ترك برس
لقي مقترح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تطبيق آلية ثلاثية بمشاركة أنقرة، لتأمين مطار العاصمة الأفغانية كابل، بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، ترحيبا دوليا وإقليميا واسعا.
وفي حديثه للصحفيين، الاثنين، في ختام اجتماعاته مع قادة حلف شمال الأطلسي "ناتو" على هامش قمتهم في بروكسل، قال أردوغان إن تركيا تسعى إلى مشاركة باكستان والمجر في المهمة الجديدة بأفغانستان، بعد مغادرة قوات الحلف والولايات المتحدة.
وأفادت تقارير إعلامية بأن تركيا، التي لم تنخرط قواتها بالقتال في أفغانستان، عرضت تأمين مطار "حامد كرزاي" الدولي، وسط تساؤلات عن كيفية ضمان تأمين طرقات النقل الرئيسية للمطار وداخله، والذي يعد البوابة الرئيسة إلى كابل. وفق تقرير نشرته وكالة الأناضول.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حدد 11 سبتمبر/ أيلول المقبل، موعدا نهائيا لانسحاب جميع قوات بلاده من أفغانستان.
** ترحيب بالمقترح
الولايات المتحدة رحبت، الخميس، على لسان مستشارها للأمن القومي جيك سوليفان، بـ"الالتزام الواضح" من تركيا بشأن تأمين مطار كابل.
وقال سوليفان، في تصريح صحفي: "الالتزام الواضح من قبل القادة أثبت أن تركيا ستلعب دورا رائدا في تأمين مطار حامد كرزاي الدولي"، بحسب ما نقلت قناة "الحرة" الأمريكية.
بدوره، أفاد مشاهد حسين سيد، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الباكستاني، بأن بلاده "ترحب بإعلان الرئيس أردوغان. إنه تطور إيجابي للغاية".
وأضاف سيد، في حديث لوكالة الأناضول، أن إسلام أباد وأنقرة لاعبان رئيسيان من أجل "السلام والأمن والاستقرار في أفغانستان".
وأشار أن "القوات الأمريكية والأجنبية ستترك أفغانستان دون تقديم مساعدة أو عون لها، كما فعلت عام 1989 بعد خروج الجيش الأحمر (الاتحاد السوفيتي) من الدولة التي مزقتها الحرب".
وأكد أن "باكستان لديها مصلحة استراتيجية في (تحقيق) السلام والأمن والاستقرار بأفغانستان، وكذلك تركيا".
في السياق ذاته، اعتبر مانوج جوشي، المحلل السياسي المقيم بالعاصمة الهندية نيودلهي، أن مقترح الرئيس التركي يعد "عمليا".
وأضاف جوشي، للأناضول: "أعتقد أنه (مقترح) عملي لأنه مقتصر على (تأمين) المطار".
وأوضح أن "مشاركة باكستان ستجعل المهمة التركية أسهل، لأن إسلام أباد لديها قدرة السيطرة على لوجستيات حركة طالبان".
** شكوك وترقب
من جانب آخر، يرى رحيم الله يوسفزاي، الخبير في الشؤون الأفغانية، المقيم في باكستان، أن المقترح قد لا يحظى بموافقة كل من "طالبان" وحكومة كابل.
وأضاف للأناضول: "لقد حاربت "طالبان" القوات الأجنبية طوال عقدين، ولذلك من غير المحتمل أن تقبل بوجود أخرى بعد الانسحاب الأمريكي، بغض النظر عن كونها تابعة لدولة مسلمة".
وأكد أنه "سيكون من الأصعب بالنسبة لحكومة كابل، أن تقبل وجود قوات باكستانية على أراضيها".
بدوره، قال عمران الله ناصر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "بيشاور" الباكستانية، إن الولايات المتحدة تحاول إشراك قوات تابعة لدول مسلمة في أفغانستان ضد "طالبان".
وتابع ناصر، للأناضول: "يجب على تركيا وباكستان أيضا إشراك الدول المسلمة الأخرى والتحدث مع طالبان قبل اتخاذ أي قرار".
وبين أنه "في حال موافقة الحركة، فإن التواجد التركي في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، يمكن أن يمنع وضعا شبيها بالحرب الأهلية هناك".
** انقسام أفغاني
ولم تعلق الحكومة الأفغانية، حتى الجمعة، على مقترح تأمين القوات التركية لمطار حامد كرزاي الدولي، الذي تتمركز الأخيرة فيه حاليا.
لكن حركة "طالبان" حذرت، الأسبوع الماضي، من بقاء قوات تابعة لأي دولة في أفغانستان لتأمين مطار كابل، مضيفة أن تواجد أي قوات أجنبية بعد الموعد المتفق عليه للانسحاب "غير مقبول".
وأضافت الحركة، في بيان، أن "كل شبر من الأراضي الأفغانية ومطاراتها وأمن السفارات الأجنبية والموظفين الدبلوماسيين من مسؤولية الأفغان".
فيما قال سيد أبرار حسين، سفير باكستان السابق في أفغانستان: "أعتقد أنه من السابق لأوانه التعليق على أي اقتراح من هذا القبيل، دعونا نرَ كيف ستكون استجابة القيادة الباكستانية له".
وأضاف للأناضول: "أنقرة صديق مخلص لكل من إسلام أباد وكابل، لكن لا ينبغي لباكستان أن تتورط في أي نشاط من هذا القبيل ما لم يطلب الأفغان أنفسهم ذلك".
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وافق البرلمان التركي على مذكرة لتمديد مهام قوات بلاده في أفغانستان، 18 شهرا، اعتبارا من 6 يناير/ كانون الثاني 2021.
وأشارت المذكرة الموقعة من الرئيس أردوغان، إلى تشكيل قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن "إيساف" بأفغانستان في 2001، ضمن إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وفي يناير الماضي، تسلمت تركيا رئاسة قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية، التابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، لمدة عام كامل.
وتعتبر قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية، إحدى فروع قوة الرد لـ "الناتو"، حيث تضم قيادة لواء المشاة الـ66 التابع لها نحو 4200 جندي.
واتفق زعماء دول "الناتو" على إنشاء قوة عمل مشتركة عالية الجاهزية، خلال قمة ويلز عام 2014، عقب أنشطة روسيا الرامية إلى زعزعة الاستقرار في أوكرانيا، والتوترات بمنطقة الشرق الأوسط.
وتعاني أفغانستان حربا منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم "طالبان"، لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر من العام نفسه في الولايات المتحدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!