ترك برس
قال المحلل السياسي طارق دياب، إن التقارب التركي المصري، من شأنه أن يحدث صداعاً سياسياً في تل أبيب وأثينا، ويعيد خلط الأوراق من جديد في شرق المتوسط وتحالفاته.
وأضاف في حديث لـ "الجزيرة نت" أن منطقة شرق المتوسط تمر حالياً بمرحلة تجاذبات جيوسياسية، ومحاولة كل طرف تقوية موقفه وتعظيم أوراق ضغطه في مواجهة الآخر سواء كان دولة أو تكتلا.
دياب وهو باحث في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط، قال إن تقارب مصر مع تركيا هو محاولة للضغط على شركاء خط "إيست ميد"، الذي تم استبعاد مصر منه، موضحا أن التقارب مع تركيا تكتيك لإجبار هذا التكتل على وضع مصر ضمن حساباتهم في مشاريع الغاز.
وفيما يخص تركيا، اعتبر دياب أن تقاربها مع مصر يمثل ورقة ضغط قوية تجبر بها اليونان على الجلوس للتفاوض وتقديم تنازلات حقيقية، والتخلي عن سقفها العالي، وحسم الملفات الخلافية في المتوسط وبحر إيجة.
ومن هذا المنظور، أكد أنه من الطبيعي أن يحدث التقارب التركي المصري صداعا سياسيا في أثينا وتل أبيب.
وتوقع دياب أن يعيد التقارب المصري التركي خلط الأوراق من جديد مما يحدث تصدعا جيوسياسيا في شرق المتوسط وتحالفاته، يكون مقدمة لسيناريوهين مختلفين: الأول، زيادة تمتين التقارب بحيث يدخل في شكل تكتل وتحالف إقليمي في شرق المتوسط مواجه للتكتل الآخر، والثاني ألا يتعدى التقارب كونه تكتيكا ولن يسير للأمام طويلا.
وفي حالة السيناريو الأول، أوضح دياب أنه سيكون خيار ترسيم الحدود البحرية بين البلدين مسارا مرجحا لحد كبير، وهذا في حالة إصرار اليونان وقبرص وإسرائيل ومعها الإمارات على المضي قدما في طريقها ومشروعها وعدم أخذ المصالح التركية والمصرية في الحسبان.
أما فيما يتصل بالسيناريو الثاني، فيتوقع دياب في هذه الحالة استيعاب المطالب المصرية بالنسبة لمشروع "إيست ميد"، أو التركية بالنسبة لمفاوضاتها مع اليونان، وهذا السيناريو قد يؤدي تحققه لتأجيل ترسيم الحدود بين مصر وتركيا، لكنه أكد أنها خطوة ستتم لا محالة على المدى البعيد.
واستشرف الباحث المصري أن تكون الصيغة المتوقعة على المدى البعيد متمثلة في أن تتم حلحلة وحسم خلافات شرق المتوسط بالتفاوض وحلول الوسط، لا المعادلات الصفرية بمبادرات ثنائية وجماعية؛ نتيجة قدرة كل طرف على خلط الأوراق، وتهديد وعرقلة أي مشاريع تستثنيه أو تحيده عن استغلال ثرواته من الغاز في المنطقة.
يُشار إلى أنه بعد سنوات من القطيعة السياسية، أسفر التقارب المصري التركي عن تهدئة الصراع الثنائي، وتزايد فرص عودة العلاقات إلى طبيعتها، وسط مخاوف من حلفاء القاهرة في السنوات الماضية من أن يكون لهذا التقارب أثر سلبي على تحالفات مصر الجيوسياسية، خصوصا فيما يتعلق بالنزاع البحري بمنطقة شرق المتوسط.
وما يعزز من فرضية هذه المخاوف لقاءٌ رباعي شهدته قبرص يوم الجمعة الماضي، ضم وزير خارجيتها ونظيريه الإسرائيلي واليوناني والمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، في حين تم استبعاد مصر مجددا بعدم دعوتها إلى تحالف كثيرا ما سعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تدعيمه في السنوات الأخيرة.
وفي تجاهل آخر لمصر، وقع الثلاثي (إسرائيل وقبرص واليونان) في مارس/آذار الماضي اتفاقا لتطوير أطول وأعمق كابل كهربائي في العالم، يربط بين أوروبا وآسيا تحت سطح البحر.
ومطلع العام الماضي اتفق الثلاثي نفسه، بجانب إيطاليا، على تدشين مشروع خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد"، في وقت كانت تأمل فيه القاهرة أن تتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
يأتي هذا في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية التركية تقاربا، حيث ينتظر أن يزور وفد تركي القاهرة في مايو/أيار المقبل تلبية لدعوة مصرية، حسبما كشف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الثلاثاء.
وبدأ التوتر في العلاقات السياسية بين أنقرة والقاهرة، عام 2013، عقب الانقلاب العسكري على محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!