا على المؤسسات العامة، بعض التغييرات الهيكلية التي طرأت على مكاتب الهجرة والجنسية التركية، والمعطيات المضللة التي قدّمها بعض المستثمرين السابقين وجعلت السلطات التركية أكثر حذرًا (مثل تقديم تقارير تقييم أسعار العقارات التي يمكن التلاعب بها بسهولة).
حاليا، تعقد مجموعة من المحامين، بمن فيهم أنا، سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين الحكوميين لمعالجة المشكلات المستجدّة التي تزعج كلا من المستثمرين الأجانب ومحاميهم. لذلك، يمكننا أن نتوقع أن بعض هذه المشكلات ستُحل في المستقبل القريب وستصبح عملية طلب الحصول على الجنسية أكثر سهولة مرة أخرى مثلما كانت في عام 2019. مع ذلك، إلى حين تطبيق الحلول التي اقترحناها، من الأفضل حثّ المستثمرين الأجانب على معرفة ماهية المشكلات الشائعة التي يمكن أن يواجهوها ويحتاطوا منها.
11 مشكلة من المشكلات الأكثر شيوعًا:
1- كما هو معروف، يجب أن يتم سداد المبلغ المستحق للاستثمار، الذي سيتم استخدامه من أجل طلب الحصول على الجنسية، عن طريق التحويل المصرفي من حساب المستثمر. في حال قدّم المستثمر الأجنبي توكيلًا رسميًا (سلطة رسمية) لطرف ثالث لتسديد المبلغ المستحق نيابة عنه، فإن ذلك يعتبر مقبولًا قانونيًا أيضًا.
– الشروط الوحيدة في هذه الحالة هي:
*يجب منح التوكيل القانوني قبل سداد المبلغ
*يجب ذكر اسم المستثمر الحقيقي بوضوح في بيان التحويل المصرفي. في الواقع، ترفض بعض مكاتب تسجيل سندات الملكية في تركيا مثل هذه الإيصالات رغم أن ذلك ليس من صلاحياتها. في مثل هذه الحالات، ينبغي على محامي المستثمر أن يصر على أن الإيصال سليم من الناحية القانونية وأن مسؤولي المكتب على خطأ.بشكل عام، يوصى بالعمل مع المحامين ذوي الخبرة الذين يعرفون كيفية التعامل مع مكاتب تسجيل سندات الملكية لأن إجراءاتهم تختلف من فرع إلى آخر.
2- ينبغي كتابة الاسم الكامل للمستثمر كما يظهر في جواز السفر على الإيصال البنكي، لأن نسيان أي كلمة قد يؤدي إلى رفض الطلب.
3- إذا استثمر المستثمر في أحد العقارات التي تمنحه إعفاء من ضريبة القيمة المضافة (VAT)، يجب على المستثمر أو من ينوب عنه (محامٍ أو سمسار عقارات) الحصول على عدد من المستندات من دائرة الضرائب التركية. لكي يتقدم ممثل المستثمر لتسلم هذه الوثيقة نيابة عنه، ينبغي ذكر نوع التوكيل على وجه التحديد في الوثيقة الرسمية المقدمة للسلطات.
4- ينبغي على المستثمر التأكد من أن تقرير تقييم سعر العقار تم إعداده بواسطة خبير أو شركة مختصة تتمتع بالخبرة. لقد شاهدنا العديد من المشكلات، وأحيانا حالات احتيال بسبب تقارير أعدها خبراء أو شركات غير مصرح لها أو تفتقد للكفاءة. قد يؤثر ارتكاب أي خطأ على حظوظ الموافقة على الطلب.
5- وثيقة الزواج (أو وثيقة الحالة الاجتماعية إذا كان المستثمر غير متزوج) هي إحدى الوثائق المطلوبة لتقديم طلب الحصول على الجنسية. ومن الوثائق الأخرى المطلوبة، نسخ من جواز السفر وشهادة الميلاد. لكن مكتب الجنسية في تركيا يطلب حاليا أن تكون الوثائق الثلاث صادرة من بلد واحد رغم عدم وجود أساس قانوني لمثل هذا الإجراء. يشكل هذا الطلب الإضافي أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها الأجانب للحصول على الجنسية التركية.
تعدّ قضية المستثمرين الذين تزوجوا في بلد آخر غير بلدهم الأصلي من أكثر المشاكل إلحاحًا التي نعمل على حلّها، ومازلت هذه المشكلة قائمة على الأقل في الوقت الحالي!
6- لا تقبل السفارات والقنصليات التركية في بعض الدول إصدار توكيل رسمي بشأن طلب الجنسية. وفي تلك البلدان، يجب على مقدمي الطلبات إصدار توكيل قانوني من السلطات المحلية ثم ترجمته والتحقق منه من قبل السفارة أو القنصلية التركية. ومع ذلك، قد يكون لكل دولة معايير مختلفة لإصدار التوكيل القانوني، وبالتالي قد لا تتوافق معاييرها في بعض الأحيان مع المعايير المتوقعة من السلطات التركية ذات الصلة.
للتأكد من الامتثال للمعايير المعمول بها، يوصى بشدة بأن يستعين المستثمرون بمحام تركي للتحقق من التوكيل القانوني الصادر عن السلطات المحلية. كما يوصى بشدة بالاستعانة بمحامٍ في التواصل مع السفارة أو القنصلية التركية منذ البداية.
