ترك برس
شهد قطاع العقارات في تركيا عموماً، وفي إسطنبول خصوصاً، ارتفاعاً كبيرا كبيرا في الأسعار، وخاصة فيما يتعلق بالشقق السكنية، وذلك بالرغم من وباء كورونا الذي قلص من نسب الطلب بشكل عام في العديد من القطاعات المختلفة حول العالم.
ارتفاع أسعار العقارات جاء تزامناً مع تواصل حركة مشاريع عمرانية عملاقة ومتسارعة في إسطنبول وأطرافها، لكن تركيز الطلب على مناطق بعينها أكثر من غيرها رفع من قيمة الأسعار إلى حدود تجاوزت الضعف في كثير من الحالات، فضلا عن السرعة الكبيرة في تأجير ما يتوفر من مساكن للباحثين عن الشقق.
وبحسب خبراء الاستثمار العقاري الأتراك فإن عددا من مناطق إسطنبول مثل منطقة باشاك شهير شهدت ارتفاعا لافتا في خاصية جذب المواطنين الأتراك والأجانب على السواء للسكن والاستقرار، الأمر الذي ضاعف عدد سكانها بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة.
وفي معرض تعليقه على الأمر، قال خبير الاستثمار العقاري والمستشار في شركة "امتلاك" العقارية المهندس عبد الله أداك إن الحفاظ على التوازن بين زيادة الطلب على الإيجار وتوفر الشقق السكنية الجديدة هو الضامن الأساسي لاستقرار الأسعار، موضحا أن السبب الرئيسي في قلة عرض الإيجار السكني يكمن في ارتفاع نسبة فوائد القروض المصرفية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."
وأوضح أداك أن نسبة بيع العقارات للمواطنين الأتراك تبلغ نحو 98% من تجارة العقارات وأن ما نسبته 85% من هؤلاء يقومون بالشراء بالاعتماد على القروض المصرفية، وقد دفع ارتفاع نسبة الفوائد بكثير منهم إلى إرجاء فكرة الشراء العقاري أو تأجيلها خشية من تراكم الديون عليهم للمصارف والمؤسسات المقرضة.
وعلى الجانب الآخر، يوضح أداك أن الشركات الإنشائية وشركات المقاولات التركية التي تحتاج إلى تأمين سيولة مالية كبيرة لدوام أنشطتها تعمد إلى تأمين قسم من مصاريفها التشغيلية من خلال القروض المصرفية، مبينا أن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية وأجور العمال بسبب جائحة "كوفيد-19" وعرقلة الحركة التجارية سببت ارتفاعا واضحا في أسعار العقارات الجديدة والتي هي قيد الانشاء على السواء، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية للقطاع الإنشائي، ورفع الطلب على الإيجار على حساب التملك في السوق العقاري بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أي ارتباط بين ارتفاع الإيجار وقلة عرض الشقق السكنية مع الأضرار التي لحقت بالمناطق السياحية التركية الأخرى بعيدا عن إسطنبول مثل أنطاليا وفتحية التي تعرضت لحرائق كبيرة قد تكون سببا في إحجام السياح عن التوجه لزيارتها، أوضح الخبير الاستثماري التركي أن حركة إيجار الشقق في إسطنبول تتوزع على نوعين هما الإيجار السياحي قصير المدى الذي يتمثل غالبه بالشقق المفروشة والإيجار السكني السنوي.
وأضاف أن الحرائق والأضرار التي لحقت بالمناطق خارج إسطنبول أدت إلى زيادة أسعار الإيجار السياحي في إسطنبول بشكل واضح لكن أثرها ليس ملحوظا على الإيجار السكني السنوي.
ولم ينعكس النمو الكبير في المشاريع الإسكانية الذي تشهده مدينة إسطنبول عموما بالإيجاب في حل مشكلة ندرة شقق الإيجار، الأمر الذي يرده أداك إلى أن غالبية هذه المشاريع هي مشاريع فتية في طور النشوء وما زال عدد كبير منها في مراحل التأسيس الأولى، مبينا أن كل مشروع منها يستغرق ما بين 3 إلى 4 سنوات ليدخل خدمة الإسكان بسبب تباطؤ الحركة الإنشائية في الآونة الأخيرة، متوقعا أن يستمر النقص في العرض حتى ذلك الحين.
كما يتوقع أن تسهم عودة الحركة التعليمية لوضعها الطبيعي في الأشهر المقبلة في زيادة الضغط على السوق العقاري وخاصة في إسطنبول نتيجة للطلب الإضافي على شقق الإيجار السكني.
لكنه يرى في المقابل آفاقا لانفراج الأزمة بعد إنهاء الشركات الإنشائية لقسم كبير من مشاريعها وتسليمها، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع العرض، مضيفا أن هذا الارتفاع مرتبط على نحو ما بالتحسن الاقتصادي للبلد وانخفاض نسب الفوائد المصرفية.
من جهتهم، يؤكد الوسطاء العقاريون وأصحاب شركات تأجير العقارات أن مشكلة ارتفاع الطلب على شقق الإيجار تكمن في تضاعف الطلب عدة مرات على الشقق بعد إلغاء الحكومة التركية لأغلب التدابير المتعلقة بمواجهة جائحة كورونا وما أعقب ذلك من حركة سياحية وزيارات كثيفة من قبل الأجانب للمدينة.
وقالت فندة كارجول التي تدير شركة للتسويق العقاري في إسطنبول إن كثيرا من مالكي الشقق السكنية الأجانب في منطقة باشاك شهير كانوا قد غادروا إلى بلدانهم خلال فصل الشتاء الذي شهدت فيه تركيا قيودا صارمة ضمن تدابير جائحة كورونا، وقاموا بتأجير مساكنهم ما منح المنطقة حيوية إضافية في توفر الشقق قبل أن يعودوا للسكن فيها وسحبها من قوائم العرض مع حلول فصل الصيف الجاري.
وأوضحت كارجول أن طبيعة التخطيط العمراني الحديث وتوفر المرافق المريحة للسكن العائلي في منطقة باشاك شهير أسهما بشكل كبير في دفع المستثمرين الأجانب لشراء الشقق السكنية والإقامة فيها، الأمر الذي جعل ملاك الشقق من الأتراك والمستثمرين الأصليين يحجمون عن تأجير شققهم لصالح بيعها وهو ما أسهم في قلة المعروض منها للإيجار فضلا عن ارتفاع ثمنه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!