7- قد يكون أبناء المستثمرين دون السن القانونية أثناء تقديم الطلب، ولكنهم قد يبلغون سن الرشد القانوني (عادة أكثر من 18 عاما) في الفترة الفاصلة بين تقديم الطلب وإنهائه.
يظل هؤلاء الأطفال محتفظين بحق الحصول على الجنسية مع والديهم طالما يتم تقديم وثيقتين أخريين مباشرة بعد الانتهاء من تقديم الطلب الرئيسي. ويجب على المستثمرين ومحاميهم توخي الحذر وعدم تخطي هذا المطلب الإضافي. ومن أجل تجنب إضاعة الوقت، يمكن لمقدم الطلب إعداد هذه الوثائق مسبقا.
8- لابد من الإشارة إلى أنه في حال أُنجب أبناء المستثمرين خارج إطار الزواج، فلا يحق لهم الحصول على الجنسية التركية مع المستثمر. وحسب رأيي، تتعارض هذه الممارسة مع الأسس الرئيسية لقانون الجنسية التركية وينبغي تغييرها ولكن المشكلة ما زالت قائمة حتى الآن على الأقل.
9- خلال عملية تقديم الطلب، يتعيّن على المستثمرين الأجانب التقدم بطلب للحصول على تصريح حصري بالإقامة خاص بالمستثمرين قبل تقديمهم طلب للحصول على الجنسية. رغم أن القواعد المعمول بها في تركيا تقتضي أن يكون مقدم طلب تصريح الإقامة مقيما في تركيا أثناء تقديم طلب تصريح الإقامة، إلا أنه فقط في إطار هذا النوع من طلبات تصريح الإقامة، لا يتعيّن على المستثمرين التواجد في تركيا، ويمكن لمحاميهم تقديم الطلبات نيابة عنهم. ومع ذلك، لا يتمتع أفراد أسرة المستثمر بهذا الامتياز على الرغم من أن لديهم أيضا الحق في الحصول على تصريح إقامة المستثمر.
في الواقع، لا يحتاج المستثمرون عادة إلى أن يحصل أفراد عائلاتهم على تصريح الإقامة هذا لأنه ليس سوى مرحلة مؤقتة قبل أن يصبحوا مواطنين أتراك. ولكن في بعض الحالات الاستثنائية، قد يطلب المستثمرون من أفراد أسرهم الحصول على تصريح إقامة للمستثمر أيضا ( على سبيل المثال، من أجل أن يكون أطفالهم قادرين على الالتحاق بالمدارس الدولية في تركيا والتي لا يسمح بها للمواطنين الأتراك). في مثل هذه الحالات، للأسف، يجب على أفراد الأسرة القدوم إلى تركيا أثناء تقديم طلب تصريح الإقامة. أعتقد أنه يجب منح نفس امتياز المستثمر لأفراد عائلته أيضا.
10- إذا أراد المستثمر السوري الذي يتمتع بوضع الحماية المؤقتة في تركيا التقدم بطلب للحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار، فسيتعين على هذا المستثمر مغادرة تركيا مرة ثانية والدخول إليها مجددا قبل التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة المستثمر المذكور أعلاه. هذا عبء غير ضروري تماما يتحمله مقدم الطلب ونحن نضغط من أجل سحبه. لكن على الأقل في الوقت الحالي، ما زالت المشكلة قائمة.
11- في بعض جوازات السفر مثل جوازات السفر الإيرانية واليمنية، لا يتم كتابة الجنسية الوطني لحامل الجواز. إذا كان مقدم الطلب يحمل أحد هذه الجوازات، تطلب السلطات التركية وثيقة إضافية تثبت الجنسية الوطنية لمقدم الطلب.
ملاحظات ختامية:
تمر الجنسية التركية عن طريق الاستثمار بالعديد من المؤسسات العامة مثل مكتب الهجرة ومكتب الجنسية وإدارة الشرطة وما إلى ذلك. لذلك، يبدو أحيانا من الصعب خلق انسجام بين تلك المؤسسات في ظل ظروف الوباء القاسية. بسبب هذه الظروف، أصبحت المدة القياسية لتقديم الطلب تتراوح من ستة إلى سبعة أشهر بينما كانت بين ثلاثة وأربعة أشهر فقط قبل عام 2019. كما تخلق الشكليات المُبالغ فيها وأحيانا إهمال بعض الآليات البيروقراطية في تركيا عقبات غير ضرورية أمام المستثمرين الأجانب.
نلاحظ أحيانا أن المكاتب العامة ذات الصلة لا تعلن حتى عن التغييرات في الإجراءات في الوقت المحدد، لذلك لا يستطيع المتقدمون ومحاموهم اكتشاف التغييرات قبل مواجهة مشكلة جديدة. من ناحية أخرى، قد يعتقد المستثمرون الأجانب أنه يمكن التغاضي عن بعض المشاكل والتأخيرات من أجل الحصول على جواز سفر جديد. هذا هو السبب في أنه من الأفضل أن يتحلى مقدمو الطلبات من المستثمرين الأجانب بالصبر. آمل أن تتحسن إجراءات طلب الحصول على الجنسية التركية قريبا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!